رأي

جائحة نقد الأعمال الدرامية .. طارق عجيب

“خلطبيطة” .. أول توصيف يتبادر إلى الذهن لما نقرأه ونتابعه في نقد الأعمال الدرامية العربية ونجومها ومخرجيها وباقي تفاصيلها، رغم الحضور المُهمَّش لبعض أصحاب الاختصاص وبعض المهنيين المتابعين بدقة.

النسبة الطاغية من المنتقدين هم ممن لا يَمَتُّون للعمل الدرامي ولا النقدي ولا الثقافي ولا الفني ولا الصحفي بأي صلة، وتتنوع أسباب تناولهم للأعمال الدرامية ونجومها.

أول هذه الأسباب هو الغرام والعشق والهيام بجمال النجوم ومفاتنهم وتضاريسهم وملابسهم وسوبرمانيتهم واستعراضهم وحركات إغرائهم وغرائبية تصرفاتهم ومفرداتهم النابية والوضيعة وحركاتهم “القرعة” وفضائحهم وكل ما يتبع ذلك من إيحاءات وتلميحات وممارسات تُرضي شغف غالبية جمهورهم ممن يمكن توصيفهم بالرُعاع، وهم الخزان الأكبر للمتابعين والداعمين على منصات وصفحات االسوشيال ميديا.

ومن الأسباب أيضاً، الدفاع بشكل أعمى ومستميت ومتطرف عن المرجعيات والإيديولوجيات التي يستند عليها المنتقد في تقييمه للعمل، إن كان لموضوع العمل، أو لنجومه أو منتجه أو مخرجه، فهنالك من يقيم ما يشاهد استناداً إلى معايير فهمه وقناعاته الدينية أو المذهبية أو السياسية أو العرقية أو العنصرية وغير ذلك من إيديولوجيات تنسف  مصداقية وحيادية ومهنية أي نقد لأي عمل.

من الأسباب المهمة أيضاً لوثة النجومية على السوشيال ميديا بأي ثمن، ومحاولة التكسب المالي منها، لذلك نرى التهافت والتسابق المحموم على التوصيف الإيجابي المغالي في التمجيد والتلميع والتفخيم، أو الانتقاد الفظ والجارج والمسيء، للأعمال والنجوم والمخرجين والمنتجين والقنوات التلفزيونية، من كل من يريد أن يكون “صاحب رأي ومؤثر ومستفيد” على السوشيال ميديا.

نسبة لا بأس بها من المنتقدين هم من جماعة “بيت فستق”، المدّاحين والمُتملقين في الوسط الفني وسوق التقد الدرامي، الذين يستثمرون هذه المناسبات للتملق والتقرب ونسج علاقات جديدة وجيدة وخاصة مع النجوم والمخرجين والشركات من خلال كيل المديح المُغرق بالتوصيفات المبالغ فيها بشكل تهريجي، أو الاستفزاز للسعي لإرضاء المنتقد بطريقةٍ ما.

يضاف إلى “بيت فستق” مجموعة المكلفين بتوجيه النقد الإيجابي أو السلبي لأهداف تنافسية أو شخصية أو لإلهاب حماسة “الرُعاع” والتحشيد خلف أعمال ونجوم معينين.

وتظهر بشكل واضح أيضاً جماعة “اللي ما يعجبه العجب”، الذين تطغى الأنا المتضخمة عندهم على أي منطق أو موضوعية في تناول العمل أو نجومه ومنتجيه.

يتبقى بعض المختصين، وتتفاوت درجة مهنيتهم في تقييم ونقد الأعمال بكل مكوناتها، كما تختلف اختصاصاتهم في تفاصيل العمل الدرامي، لذلك يضيع الثمين في طوفان الغَث الذي يُغرق “سوق النقد“، ونرى أيضاً تخبطاً إلى حدٍ كبير فيما يكتبونه، ما يُسهم في تكريس توصيف “خلطبيطة” لما نتابعه في “سوق النقد”.

المنطق يقول أن نقد العمل بشكل سليم يكون بعد متابعته كاملاً، أمّا خلال عرضه فيكون النقد للأداء في كل حلقة، للممثلين والمخرجين ومطبات السيناريو والنص.

حُمَّى النقد التي نتابعها هي بمثابة جائحة “رمضانية” من الصعب كبح جماحها أو تفنيدها أو تشذيبها، خاصة في ذروة نشاط مسبباتها من أعمال درامية يتم تصنيعها وتجميعها للبث في موسمٍ واحدٍ لغاياتٍ ربحية بشكل شبه مطلق إلا لبعض الأعمال التي لها غايات غير ربحية وبعضها للأسف له غايات غير حميدة.

 

*رئيس التحرير 

 

إقرأ أيضاَ .. ذهنية أوروبا تستعمر واقعيتَها ..

إقرأ أيضاً .. قرابين النظام العالمي الجديد بين الشرق والغرب ..

 

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى