“ثقافة الحياة” .. حسين شعبان

|| Midline-news || – الوسط …
.
من المفهوم أثناء هذه الظروف الرهيبة أن نتحدث في الليل والنهار عن الحرب, عن الفقر, عن الوضع المعيشي, عن الواقع الأليم والمستقبل المجهول. وطبعاً الأحاديث المرتبطة عضويا بها. الفساد والفشل الحكومي وجشع التجار وتغوُّل المسؤولين, وانعدام الشفافية, وموقف الدول الحليفة الملتبس.. وفقد المحروقات وواقع الكهرباء, وانهيار الليرة والأهم الشهداء والجرحى ومنعكسات هذه الكوارث من أرامل ويتامى وأرزاق معطلة وأحلام مدمرة.
طبعاً، الآن تسري موضة الحديث عن الهجرة والسفر ووو. لكنني أتذكّر أنه في الحرب الأهلية في لبنان التي استمرّت 15 عاما (من 76 إلى 1990) وبظروف شبيهة نوعاً ما لظروف حربنا هذه, وربما أسوأ في مفاصل ما! من إرهاب وانهيار الليرة اللبنانية وفشل المؤسسات وتفكك الجيش واجتياح بيروت والمنظمات الفلسطينية وأمراء الحرب. أتذكر أن أجمل الأعمال الفنية والأدبية خرجت من رحم تلك الفترة.. في الموسيقا كانت هناك أرقى أعمال الرحابنة وفيروز, وأهم الأعمال المسرحية. وبالطبع مع وديع ونصري وصباح ومروان محفوض وسمير يزبك وشويري, وجيل فيلمون وجوزيف صقر، والظاهرة زياد الرحباني الموسيقار والفيلسوف ومسرحياته الرهيبة وحتى مارسيل وماجدة وجوليا وأسماء لا حصر لها.
وفي الأدب والدراسات والفلسفة ظهرت كوكبة عظيمة أصدرت أعمال تعتبر أسفار في عالم المعرفة مثل حسين مروة في (النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية) والمعلوف والحاج وجبارة وأسماء أخرى كبيرة.
لن أتطرق الآن للحالة السورية وثقافتها وفنونها في الحرب! (سيكون هناك مقال مخصص لذلك). لكن عن نفسي.. في بداية الحرب كنت أبتعد عن التفكير بأي شيء إيجابي أو إبداعي.. وأيضا عدلت عن فكرة الزواج في بداية الحرب. لكن بعد فترة بسيطة أدركت أن الزواج والكتابة والفرح والموسيقى والعمل والرياضة وربما (شرب الكحول) هي أهم أدوات هزم الحرب وثقافة الموت.. لأن ثقافة الحياة تتم بالإبداع، وكذلك بعدم خسارة الوقت في الانتظار والبكاء والخوف وندب الحظ, لأنه لا توجد حرب تستمر للأبد.
.