«دراما الموضة» تضرب «كريستيان ديور»
لا نبالغ إذا صنّفنا المرحلة التي تمر فيها دار «كريستيان ديور» بالأصعب في تاريخها، فما تلبث أن تخرج من أزمة حتّى تغرق بأخرى. توالي الأزمات على بيت الموضة العالمي تجلّى في الناحيتين التجارية والمالية. ففي تشرين الأول الماضي، ترك المدير الإبداعي للدار راف سايمونز مهامه فجأةً، بعد النقد السلبي الذي طال أحدث مجموعات الأزياء في أسبوع «الهوت كوتور» في باريس لخريف وشتاء 2017.
وكأنّ الرياح تجري بعكس مصالح كريستيان ديور منذ فترة، فالرحيل المفاجئ لسايمونز بعدما حقّق نجاحات في العام 2015، لم يكن وقعه عادياً على الإطلاق. فسايمونز صاحب الخبرة الكبيرة في مجال الأزياء، والمدير الإبداعي السابق لماركة Jil Sander استطاع أن يمسك بزمام الأمور. حقّق سايمونز نجاحات محفورة في تاريخ الماركة، ومجموعات أزياء لاقت استحساناً كبيراً لدى الجماهير ونقاد الموضة إضافة إلى إعلائه من شأن الأكسسوارات في أعماله. وهنا لا بدّ من أن نستذكر مجموعة «ديور كروز» 2016 التي عرضت في مدينة كان الفرنسيّة وخطفت القلوب والعقول لجمالها.
لم يخيّب المصمّم الرئيسيّ يومًا آمال الدار، وحافظ على نهج الماركة العريقة، في محاكاة دقيقة للمرأة العصريّة والأنيقة. لكن فجأة ومن دون سابق إنذار، قرر سايمونز التوقّف عن العمل بعد ثلاث سنوات ونصف سنة والتخلّي عن منصبه، فشكّل صدمة لمتابعي الموضة العالميّة. صحيح أنّ إدارة LVMH (تضمّ دار كريستيان ديور) ورئيسها التنفيذي برنارد أرنولت ومديرها التنفيذي سيدني توليدانو حاولوا جاهدين إبقاء سايمونز في الدار، إلا أنّه فضّل المغادرة بحجّة التركيز على علامته التجارية الخاصة.
الصحافة العالميّة لم تقتنع بهذا التبرير، وبعد التدقيق حكي أنّ راف سايمونز غادر بسبب صلاحياته المحدودة وتقييد حريّته على أكثر من مستوى، إلى جانب عقد العمل الدقيق والمجحف بحق المركز الذي يحتله. في المقابل، طرحت مجموعة من الأسماء لخلافة سايمونز، وأشيع أن سارة بورتون ستننقل من دار «ألكساندر ماكوين» إلى «ديور». لكنّ الخبر اليقين أتى منذ شهر وأعلنت «ديور» عن انضمام ماريا غراسيا شيوري لتشغل مكان سايمونز، وهي صاحبة تاريخ حافل في عالم الموضة تحديداً في دار «فالنتينو»، حيث حققت النجاحات القيّمة برفقة المصمم بيار باولو بيكيولي. توضع اليوم آمال كبيرة على شيوري، علّها تستطيع ملء فراغ نظيرها.
لم تقف مشاكل «ديور» عند هذا الحدّ، بل انسحبت أيضاً على التراجع الكبير في نسبة المبيعات خلال الأشهر الماضية، بعدما كانت أفضل حالاً في عهد سايمونز، الذي حققّ تطوراً غير مسبوق في الدار، لذلك لن يكون تعويض غيابه سهلاً. وما زاد الطين بلة مجموعة شتاء 2017 المقدّمة خلال أسبوع الأزياء الراقية في باريس. حصدت المجموعة نقداً سلبياً لاذعا من العاملين في مجال الموضة، ووصفها أحد المواقع الإلكترونية الأجنبية بـ «دراما الموضة»، لأنّها خيّبت الآمال، ولم تعكس مطلقاً أناقة الدار المعهودة. حتّى أنّ البعض شبّهها بملابس لمصممين مبتدئين لا يفقهون شيئاً عن الإبداع. وبذلك تكون «مجموعة ألوان المونوكروم» قد أوقعت الدار في فخ جديد، تحتاج أكثر من موسم أزياء لتخرج منه!
وسط كل هذه الأزمات تعوّل دار «كريستيان ديور» على المديرة الإبداعية الجديدة، لتخرجها من هذا النفق المظلم بواسطة مجموعات الأزياء المقبلة.