“بغيبتك نزل الشتي” للكاتبة روعة يونس.. الفائزة بالمركز الأول لجائزة “العين الثقافية”

رافقتني إلى باب صيدليتها، ابتسمتْ بثقة عمرها ربع قرن من الصداقة، وقالت: “كنتِ قوية دائماً، لن أقلق عليكِ”.

صعدتُ سيارتي وأنا أكتم تنهيدتي لئلا أخذلها.

لم يكن طريق “الأوتوستراد” ملتوياً كأفعى، لكنه بثّ سمومه بي طيلة المسافة التي تفصلني عن بيتي. ولم يشغلني التنبه إلى قيادة السيارة مقدار انشغالي بالتلفت يمنة كل حين لأحادثك (!) بينما أصابعي تضيع في باطن كف الكرسي.

هذه المرة لن أبكي! لماذا أهدره رخيصاً، وما من يدٍ تمسح الندى عن وجنة زهرة ذابلة؟

عند حاجز للجيش، استوقفني صديقنا الجندي، وسألني مبدياً بعض الاستغراب: “شو.. وحدك اليوم”؟!

تلعثمتُ.. ابتسمت ببلاهة. قال: تفضلي تفضلي.

مضيت؛ والذكريات تقود الأسئلة في قلبي: كيف ضاعت في الشتاء زقزقة عصافير “يونيو”، وتشتت قرنفلك على شرفتي؟ وكيف لم يتبقَ سوى نعيق البوم؟ حين أزاحت أغنية في البال؛ باقي الأسئلة، عندما كنت تصدح لي بصوتك الجميل كلما مررنا من هذا الطريق “بغيبتِك نزل الشتي قومي اطلعي عالبال”.