حزب كومينتانغ الفائز في انتخابات تايوان المحلية.. من هو؟

حزب كومينتانغ الفائز في انتخابات تايوان المحلية من هو؟.. وكيف سينعكس هذا الفوز على علاقات الجزيرة بالبر الرئيسي للصين؟
“أدرك حزب كومينتانغ أنه لا يمكنه الفوز إلاّ من خلال الاتحاد فقط، ولقد منحنا شعب تايوان فرصة.. إنكار الذات هو الفرصة الوحيدة لفوز حزب كومينتانغ بانتخابات عام 2024″.
بهذه العبارة أعلن رئيس حزب “كومينتانغ” إريك تشو فوز حزبه، السبت الماضي، في انتخابات رئاسة البلديات والمقاطعات بـ 13 مقعداً من أصل 21 مقعداً جرى التنافس عليها، بما في ذلك العاصمة تايبيه.
ويُنظر إلى حزب “الكومينتانغ” الآن على نطاق واسع على أنّه أكثر وداً لبكين من الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، وهو يقبل ما يسمى بـ “إجماع عام 1992” ، وهو توافق ضمني يعترف به كل من تايبيه وبكين أنّهما ينتميان إلى “الصين الواحدة” .
اقرأ المزيد…انتخابات تايوان.. الحزب المعارض ينتصر للصين في تايبيه
حزب كومينتانغ الفائز في انتخابات تايوان المحلية من هو؟
“الكومينتانغ” حزب قومي أنهى عهد الملكيات الامبراطورية في الصين (أسرة مانشو)، وتحالف “الكومينتانغ” مع الشيوعيين في الصين في عشرينيات القرن الماضي، وخاض ضدهم حرباً انتهت بانتصار الحزب الشيوعي، وهروب قائد “الكومينتانغ” آنذاك شيانغ كاي شيك إلى تايوان، ومن هناك بدأت قصة الصراع.
ويُعدّ حزب كومينتانغ في الأصل عُصبة ثورية أطاحت النظام الملكي الصيني، وأصبح القوميون حزباً سياسياً في 1912 وهو العام الأول للجمهورية الصينية.
تقول دائرة المعارف البريطانية إن الكومينتانغ أو الحزب القومي الصيني هو حزب سياسي حكم كل أو جزء من البر الرئيسي للصين بين عامي 1928 و1949 ثم حكم تايوان لاحقاً في عهد تشانغ كاي تشيك وخلفاؤه لمعظم الوقت منذ ذلك الحين.
موقع تايوان الجغرافي..
تقع تايوان على بُعد نحو 100 ميل من ساحل جنوب شرقي الصين، ضمن ما تسمى «سلسلة الجزر الأولى»، والتي تبدأ شمال اليابان وتمتد جنوب غربي تايوان والفلبين قبل أن تعرّج نحو فيتنام، أي إن هذه السلسلة تتضمن مجموعة من الأراضي الصديقة للولايات المتحدة.
وكان أول المستوطنين المعروفين في تايوان هم قبائل أوسترونيزيان، الذين يُعتقد أنهم أتوا من جنوب الصين الحالية، ويبدو أن الجزيرة ظهرت لأول مرة في السجلات الصينية عام 239 بعد الميلاد، عندما أرسل الإمبراطور كتيبة لاستكشاف المنطقة، وهو سلوك تتبعه بكين لدعم مطالباتها الإقليمية.
بعد فترة وجيزة نسبيا من كونها مستعمرة هولندية (1624-1661)، كانت تايوان تدار من قبل أسرة تشينغ الصينية من 1683 إلى 1895، وفي عام 1895، انتصرت اليابان في الحرب الصينية – اليابانية الأولى، واضطرت حكومة تشينغ إلى التنازل عن تايوان لليابان وفقا لمعاهدة “سيمونسكي”.
خلال حرب المقاومة الصينية ضد العدوان الياباني، تم تأسيس جبهة متحدة قومية لمقاومة العدوان الياباني بين حزب كومينتانغ الصيني والحزب الشيوعي الصيني نتيجة لدفع الأخير والقوى الوطنية الأخرى وذلك من أجل التصدي لعدوان اليابان، واستولت الصين على الجزيرة مرة أخرى في عام 1945 بعد خسارة اليابان في الحرب العالمية الثانية.
وبعد انتصار حرب المقاومة ضد العدوان الياباني كان من المفروض أن يواصل الحزبان العمل معاً، غير أن كتلة حزب الكومينتانغ برئاسة تشيانغ كاي شيك وبالاعتماد على دعم الولايات المتحدة مزقت اتفاقية 10تشرين الأول/ أكتوبر الموقعة من قبل الحزبين حسب مصادر صينية، ونشبت حرب أهلية في الصين القارية بين القوات الحكومية القومية بقيادة تشيانغ كاي شيك، والحزب الشيوعي الذي يتزعمه ماو تسي تونغ. وانتصر الشيوعيون في عام 1949 وسيطروا على بكين.
ونتيجة لذلك، فر تشيانغ كاي شيك ومَن بقي من الحزب القومي إلى تايوان، حيث أطلق الكومينتانغ عليها الصين الوطنية وزعموا أنهم يمثلون الصين الموحدة وحكموا لعدة عقود تالية.
مسألة تايوان ومسؤولية حكومة الولايات المتحدة..
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وفي ظل المواجهة بين المعسكرين الشرقي والغربي ، كانت الحكومة الأمريكية انطلاقاً مما يسمى باستراتيجيتها العالمية واعتباراتها في الحفاظ على مصالحها، لا تألو جهدا في دعم كتلة حزب الكومينتانغ لشن حرب أهلية وذلك بإمدادها بالأموال والأسلحة والأفراد.
ولكن الحكومة الأمريكية لم تحقق في النهاية هدفها المنشود حيث اضطرت إلى أن تعترف بذلك في الكتاب الأبيض الذي أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية في عام 1949 والمعنون علاقات الولايات المتحدة مع الصين وفي خطاب دين أتشيسون وزير الخارجية إلى الرئيس هاري تورمان حيث قال دين أتشيسون إن الخاتمة المشؤومة للحرب الأهلية الصينية تجاوزت حدود قدرة الحكومة الأمريكية السيطرة عليها، وهذا أمر مؤسف، ولكن لا يمكن تجنبه أيضاً، وهذه الخاتمة أتت لا بسبب تقصيرنا في شيء إنما هو نتيجة لتفاعل كافة القوى في داخل الصين، هذه القوى التي كنا نحاول أن نؤثر عليها ولكن دون جدوى في ذلك.
و لم تكتف الحكومة الأمريكية باتخاذ سياسة العزل والاحتواء ضد الصين الجديدة، بل قامت بتدخل عسكري بعد اندلاع حرب كوريا، ففي 27 حزيران/ يونيو عام 1950 أعلن الرئيس الأمريكي هاري تورمان في تصريح له قائلاً: أمرت الأسطول السابع بأن يصد أي هجوم على تايوان، فغزا الأسطول الأمريكي السابع مضيق تايوان وجاءت الوحدة الجوية الأمريكية الثالثة عشرة لترابط في تايوان، إلى أن وقعت الولايات المتحدة مع سلطات تايوان معاهدة الدفاع المشترك المزعومة في كانون الأول/ ديسمبر عام 1953 واضعة مقاطعة تايوان الصينية تحت الحماية الأمريكية .
وفي سبيل تخفيف حدة التوتر في منطقة مضيق تايوان واستكشاف سبل حل النزاعات بين الصين والولايات المتحدة ، بدأت الحكومة الصينية الحوار مع الولايات المتحدة منذ أواسط الخمسينيات، وفي الفترة ما بين آب/ أغسطس عام 1955 وشباط/ فبراير عام 1970 أجرت الصين والولايات المتحدة إجمالا 136 جولة من المباحثات على مستوى السفراء، غير أنهما لم تحققا أي تقدم حول موضوع حاسم وهو تخفيف وتبديد حدة التوتر في منطقة مضيق تايوان حتى وصل الأمر إلى أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات حيث بدأت الولايات المتحدة بتعديل سياستها تجاه الصين مع تطور وتغير الأوضاع العالمية، وتنامي قوة الصين الجديدة بحيث ظهر ذوبان الجليد تدريجيا على العلاقات بين البلدين.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 1971 أجازت الدورة الـ 26 للجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 2708 الذي يقضي بإعادة جميع الحقوق المشروعة لجمهورية الصين الشعبية في الأمم المتحدة وطرد مندوب سلطات تايوان، وفي شباط/ فبراير عام 1972 قام ريتشارد نيكسون الرئيس الأمريكي بزيارة إلى الصين وأصدر الجانبان الصيني والأمريكي خلالها في شانغهاي بيانا مشتركا ورد فيه: إن الجانب الأمريكي أعلن أن الولايات المتحدة تعترف بأن جميع الصينيين على أي من جانبي مضيق تايوان يعترفون أن هناك صيناً واحدة فقط، وأن تايوان جزء من الصين، وحكومة الولايات المتحدة لا تتحدى هذا الموقف.
وفي كانون الأول/ ديسمبر عام 1978 قبلت الحكومة الأمريكية المبادئ الثلاثة التي اشترطتها الحكومة الصينية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، وهي قطع الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع سلطات تايوان وإلغاء معاهدة الدفاع المشترك وسحب قواتها العسكرية من تايوان .
فأقامت الدولتان العلاقات الدبلوماسية بصورة رسمية بتاريخ 1 كانون الثاني/ يناير عام 1979، وأعلن البيان المشترك لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هي الحكومة الشرعية الوحيدة في الصين، وأن الشعب الأمريكي سيحافظ في هذا الإطار على اتصالات ثقافية وتجارية وغيرها من الاتصالات غير الرسمية مع أهالي تايوان، وأن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بموقف الصين المتمثل في أن هناك الصين الواحدة فقط، وأن تايوان جزء من الصين، وبذلك تم تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة .
ولكن لم تمض إلا 3 أشهر على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة حتى أجاز الكونجرس الأمريكي ما يسمى بـ “قانون العلاقات مع تايوان ” ووقع عليه الرئيس الأمريكي ليدخل حيز التنفيذ، وورد في هذا القانون كالتشريع الأمريكي المحلي كثير من المواد المنافية للبيان المشترك لإقامة العلاقات دبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وواصلت الحكومة الأمريكية استنادا إلى هذا القانون بيع الأسلحة إلى تايوان والتدخل في شؤون الصين الداخلية معيقة إعادة توحيد تايوان مع البر الرئيسي.
ومن أجل حل مشكلة بيع الولايات المتحدة الأسلحة لتايوان، توصلت الحكومتان الصينية والأمريكية عبر مفاوضات إلى اتفاقية في 17 آب/ أغسطس 1982 وأصدرتا بياناً مشتركاً ثالثاً حول العلاقات الصينية الأمريكية يطلق عليه اختصارا بيان 17 آب/ أغسطس، وأعلنت الحكومة الأمريكية في البيان أنها لا تسعى إلى تنفيذ سياسة خاصة ببيع الأسلحة لتايوان على المدى الطويل وأن مبيعاتها من الأسلحة لتايوان سوف لا تتجاوز نوعاً..مستوى الذي تم تقديمه خلال السنوات الأخيرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأنها مستعدة لخفض مبيعاتها العسكرية لتايوان بصورة تدريجية وصولاً إلى تسوية نهائية بعد فترة من الزمن .
غير أنه خلال أكثر من 10 سنوات لم تتخذ الحكومة الأمريكية بصورة جدية ما ينص عليه البيان، بل قامت بانتهاكات غير منقطعة لأحكام البيان حتى قررت بيع 150 طائرة مقاتلة من طراز أف-16 ذات النوعية العالية لتايوان في أيلول/ سبتمبر 1992، الأمر الذي أضاف عوائق وعراقيل جديدة أمام تطور العلاقات بين الصين والولايات المتحدة وحل مسألة تايوان.
و مازالت مسألة تايوان تتفاقم وتأخذ صراعاً أكثر حدة بين بكين وواشنطن، وبينما تعد الصين تايوان مقاطعة انفصالية ستخضع في النهاية لسيطرة بكين مرة أخرى، ترى تايوان نفسها دولة مستقلة لها دستورها وقادتها المنتخبون ديمقراطياً، وتحمل الصين حكومة الولايات المتحدة المسؤولية عن عدم تسوية مسألة تايوان حتى الآن..
وحالياً، هناك 13 دولة فقط تعترف بتايوان كدولة ذات سيادة، في حين تمارس الصين ضغوطاً دبلوماسية كبيرة على الدول الأخرى لعدم الاعتراف بتايوان، أو القيام بأي شيء يلمّح إلى هذا الاعتراف.
ماذا لو اتجهت الصين إلى حل مسألة تايوان عسكريا؟.. هل تستطيع تايوان الدفاع عن نفسها؟
يمكن أن تحاول الصين تحقيق الوحدة مع تايوان بوسائل غير عسكرية مثل تعزيز العلاقات الاقتصادية، لكن في أي مواجهة عسكرية، فإن القوات المسلحة الصينية ستفوق تلك الموجودة في تايوان.
تنفق الصين أكثر من أي دولة (باستثناء الولايات المتحدة) على الدفاع ولديها قدرات حربية هائلة، من القوة البحرية إلى تكنولوجيا الصواريخ والطائرات والهجمات الإلكترونية.
وفي صراع مفتوح، يتوقع بعض الخبراء الغربيين أن تايوان يمكن أن تهدف في أحسن الأحوال إلى إبطاء هجوم صيني، ومحاولة منع هبوط القوات البرمائية الصينية على الشاطئ، وشن هجمات حرب العصابات أثناء انتظار المساعدة الخارجية، ويمكن أن تأتي تلك المساعدة من الولايات المتحدة التي تبيع الأسلحة لتايوان.
وطوال السنوات الماضية، كانت واشنطن دائماً ما تنتهج سياسة «الغموض الاستراتيجي» في هذا الشأن، ولم تكن تشير بوضوح ما إذا كانت ستدافع عن تايوان أو كيف ستدافع عنها في حالة وقوع هجوم.
لكن في آيار/ مايو الماضي، سئل الرئيس الأميركي جو بايدن عمّا إذا كانت الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان عسكرياً، ليجيب قائلاً: «نعم».
لماذا تعد تايوان مهمة بالنسبة لبقية العالم؟
الاقتصاد التايواني مهم للغاية.. يتم تشغيل الكثير من المعدات الإلكترونية المستخدمة يومياً في العالم ــ من الهواتف إلى أجهزة الكومبيوتر المحمولة والساعات ووحدات التحكم في الألعاب ــ برقائق إلكترونية مصنوعة في تايوان، ووفقاً لأحد المقاييس، تهيمن شركة تايوانية واحدة، هي شركة «تايوان سيميكونداكتور» على أكثر من نصف السوق العالمية في صناعة الرقائق.
وقد يمنح الاستحواذ الصيني على تايوان بكين الفرصة لتقييد هذه الصناعة التي تحتاج إليها دول العالم كله.
الإعداد: شهناز بيشاني
المصدر: صحف، مواقع إخبارية، وكالات
لمتابعتنا على الفيسبوك – تلغرام – تويتر