العناوين الرئيسيةمرايا

حلف وارسو الذي شكل قوة ردع قوية للقارة الأوروبية طيلة 36 عاما.. في ذكرى انهياره

|| Midline-news || – الوسط 

شهناز بيشاني :

قبل 30 عاما ..وفي مثل هذا اليوم الأول من شهر تموز عام 1991، اختفت منظمة حلف وارسو أو معاهدة وارسو (اسمها الرسمي معاهدة الصداقة والتعاون والمساعدة المشتركين) ، التكتل العسكري لمعسكر الدول الاشتراكية الذي تأسس في عام 1955.

تلك المعاهدة نصت على المساعدة المتبادلة في حالة وقوع هجوم على إحدى دول الكتلة، والتشاور المتبادل في ظروف الأزمات وإنشاء قيادة مشتركة.

اهم أسباب إنشاء حلف وارسو هو :

في منتصف خمسينيات القرن الماضي، بدأت الولايات المتحدة وعدد من الأعضاء الآخرين داخل حلف شمال الأطلسي  بتأييد انضمام ألمانيا الغربية إلى التحالف (حلف الناتو) و أن يسمحوا لها بتشكيل جيش تحت قيود مشددة.

حذَّر السوفييت أن مثل هذا العمل الاستفزازي يمكنه أن يجبرهم على اتخاذ ترتيبات أمنية جديدة في مناطق نفوذهم، و كانوا مُحقِّين في كلمتهم.

انضمت ألمانيا الغربية إلى الناتو رسمياً في 5 مايو/ آيار 1955، و تم التوقيع على إنشاء حلف وارسو بعدها بـ أقل من أسبوعين، في يوم 14 مايو/ آيار.

تشكَّل “حلف وارسو” عام 1955 كرد فعل على قرار الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الأوروبيين إدراج ألمانيا الغربية ضمن منظومة “حلف شمال الأطلسي”، الذي يُعرف اختصاراً باسم “ناتو”.

و كان الناتو  قد  تشكل عام 1949 بوصفه تحالفاً عسكرياً بين الولايات المتحدة وكندا والعديد من الدول الأوروبية لمواجهة ما أسموه  التهديد التوسعي البري الداهم للسوفيات على أبواب أوروبا الغربية.

الدول الأعضاء في حلف وارسو :

ضمّ في عضويته التأسيسية: الاتحاد السوفياتي وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر ورومانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا، وألبانيا التي انسحبت لاحقاً عام 1968.. وفي عام 1963، سعت منغوليا للانضمام إلى حلف وارسو، لكنها حصلت على وضعية “عضو مراقب” إثر ضغوط سياسية مارستها الصين التي أرادت إبقاء جارتها الشمالية في وضع حياديّ.. لكن السوفيات ما لبثوا أن نشروا قواتهم في وقت لاحق عام 1966 في هذه الدولة الآسيوية.

الدولة الأوروبية الشيوعية الوحيدة التي لم تنضم لهذا الحلف هي يوغسلافيا.

مع حلول أواخر ثمانينيات القرن الماضي، بدأت الحركات المناهضة للسوفيات والمعادية للشيوعية في جميع أنحاء أوروبا الشرقية بإحداث شروخ عميقة في جسد الحلف.. وما إن حلَّ عام 1990، حتى تخلّت ألمانيا الشرقية عن اتفاقية تأسيسه استعداداً للوحدة مع ألمانيا الغربية، فيما أعرب القادة السياسيون البولنديون والتشيك عن رغبتهم في الانسحاب، تلتهم تباعاً الدول الأخرى المنضوية.

وبانهيار الاتحاد السوفياتي نفسه في نهاية عام 1991، ومع تفكّك الكتلة الشرقية الاشتراكية، أُعلنت وفاة “حلف وارسو”، لا بل انضمّت بعض دوله إلى “حلف شمال الأطلسي”.

في الرابع عشر من مايو / آيار 1991، انهار “حلف وارسو”، الذي شكل قوة ردع حقيقية في القارة الأوروبية طيلة 36 عاماً، في أعقاب إعلان أعلى هيئة عسكرية سوفياتية تخليها عن قيادة جيوش دول أوروبا الشرقية السابحة في فلك موسكو.

وقد شكّل ذلك الحدث آنذاك، أحدث علامات فقدان سيطرة الاتحاد السوفياتي السابق على حلفائه الأوروبيين عقب انتهاء الحرب الباردة مع دول المعسكر الغربي.. و حل الحلف رسميا في الأول من  يوليو / تموز 1991 م.

لا تختلف نهاية “حلف وارسو” عن نهايات أحلاف عسكرية أخرى ظهرت خلال النصف الثاني من القرن الماضي.

ففي عام 1947 تم تشكيل “حلف الريو” الذي وُقّعت معاهدته فى مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية بهدف إيجاد تعاون وثيق بين دول القارة الأميركية، لكنه ما لبث مع مرور السنين أن شهد انسحابات شملت العديد من الدول ليبقى حبراً على ورق.

وفي عام 1954 أنشأت الولايات المتحدة حلفاً حمل اسم “معاهدة حلف جنوب شرق آسيا” (أو حلف مانيلا) لمواجهة المدّ الشيوعي في المنطقة وضمّ إلى جانبها كلاً من: أستراليا، وفرنسا، ونيوزيلندا، والفيليبين، وتايلند، والمملكة المتحدة، وبروناي وفيتنام، لكنه ما لبث أن حُلَّ في عام 1977.

وفي عام 1955 تشكل “حلف بغداد” المعروف باسم “المعاهدة المركزية”، بعدما وقعت تركيا والعراق ميثاقا ينصّ على تعاون الدولتين فى مجالات الأمن والدفاع، وتُرك باب العضوية مفتوحاً أمام “الدول التي يعنيها الدفاع عن السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط من الخطر الشيوعي”. وضمّ التحالف في أوجه كلاً من: إيران، وباكستان، وتركيا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة. أما العراق الذي كان عضوا مؤسساً فقد انسحب رسمياً عام 1958، لتلحقه باكستان بعدما رفض أعضاء التحالف نجدتها أثناء حربها مع الهند عام 1971، ليتفكّك الحلف وينتهي مع قيام ثورة إيران عام 1979.

أمّا أكثر الأحلاف العسكرية رسوخاً واستمراراً في عصرنا الراهن فهو  “حلف شمال الأطلسي” (الناتو)، الذي تأسس في أبريل (نيسان) 1949، كقوة موازنة للقوة السياسية والعسكرية المتنامية للاتحاد السوفياتي آنذاك. لكن بعض الخبراء الاستراتيجيين يتوقعون للناتو مصيراً مشابهاً لوارسو.

الناتو إلى أين؟

يعتقد الخبراء و المحللون أنه مع انهيار الاتحاد السوفياتي وما تلاه من سقوط للنظم الشيوعية في أنحاء عديدة من العالم، لم يعد الوضع الاقتصادي والسياسي والعسكري المستجد يُبرر إنفاق الولايات المتحدة لأموالها ومواردها العسكرية كما حدث خلال الحرب الباردة..

لذلك تشير التكهنات  إلى قرب تفكّك الناتو.. وحسب ريتشارد كارول، الباحث لدى “بوليسي دايجست”؛ فقد نفد صبر الولايات المتحدة جرّاء رفض غالبية دول الناتو تحمل نصيبها العادل من أعباء الحلف المالية، لا بل لم يخفِ الرئيس الأمريكي السابق ترامب اعتقاده بأن حلف الناتو لم يعد كياناً قابلاً للحياة، وأن انسحاب الولايات المتحدة منه بات ضرورة ملحة. لكن التركيز على قضية التمويل يحجب مشكلات أخرى. فالإحباط يتزايد داخل أروقة الحلف، وهو ما عبّر عنه بوضوح في وقت سابق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث وصف الناتو بأنه يعاني من “موت دماغي”، ويحتاج من أعضائه التوقف عن الحديث حول التمويل طوال الوقت وبذل الكثير من الجهد للتعامل مع المشكلات الاستراتيجية العميقة التي يعاني منها.

ومع تصميم  الولايات المتحدة على نقل مركز ثقلها العسكري من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادئ، فإن التحالف الذي استمر منذ عام 1949  ربما يقترب من نهايته.. و كانت قد تردّدت تسريبات في واشنطن مفادها أنه إذا أعيد انتخاب الرئيس ترامب لولاية ثانية فإنه سيعلن انسحابه من الناتو خلال العام الأول من إعادة انتخابه.

ويرجّح الخبراء السياسيون، في حال استمرار فجوة التباعد بين طرفي الأطلسي، أن تلجأ الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو إلى زيادة إنفاقها العسكري، ليس لصالح الحلف، بل لصالح البدائل المطروحة، وأهمها تأسيس جيش أوروبي بقيادة فرنسا وألمانيا يتحمل مسؤولية الأمن الأوروبي.

ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تتجه دول أوروبا أكثر فأكثر نحو تكثيف التنسيق العسكري في مجالات البنى التحتية الدفاعية وتوحيد نظم التسليح والاتصال والدعم اللوجستي، ليجعلوا أنفسهم أقل اعتماداً على الولايات المتحدة الملوحة من بعيد على الشاطئ الغربي للأطلسي، وأكثر ردعاً في وجه الدبّ الروسي الرابض على بوابات “القارة العجوز” الشرقية.

يبقى أن نذكر : ان حلف وارسو  شكل علامة فارقة في التاريخ، فقد تأسس خلال الحرب الباردة وبانتهائه وضعت الحرب الباردة أوزراها معلنة قيام نظام عالمي جديد تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك