الديك الفصيح .. حقد طبقي
.كنت قصدت محلاً لبيع اللحوم في العاصمة، لأشتري ربع كيلو لحم بقري. فاشترطت على البائع -لأنني لا أشتري اللحم إلا في الأعياد والمناسبات-! أن تكون طرية، لكنه اعتذر معللاً ذلك بأن اللحم قد انتهى وبقيت بعض العظام، مضيفاً “يمكنك أخذها مجاناً لطهيها مع المرق فهي تحيي العظام”.
نظرت إليه متعجباً، من الذي اشترى بهذه الظروف تلك الكمية الكبيرة؟ فأجابني “جاءت سيدة واشترت لكلابها بمناسبة انتهاء عام وبداية عام جديد” كل اللحم لهذا اليوم.
انتفضت عيني من حجريها واقشعر بدني، ثم أخذت العظام وعدت، ولما سألتني زوجتي ماذا أحضرت. قلت لها، عو عو عو وسلمتها العظام…
تعتبر الكلاب من أهم الحيوانات الثدية المدجنة والتي تتنوع بأصنافها، والكلاب حيوانات موجودة بسورية وخاصة النوع السلوقي، منذ القدم لكن لم تكن تربى في غرف النوم، أما اليوم لم يعد الكلب كلباً بل صار يحمل هوية تعريفية باسمه ونسبه وبطاقة صحية بفئة دمه ولقاحاته، وجواز سفر، ولم يعد جاهلاً، اكتسب العلوم الشتى حيث افتتحت له مدارس الإيتكيت والأسواق بشتى بضائعها وحيكت له تصاميم عديدة من الألبسة والأقمشة.
ومؤخراً أيضاً أقتتح في العاصمة أكثر من فتدق (لربما) قد تكون مميزة بإطلالات وحمامات، مع توفير مساجات وملاجئ للكلاب والقطط، وباتت حياة بعض الكلاب تتفوق على حياة العديد من البشر.
لكن لنقل بأنه لا عدل بين الناس لولا حكوماتهم، فالقرار الأخير، كان عظيماً لولا أنه مبلغ رمزي “تستوفى الوحدات الإدارية عن الكلاب الخاصة رسماً وقدره 15000 ل.س خمسة عشر ألف ليرة سورية عن كل كلب وتعطى مقابل ذلك لوحة ذات رقم كل سنة، وكل كلب شارد دون لوحة يحبس ثم يباع إن لم يطلبه صاحبه خلال /48/ ساعة ثمان وأربعين ساعة وإن لم يثبت صاحبه أنه أدى الرسم عنه وقدم لوحته لا يعاد إليه الكلب إلا بعد دفع الرسم المنوه عنه مضاعفاً مع نفقة حبسه، وتستثنى من هذه الرسوم الكلاب المقتناة لحماية المواشي والمزروعات”.
ولاقى هذا القرار احتجاجاً من بعض الناس معتبرين أنه مجحف بحق الكلاب وخاصة أنها كائنات حية، وبدأت لجان شعبية تتشكل للمطالبة بالتراجع عن القرار. بينما نحن الفقراء أصحاب “الحقد الطبقي” كنا نطير فرحاً وخاصة أننا كنا نموت غيظاً عندما يمر كلب مرفه ومدلل برفقة صاحبه ويأخذ بالنظر لنا على أننا كلاب وكلبه هو ابنه البشري الصالح.
.
*هيا صارم
تابعونا على صفحة الفيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews