كيف وصلت جانيت يلين إلى قمة الهرم الاقتصادي الأمريكي؟

سلّط كتاب اقتصاديات التعاطف من تأليف “أوين أولمان” الضوء على أهم الخصائص التي تتسم بها “جانيت يلين” والتي أهلتها لرئاسة ثلاثٍ من أكبر مؤسسات السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مجلس المستشارين الاقتصاديين، والاحتياطي الفيدرالي، ووزارة الخزانة.
إن جانيت يلين هي الشخص الوحيد الذي شغل المناصب الثلاثة فضلاً عن كونها امرأة وقد برعت خلال مسيرتها الأكاديمية والسياسية في مهنة صعبة، وقدمت نموذجاً يُحتذى به للنساء في شتى بقاع العالم.
إن يلين امرأة من طراز فريد تجمع بين الخبرة الواسعة والملاءة المالية المؤكدة والانفتاح الذهني إلى جانب الحس السليم الضروري والنبرة الهادئة، كلها صفات تجعل “جانيت يلين” أفضل مرشح لهذه المهمة التاريخية.
ويُحسب لها أنها تولت أدواراً قيادية ومسؤوليات مرهقة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ليس من أجل المكانة أو السلطة ولكن لتحسين حياة الأمريكيين العاديين.
وُلدت “يلين” في “بيركلي” في 13 أغسطس/آب 1946 في بداية فترة ما بعد الحرب العالمية، وتخرجت كخبيرة اقتصادية من جامعة “براون”، وحصلت على الدكتوراه من جامعة “ييل” في عام 1971.
وبدأت يلين حياتها المهنية كأستاذة في جامعة “هارفارد” عام 1971، وانتهى بها الأمر في عام 1980 في “بيركلي”، حيث سعت للتوفيق بين تفانيها في التدريس والمشاركة في مناصب مختلفة داخل الاحتياطي الفيدرالي.
وفي الفترة بين عامي 2004 و2010 تقلدت “يلين” منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو وتولت في العام نفسه منصب نائبة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وتولت “يلين” رئاسة الفيدرالي في فبراير/شباط 2014 عن عمر يناهز 67 عاماً بناءً على ترشيح من الرئيس باراك أوباما.
ويقدم كتاب اقتصاديات التعاطف أيضا سردًا رائعًا لتطور سياسة الاحتياطي الفيدرالي خلال فترة ولاية “يلين” كنائبة للرئيس ثم كرئيسة. بصفتها نائبة الرئيس.
عملت عن كثب مع الرئيس “بن برنانكي” لوضع سياسات جديدة لمواجهة التحديات الجديدة التي أعقبت الأزمة المالية 2007-2009، بما في ذلك التيسير الكمي غير المسبوق والمثير للجدل.
كانت “جانيت” الخيار الأمثل لتقلد منصب وزير الخزانة من قبل الرئيس الأمريكي “جو بايدن” بيد أنها لم تكن متحمّسة لهذا المنصب، بل كان لديها تحفظات على قبوله.
لكن التزامها بالخدمة العامة أقنعها بتولي الوظيفة، مما يعكس إيمانها بأن السياسات الجيدة يمكن أن تحدث فارقاً كبيراً في حياة الناس أو على حد قولها: “تريد أن تكون جزءاً من الحلول”.
ويوثق الكتاب الأدوار الرئيسية التي لعبتها “جانيت” في تطوير الأجندة الاقتصادية للرئيس الأمريكي جو بايدن وهي أجندة أعادت الاقتصاد إلى قوته التي كان عليها قبل الوباء.
وأدى ذلك إلى انخفاض قياسي في معدلات البطالة، وخلق فرص عمل قياسية، وعمل طفرة في الأجور، خاصة بالنسبة لمنخفضي الدخل، وتراجع العجز.
لكن التضخم وصل أيضاً إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً نتيجة كل من قوة الطلب ونقص العرض، وقد أقرت جانيت بأنها، شأنها في ذلك شأن معظم خبراء الاقتصاد الكلي، قللت من تقدير تأثيرات التضخم.
ويحتوي قانون الحد من التضخم الذي أصدرته الإدارة على تدابير مهمة لمكافحة التضخم، بما في ذلك خفض العجز من خلال فرض حد أدنى للضريبة على الشركات بنسبة 15% وتوفير الموارد لمصلحة الضرائب لتحصيل ما يقدر بنحو 600 مليار دولار من الضرائب غير المحصلة.
ولطالما كانت “جانيت” من المدافعين عن التمويل الكافي لمصلحة الضرائب الأمريكية، وقد قادت تكلفة اتفاقية عالمية، موقعة الآن من قبل أكثر من 130 دولة، لمعدل ضريبة الشركات الأدنى لا يقل عن 15%. ستكون هذه الاتفاقية بمثابة إرث مهم لوزارة الخزانة الأمريكية في ظل القيادة الحكيمة لجانيت.
المصدر: موقع California Management Review