العناوين الرئيسيةمرايا

تركيا تفعل اتفاقية مونترو .. موسكو سبقت ذلك بخطوة ..

تم توقيع اتفاقية مونترو في العام 1936 لتمنح تركيا حق السيطرة على مضيقي “البوسفور – الدردنيل”، وتنظيم عبور السفن الحربية فيها، وهذه الاتفاقية تضمن في وقت السلم حرية عبور السفن المدنية، وتقييد مرور السفن البحرية التي لا تنتمي إلى دول البحر الأسود، حيث يحق لأنقرة أن تمنع السفن الثقيلة من العبور، وألا يزيد عدد السفن العابرة عن تسعة سفن، وألا تبقى أي سفينة في البحر الأسود أكثر من 21 يوماً، أما في حالة الحرب فيحق لتركيا أن تمنع حرية التنقل للسفن التجارية للدولة المتحاربة معها، وهي عملياً غير متحاربة مع روسيا في الوقت الحالي.

ويحق لتركيا أن تسمح بدخول السفن التجارية لغير الدول المتحاربة معها شرط ألا تحمل معدات عسكرية، وتسمح لعبور السفن الحربية من المضائق شرط أن تكون هذه السفن لدول غير متحاربة مع تركيا، ويحق لتركيا التصرف في إجراءات المضيق كما تشاء، إن كانت في حالة حرب، لكن دون مخالفة مواثيق وأعراف القانون الدولي الخاصة بالملاحة البحرية، وأهم ما في هذه الاتفاقية أنها تحظر دخول السفن الحربية التابعة لدول غير البحر الأسود بمدافع عيار أكبر من 203 ملم.

إن إغلاق المضائق التركية بوجه السفن الروسية رداً على الحرب التي تشنها موسكو في أوكرانيا، لن يؤثر على الحرب في شيء، وذلك لأن الحكومة الروسية تستخدم القوات البرّية والجوية في المعركة ولا يوجد سبب لاستخدام السفن الحربية في هذه المعركة، ولأن موسكو وضعت في حساباتها مثل هذه الخطوة من تركيا بدفع من الدول الأوروبية كان من الطبيعي أن ترسل ما تريده من السفن الحربية إلى قواعدها على السواحل السورية قبل البدء في الحرب، وذلك على أساس إنها قطعات حربية ستشارك في مناورات مشتركة مع القوات السورية في المياه الإقليمية السورية، وهذا حق تضمنه القوانين الدولية بكونه متفق عليه بين الحكومات المشاركة في المناورات، كما إنه حق قانوني للجانب الروسي بنتيجة الاتفاقيات العسكرية المشتركة مع دمشق.

إغلاق المضائق وتفعيل اتفاقية مونترو يصب في المصلحة الروسية نوعاً ما، فهو يحظر دخول السفن غير المنتمية لدول البحر الأسود (واشنطن – دول حلف شمال الأطلسي)، من الدخول بقوة عسكرية قادرة على الاشتراك في الحرب ضد روسيا، إلا إن أعلنت الحكومة التركية اشتراكها في هذه الحرب وخرقت القوانين الدولية والاتفاقية نفسها، إلا أن وجود القطعات البحرية الروسية في البحر المتوسط يعتبر خطوة نحو الأمام اتخذتها روسيا قبل بدء معركتها في أوروبا لضمان عدم حصارها في البحر الأسود ووصول القوات المعادية لها إلى الشواطئ الروسية، وبالتالي ستكون المواجهة إن وقعت في مياه البحر المتوسط، وستؤثر على حركة الملاحة التجارية في مكان بعيد عن الموانئ الروسية.

الحرب في أوكرانيا أعادت إلى الواجهة أهمية المضائق البحرية التركية للتأثير على روسيا، وهي خطوة ربما تعمل موسكو على تجاوزها منذ أن أعلنت عن تواجدها العسكري في سورية في أيلول من العام 2015، من خلال توسيع قاعدتها البحرية في طرطوس، والعمل على إنشاء قواعد جديدة في الساحل السوري، كما إن تقارير إعلامية روسية تحدثت في العام 2018 عن رغبة موسكو بإيجاد طريق بريًة تبدأ من السواحل الإيرانية على بحر قزوين نحو السواحل السورية على البحر المتوسط بما يفضي إلى تحييد أهمية المضائق التركية في وصول الإمدادات العسكرية إلى القواعد الروسية في سورية، وهذا ما فسّر المجهود الروسي لاحقاً لإخراج الطريق الدولية “M4″، من خارطة الحرب الدائرة في سورية وإعادة تفعيله أمام الحركة التجارية وتحت سيطرة الحكومة السورية من نقطة بدايته في “معبر اليعربية”، بريف الحسكة الشمالي الشرقي، وصولاً إلى اللاذقية وذلك بعد مروره بكل من “الحسكة – الرقة – حلب – إدلب”، وهو الطريق الأكثر حيوية في حسابات التجارة بين العراق بجزئه الشمالي (كردستان + الموصل)، والأراضي السورية.

ربما تبرز أهمية مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسورية خلال المرحلة الحالية أكثر من غيرها بالنسبة للروس، وإغلاق المضائق قد يدفعهم نحو الدفع بالمشروع للاستفادة من السكك الحديدية التي ستربط الدول الثلاث مع إضافة خط يربط الساحل الإيراني على بحر قزوين مع السكة الحديدية السورية في دير الزور، لتكون طريقاً بديلاً وإن كان أطول من الربط البرّي بين قزوين والمتوسط، لكون أجزاء من الطريق M4 خارج سيطرة الحكومة السورية حالياً.

 خاص – الوسط 

 

تابعونا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى