العناوين الرئيسيةدولي

بين عون والحريري يترنح لبنان .. والجوع يتوعد من لم “يقرصه” بعد ..

|| Midline-news || – الوسط …

مالك معتوق ..

 

قبل ألفين وعشرين من الأعوام ولد المسيح المخلص للأنام، وتحل ذكرى ولادته بعد أيام، في الخامس والعشرين من كانون الأول ..

بعد ألفين وعشرين عام من الميلاد ، لم يتسن لحكومة الخلاص لشعب لبنان أن تولد رغم المخاض الطويل.

القوى اللبنانية .. وملوك الطوائف السياسية.. يعملون لمصالحهم الفئوية .. لا للبنان ولا لإنسان لبنان .. وعينهم على المحاصصة حتى لو راح البلد في خبر كان .. في مشهد سياسي سوريالي يطغى على التأليف بعد أشهر من التكليف.

أشهرٌ مضت على انفجار بيروت واستقالة حكومة الرئيس حسان دياب، ومضى أكثر من شهر على أخر تكليف للرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة إنقاذية تخرج البلاد والعباد من أزمة اقتصادية ومن انهيارات مالية، والرجل مثل “مكوك الحايك” يروح ويغدو إلى قصر بعبدا ولا نتيجة.

ثم انقطع حبل الود والوصال، منذ تسليم الرئيس المكلف 18 اسماً بحقائبهم الوزارية، هم قوام حكومته العتيدة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كان ذلك قبل أسبوع من الآن.

منذ ذلك الحين لم يحصل أي تواصل بين الرجلين “عون والحريري” للبحث في التشكيلة الحكومية، بل جرى بينهما سجال إعلامي .. كانت فاتحته من بعبدا عبر مستشار الرئيس عون، الوزير سليم جريصاتي، الذي صال وجال في مقال له في صحيفة لبنانية حيث قال: إن ما حمله الحريري الى القصر الجمهوري من أسماء وتوزيع حقائب، ليس هو المطلوب ولا المأمول ولا المرغوب .

اضطر الرئيس المكلف للرد، فقال: بأنه تقدم لعون بتشكيلة ضمنها أربعة اسماء مع حقائب .. ولم يتنكر الرجل لرئيس الجمهورية وأوضح وشدد وبيَّن وأكّد بأن عون شريك في التأليف.

رد الحريري استدعى من بعبدا ان ترد وهذه المرة بشكل مباشر، قالت رئاسة الجمهورية بأن الشيخ سعد قفز فوق كل المكونات السياسية، التي ستمنح حكومته الثقة بالأغلبية.

تراشقٌ إعلامي، زاد طين القطيعة بلة بين بعبدا وبيت الوسط، فمضت أسابيع ثلاثة قبل الزيارة الأخيرة والحريري الذي زار قبلها عون 11 مرة ممتنع عن الزيارة، ومحجم عن اطلاع ساكن بعبدا على مسار تشكيل الحكومة والوزارة.

في كل الزيارات كان الحديث بين الشيخ والجنرال يتركز على شكل الحكومة وعددها، وبينما رئيس الجمهورية يطالب بحكومة من 24 او 22 وزيراً، كان الحريري مصراً على حكومة يكون عديدها وعددها 18 وزيرا.

هدف الحريري معروف، أن يمنع توزير أطراف سياسية يريدها الرئيس عون مثل “كتلة ضمانة الجبل” برئاسة النائب طلال أرسلان، إلا ان ما كان هو أن تخطى هذه العقبة الرجلان.

وافق عون على تشكيلة من 18 وزيراً قبل أن يظهر خلاف جديد محوره لقاء الحريري مع الوزير جبران باسيل .. ليقف على رأيه بالمسيحي من التمثيل، في الحكومة العتيدة، كما فعل الرئيس المكلف مع الثنائي “أمل – حزب الله”، وكما تصرف مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وهو ما لم يحصل إن استثنينا الاتصال الهاتفي الذي اتسم بالبروتوكولية والبرود بين باسيل وخصمه الحريري اللدود، والذي لم يدم سوى دقيقتين، بضغط من الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل الذي زار لبنان قبل اسابيع والتقى الرجلين.

تشير مصادر سياسية لصحيفة الوسط إلى ان كل من الرئيسين عون والحريري على موقفهما المتصلب ثابتان، ولن يقدم اي منهما التنازل للأخر حتى لصالح لبنان، انطلاقا من أن رئيس الجمهورية يعتبر نفسه دستورياً في التشكيلة شريكاً أساسياً، وأنه هو، وهو وحده من يمتلك حق التوقيع على المراسيم من ضمن صلاحياته الدستورية .. ولن ينتزع منه هذا الحق أحد حتى لو اجتمعت عليه أمريكا وفرنسا وكل البرية.

في حين ان الرئيس المكلف تقول، مصادر الوسط، يتشدد بقضية أنه صاحب الحق دستورياً في تسمية الوزراء وهذا ما فعله، وهو من يوزع الحقائب ويقدمها إلى رئيس الجمهورية الذي عليه أن يقبل الصيغة او يرفضها.

فالخلاف سياسياً تقول مصادر مقربة من بيت الوسط لموقع الوسط سببه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، أما دستورياً فمنبع الخلاف هو إصرار سيد بعبدا الرئيس ميشيل عون على دوره في التشكيل.

لن يقبل ساكن بعبدا مزيداً من انتقاص هيبة رئاسة الجمهورية وصلاحياتها المنقوصة أصلا بمقتضى اتفاق الطائف، ولن يقبل ان ينتهي عهده دون أن يكون له رأي في تشكيل الحكومة، وهو ما تؤكده مصادر الوسط المطلعة على ما يدور بين رئيس لبنان وحاشيته ومستشاريه.

على المقلب الآخر، تقول مصادر الوسط أن الرئيس المكلف سعد الحريري يرفع شعار لا تراجع ولا استسلام ولا اعتذار عن التكليف، ولسان حاله انه لن يقبل بتشكيلة حكومية يقودها، إلا إن كانت تتطابق قولاً وفعلاً مع المواصفات التي يرى بأنها قادرة على إخراج لبنان من عنق الزجاجة، والسير بالبلاد بعيداً عن المرحلة الصعبة والأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية، التي يمر بها.

يرى الحريري أن حكومته المنتظرة يجب أن تكون من المستقلين لا الحزبيين، يظللها الانسجام، ويكون طريقها الإنتاج، منطلقاً من المثل القائل “يلي بيجرب المجرب بيكون عقله مخرب”، فالرجل بعد تجاربه السابقة مع حكومات المحاصصة الحزبية، وفق ما تكشف مصادر الوسط، يؤكد بانه لن يغير في حكومته التي قدمها للرئس عون قيد أنملة، إلا إذا اقتنع منه بحصول تبديل وتعديل على مواقف أطراف مقربة من عون بألا تضع “العصي في دواليب الحكومة”.

شروط وشروط مضادة، ترسم حالة من الجمود، ولا وسطاء داخلياً قادرون على تقريب وجهات النظر بين الحريري وعون ولا من يحزنون.

ولا نشاهد على الشاشات من نُخب لبنان سوى المناشدات، للإسراع في إصدار مراسيم الحكومة بالتوافق بين الرئيسين عون والحريري، لعل ذلك يوقف انهيار لبنان ويمنعه من الزوال، وهو أمر حذرت منه جهات دولية وإقليمية بلبنان وشؤونه معنية، لا سيما فرنسا التي أعلن وزير خارجيتها جان ايف لودريان، بأن لبنان غرق مثل سفينة “تايتنيك ولكن دون موسيقى”.

كلام الوزير الفرنسي خطير، فاللبنانيون ولبنانهم يعيشونه يومياً ويتلمسونه لحظياً ويرونه قريباً لا بعيداً، وهم من يخسرون ما وفروه في المصارف لقاتمات الأيام من مدخرات يومياً، فيما الأسعار تقفز بين لحظة وأخرى حتى تضاعفت خمس مرات وتلك طامة كبرى، بينما عين اللبنانيين على الدعم ورفعه، وهو إن حدث لأوصل الدولار إلى عشرات الآلاف من الليرة اللبنانية التي ما من شيء قادر على وقفها عن الانهيار، ناهيكم عما سيقود إليه ذلك من إغلاق مؤسسات كثيرة أبوابها، وتفشي البطالة في البلاد بين صباياها وشبابها، دون أن ننسى تمدد وحش الفقر، وانفلات مارد الجوع من القمقم.

هي مأساة لا معاناة يعيشها اللبنانيون “أقصد الفقراء منهم”، تتزامن مع انقراض طبقة لبنان الوسطى التي باتت تذوب كما الشمعة، بينما سياسيو لبنان “لا تندهي ما في حدا”، يخوضون في جدالاتهم البيزنطية حول الصلاحيات والمحاصصات، والجوع يتوعد من لم “يقرصه” بعد، بعد أن سقط نظام لبنان سياسياً، قبل أن ينهار مالياً ومصرفياً وصولاً إلى انهياره قضائياً .

الوسط الاخباري

تابعوا صفحتنا على فيس بوك ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى