العناوين الرئيسيةكشكول الوسط
بدأ الرسم على الجدران وبات ينجز أجمل الجداريات.. محيّ حمصي: على مؤسساتنا تكريم الكبار ودعم الفنانين
لنترك الأسود والرمادي! ونرسم الحب وننشر السلام ونرتقي للأفضل

|| Midline-news || – الوسط …
حوار: روعة يونس
.
منذ تخرّج الفنان التشكيلي محي حمصي من معهد أدهم إسماعيل، وتجربته الفنية آخذة في التطور والتصاعد. فإلى جانب تقديمه العديد من المعارض، اختبر كافة المدارس الفنية الكلاسيكية والواقعية والانطباعية والتعبيرية والتجريدية، وخاض في كتل الألوان والفضاءات والأبعاد والخطوط والمساحات، وخرج إلينا بلغة تشكيلية جديدة كتب بها نصوصه اللونية بمزيج من التجريد الممهور ببصمة تعبيرية تخصه وحده.
إلى ذلك، يحظى فناننا الحمصي بحضور محبب في الساحة الفنية، فهو مبدع ونشيط ومحب لزملائه. أينما بحثنا عنه نجده في المعارض مشاركاً أو مشجعاً أو داعماً.. فالفن عالمه الأحب إلى قلبه، يحلّق في فضاءاته محققاً المتعة.
وقد انعكست تلك الأخلاقيات الجميلة على لوحاته وخياراته اللونية، فهو محب للسلام والخير والجمال، لذا سيد ألوانه الأبيض.
بلا تشجيع
ثمة من يبدأ طفولته بالرسم، حتى قبل تعلّم المشي أو الكتابة.. ماذا بشأنك، كيف ومتى بدأت رحلتك؟ وهل حظيت بتشجيع دعمَك! أم حفرت دربك في الصخر؟
- في طفولتي، حين كنت لا أزال في الصف الأول أخذت قلماً ناشفاً ورسمت على كتاب القراءة. وهو كتاب مرتجع لوزارة التربية يوزع بالمجان. وللأسف انهالت علي المعلمة بالضرب! فرجعت للبيت باكياً استغيث بوالدي، فوبخاني وقالا لي إنني مسؤول عن هذا العمل ولم ينصفانني! مما أثار عندي التحدي ورغبة الرسم على الجدران. من هنا بدأت برسم الصور الكرتونية، ثم مجلات الحائط المدرسية، كما صرت رائداً طليعياً أمثل مدرستي في ذلك الوقت. لكن للأسف لم يكن لدي أدنى تشجيع من الأهل!
إدهاش المتلقي
أعمالك متنوعة لا شك. لكن في السنوات الأخيرة، بدا ميلك إلى التجريد واضحاً! هل أنا محقّة؟
- تختلف الحكايات في لوحاتي، لأنني أحاكي رؤية بصرية. فقد مررت بتجارب ومدارس عدة. منها الواقعية والانطباعية والتعبيرية. وقد مررت كذلك بتطورات مهمة، كالتبسيط في اللون والخط والكتلة، إلى آخر تلك المدارس وهي التجريدية. لكن ليس بالتجريد المطلق! لأنني أُدخل على اللوحة حالة تعبيرية عبر خط وكتلة لونية تتماهى بالشكل والمضمون والعنصر. لإحداث الدهشة لدى المتلقي وإشغال روحه بالبحث في اللوحة. إنه التجريد عالم مليء بالألوان والمحبة والفرح، والحزن أيضاً.
هل وجدت في هذا التوجه، النمط الذي ترغبه؟ أم علينا أن نتوقع توجهاً آخر قد يظهر في مرحلة ما؟
- لا يوجد أي توجه بالنسبة لي الآن. فأنا أمام اللوحة وليد اللحظة، أتأثر بكل ما يمر أمام عيني. أحب الحياة كما هي بقسوتها بفرحها وبوقائعها. ولا أقف عند مرحلة بعينها. أحب التجدد في الاسلوب والتقنية وأحس بمتعة كبيرة خلال إنجاز لوحاتي. وهناك الكثير من أصدقائي يرون أعمالي ويكتشفون بوضوح المتغيرات اللونية والأشكال المتجددة التي أتلمس من خلالها مستقبل اللوحة الحديثة.
شخصية مستقلة
تطورت تجربتك، ولم تعتد تلتزم بمدرسة فنية أو قواعد.. أنت فنان حر، فضاءات لوحتك لا حدود لها. كم استلزمك من جهد ووقت لتكون ما أنت عليه الآن؟
- يتطور الفنان من خلال تجاربه، ومن خلال ذاكرته البصرية. فعندما يشارك بالمعارض السنوية أو المشتركة، يقيم بعدها معرضاً يتفرد بشخصيته ويعلن عن هويته.
كما أن زيارة المعارض بشكل دائم يشكل خبرة جيدة لدى الفنان إذ يقف على تطور المشهد التشكيلي والثقافي في سورية، ومستقبل التشكيل عامة. ما يحفزه على التجدد. فتجربة الفنان تتقدم بالثقافة الفكرية والفنية، والعمل والمثابرة. لهذا أميل دائماً إلى التفرد بشخصيتي التشكيلية المستقلة فلا أقلد الآخر، و أحترم جميع تجارب زملائي.
لوحات متعِبة!
أتابع أعمالك منذ زمن، وألاحظ كغيري أن ثمة أرواح ووجوه قد تكون متشابهة، لكن لكل منها حكاية وسر.. فماذا عن سرّك أنت في التشكيل؟
- يسعدني أنك تتابعين أعمالي. ذلك شرف كبير لي..
وكما كان السؤال، هو الجواب.. هذا سر (يضحك).
قصدت من سؤالي السابق، أن لوحتك تحتاج ذكاءً من المتلقي لسبر أغوارها، هل تتعمد إتعاب المتلقي كما تتعب على لوحتك؟
- اللوحة كما القصيدة لدى قراءتها من البعض. يرون فيها أشياء لا يراها ربما الفنان! ا فللمتلقي دور كبير في حل لغز تلك اللوحة. لأنه من الصعب أن يتكلم عن لوحته أو يفسرها! فثمة روح خفية تأخذه إلى أعماقها عبر كتل لونية لكنها أحاسيس عاطفية أو إنسانية. فإحساس الفنان مغاير تماماً لأي شخص عادي أو متلق للإبداع.
معارض محلية وخارجية
ضعنا لو سمحت في أجواء مشاركاتك في المعارض، داخل وخارج سورية؟
- أشارك في المعارض الدورية التي تقيمها وزارة الثقافة ومديرية الفنون. وفي رصيدي 12معرضا فرديا في سورية وخارجها. وبعض لوحاتي موجودة في لبنان والاردن والمغرب والجزائر والإمارات والكويت. وكذلك في فرنسا وايطاليا وبريطانيا واسبانيا والدانمارك واميركا.
كفنان لا بد وأن يكون منظورك إلى الحياة والحرب والحب، مختلفاً، ماذا عن هذه المفاهيم التي ضمّنتها العديد من لوحاتك؟
- الحرب كريهة.. نقيضها السلام. أحب السلام لهذا أرسمه. وأعكسه من خلال ألواني، فالأبيض لدي أساسي ويمثل المستقبل والحب ولون النقاء. لا أرسم ابدا آلات القتل (لا من قريب ولا من بعيد) أحب الخير والجمال.. نعم الجمال فقط.
فن بلا دعم
اصدقني هل أنت راض على عمل المؤسسات الثقافية الفنية؟ أم كمعظم زملائك ترى أن هناك ثمة شللية ومحسوبيات وظلم ما؟
- يجب على الفنان أن يكون صادقاً. وحقيقة أنا غير راض على عمل المؤسسات! هناك تهميش حتى لبعض الأيقونات الفنية من كبار الأساتذة! يكرمون هذا ويتركون ذاك. يمرون بحالة هستيرية من اللا مبالاة. ولا يقدمون أي دعم للفنان.. كل يغني على ليلاه. وللأسف هنالك طاقات فنية عظيمة آمل من تلك المؤسسات الفنية الإضاءة عليها. وهذا عتب محب غيور على الحركة التشكيلية السورية.
مفاجأة سارة
ما الجديد الذي تنوي تقديمه. لا تدع الأمر مفاجأة لنا، ودعنا ننفرد بخبر عن جديدك؟
- أنا أعمل وأحب ألواني، وأعشق لوحتي. وأحب دائماً أن أحضّر المفاجآت السارة! لكنني سأخص “الوسط” بخبر عن معرض سأقيمه في الأشهر القليلة القادمة في دمشق. وأعد أن يكون مهماً أقدم فيه فناً ينعش الذائقة البصرية لدى المتلقي.
جداريات الحب والخير
ماذا عن طموحات فناننا المشاكس، شاغل الدنيا بآرائه ولوحاته وجداراياته؟
- (يضحك) أتمنى أن أكون -كما تقولين- شاغل الدنيا. أنا فقط مشغول بنفسي ويدي وريشتي لأصنع آية للجمال وأتمرد على نفسي وأشاكسها فقط (!)
أطمح إلى أن نسعى نحو الأبيض ونترك الأحمر. وأن نرسم الشمس والقمر والسماء وطيور المحبة. وأن ندع الأسود وحتى الرمادي، فنرسم الحب ونبتعد عن القبح وننشر السلام والمحبة ونرتقي للأفضل، عبر الجداريات أو اللوحات بمختلف أحجامها وأفكارها.