جمعية لحقوق القارئ! .. أحمد علي هلال ..

|| Midline-news || – الوسط …
.
لا يذهب السؤال إلى ماهية القارئ، سواء ولد من رحم نظريات وأطروحات شتى أم لم يولد بعد، لا حاجة لتساؤل استنكاري هنا.. فقد أتاح التنظير المترف “لموت المؤلف” ولادة طبيعية للقارئ وبشكل أوسع، انبلاج فجر جديد المتلقي وتخصيبه المستمر وهكذا شهدت مؤسسة الكتابة اندياح ما عرف بسلطة المؤلف، لتأتي سلطة القارئ، لكنها “سلطة، بلا حقوق أو حماية محتملة، بعد أن توطدت على مستوى الأعراف والتقاليد –على الأقل- حقوق المؤلف والناشر والموزع والمترجم والترجمة، لتمتد إلى الفن والدراما، بل إن ما نشهده من سجالات ساخنة ليأخذنا إلى مفارقات ذات طبيعة درامية لجهة البحث عن المؤلف الحقيقي لنص درامي بعينه لضمان حقوقه في الحدود الدنيا!
ما هي حقوق القارئ في ضوء ما يواجهه من إكراهات مديدة تكاد تعصف بذائقته أولاً، وهل تستوي دون جمعية أو مؤسسة أو هيئة أو…
مسكين قارئ اليوم إزاء ما يواجه من إبداع يتشابه حدّ النسخ والتقليد، هل هي غريزة قطيع إبداعية، فالاختلاف مكروه والتشابه نعمة وفرادة الصوت نقمة، والشعر الذي يماثل بعضه لا يريد أخاً شقيقاً، وعمال الكتابة لديهم بطبيعة الحال ما يدخرونه مثلجاً لحظة الطلب، أما الرواية فتكفي صدمة واحدة يعيشها غيرك لتكبتها أنت أما تجربتك مما زالت قيد الاكتمال، فلا تفسدها بفضيحة مدوية، فالواشون بالانتظار وما يشايعهم من نقاد يشحذون أسلحة معرفية، جرّبت في غير مكان.
مسكين قارئ اليوم في معاناته الأمرّين، إن قرأ، أو تهرّب بحيلة مدبّرة، اتقاء لشرور “نارسيس” يمكث في زوايا مكتبته العامرة بالأزياء الفكرية والإبداعية والفنّية وسواها، يطل عليه ثلة مؤلفون من نوافذ حلمه ليسألوه: أين وصلت قراءته لأسفارهم البديعة، ينهض نشيطاً ليبحر في صفحات تزيد عن سنين عمره وتفيض عن وقته، يلاحق شخوص الروايات يجب أن لا ينسى أسمائهم، يسجّلها ليحصي خطاهم وتسكعهم في الحواري، وإن أفرحته نجاة بعضهم من عاصفة عاطفية، كافأ زوجته في الصباح بمزيد من الكتب يتأبطها باسماً شاكراً المطبعة على ولادتها الطبيعة وليس القيصرية لصنوف الإبداع، وعليه أن يستمر بالهضم، وإن أصابه عسرٌ قال: “استفقادة الله رحمة”.!
ويبدو أن فكرة الجمعية راقت لكاتب حريص على القارئ من غشّ البعض لمنتوجهم الإبداعي فقال: لا بد من استحداثها أي جمعية حماية القارئ، ورأى بأن تكون رئاستها مؤلفة من قاضٍ ثقافي وطبيب وحلاق وجلاد!
ويرى “أنه قبل نشر المطبوعات الثقافية والصحفية والكتب، تعرض على الجمعية المستحدثة يقرأ القاضي ما كتب الكاتب…. ويخضع نفسه لفحوص طبية، فإن بدت عليه عوارض ناتجة عن سوء هضم المادة التي قراها يصدر حكمه من خلال معاناته… فيأتي دور الجلاد والحلاق… فإن كان المقال خمس صفحات جلد خمس جلدات وهكذا، ليتدخل الطبيب للعلاج، ومن كان هزيلاً من الكتاب تؤخذ بحقه عقوبة مخففة، فإن كان الكاتب ممن أرسلوا شعورهم ولحاهم يحلق شعره على الصفر، وإن كان أقرع تماماً يحكم عليه بوضع شعر مستعار وإن كان لا يزال على رأسه بعض الشعر ينتف نتفاً”.
هذا ما رآه صديقنا الكاتب “عبد الأمير عبد الله”، في يومه السابع وما زال يحلم به أي جمعية تحمي القارئ، وبلائحة تنفيذية كما تضمنتها رؤيته، فاتني أن أقول أن أولئك الأربعة ما زالوا يتموضعون داخل القارئ نفسه ولا ظهور عياني لهم، ولحين ظهورهم، أسمح لنفسي –كقارئ محتمل- أن أبدي قليلاً من التواطؤ الضمني حينما أخلد للحلم، أما حينما تفاجئ يقظتي، عشرات المطبوعات فأعد بالتهامها، فما كتب على الجبين يجب أن تراه العين، شئت أم أبيت اللهم فاشهد..