العناوين الرئيسيةحرف و لون

“تحت أشجار التفاح” .. جنان عجيب

لوحة : دعاء فاضل بطيخ

 

نظرت إليه أشجار التفاح التي عشقها.. وسألته في حيرة:
ألم يتسلل إليك التعب أو الملل من مرافقتنا كل هذه السنين الطويلة؟
أجابها: إن أقصى سعادته ومنتهاها؛ أن تتلمس يداه غصن أي شجرة منهن.
.
رافق أسعد أشجاره طيلة حياته، لم يهجرها يوماً، حتى في أشد أيام الشتاء ضراوة. لم يمتهن الزراعة، لكنه عشقها. فقد كان جامعياً ومثقفاً ومتنوراً منفتحاً، رغم تقدمه في العمر وتجاوزه 70 عاماً. ربما ساهم في انفتاحه، عيشه في دمشق، وكذلك بضعة سنين قضاها بين باريس وألمانيا جعلت منه رجلاً عاشقا للانضباط والنظام والتخطيط والإدارة.. فضلاً عن رقيه ودفئه وجمال دواخله.. وميله إلى البساطة في حياته وحبه للطبيعه المتغلغل به.
.
جلس أسعد طويلاً على حافة الوادي الجميل مراقباً أشجاره التي نالت الكثير من رعايته وجهده؛ كما يراقب الأب الحنون أطفاله. مستعرضاً شريط حياته. كان متحدثاً لبقاً وعميقاً.. مثلما كان مستمعاً جيداً.. يناقش من يحبهم في (الصغيرة والكبيرة).
.
كان محباً لعائلته، وأهله، وأصدقائه القلائل جداً، إذ لم يؤمن يوماً بأصدقاء المصالح، كونه كان ينبذها ولم يعرفها يوماً.
كان طفلاً في مشاعره.. في صدقه.. في حبه.. مما جعله يحمل قلب طفل في العاشرة.. ولم يخنه هذا القلب يوماً.
كان خله الوفي، محرك حياته وأحلامه التي لم تخفت يوماً.. فلطالما غنى شوقه لولده المهاجر في أبعد أصقاع الأرض، علّ النسيم يوصل صوته إليه.

عاش أسعد نبيلاً.. شريفاً.. مكافحاً.. محباً؛ طيلة حياته.. ثم نام قرير العين تحت أشجار تفاحه التي لم يفارقها أبداً.
.

*كاتبة من سوريا
*لوحة الفنانة التشكيلية دعاء فاضل بطيخ- سوريا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى