“بحيرة البجع” سباحة في الإبداع.. عباس ثائر

|| Midline-news || – الوسط …
.
ألّف العبقري تشيكوفيسكي ولحن “بحيرة البجع” سنة 1876. ويتكون الأوبريت واستعراض الباليه من أربعة أعمال.
أبطاله الرئيسيين: البجعة الأميرة أوديت- الأمير سيجفريد- راتبارت الساحر- أوديله ابنة الساحر- في الاستهلال. المكان: الحديقة القديمة، تقف الأميرة أوديت تتأمل، محدقة بالمكان من حولها، و على حين غرة يظهر رجلٌ غريب مع حاشيته، يدعى راتبارت، يعرف عنه ساحرًا شريرًا، ينحني على شكلِ قوس، كشيء من التقدير والاحترام، يمدّ يده وقلبه للأميرة مقدمًا إياهما لها، طالبًا يدها، لكنما أوديت تدير بوجهها عنه رافضةً إياه. كان الرفض قد أزعجه، مما جعله يسحرّها فتستحيل إلى بجعة بيضاء.
عُرض الباليه لأول مرة في موسكو، ولم يلق ترحيبًا من الجمهور! فقد جوبّه بالرفض والاعتراض! لاختلافه عما كان يُعرض آنذاك. ثم عُرض في سانت بطرسبيرغ فلاقى نجاحًا هائلًا في روسيا إثر عرضه للمرة الثانية.
ينقسم باليه بحيرة البجعة الى جزئين رئسيين وكلّ جزء منه إلى لوحتين أو صورتين مكتملتين.
العمل الأول: تدور أحداث (اللوحة الأولى) من الفصل الأول من العرض.. في الحديقة الأمامية من القصر حيث يظهر الأمير محتفلاً لاهيًا أنسًا برفقة أصدقائه، يتوسطهم مهرجًا يرقص فرحًا مازحًا مع الحاضرين، وأميرات جميلات يرقصن مع ثلة من الفرسان الذين جاءوا لتهنئته بذكرى ميلاده (21) من المناطق المجاورة، يظهر بينو صديق الأمير متحدثًا لمجموعة تتألف من 12 شابا، بعدها يدخل الحفل ولفاجانج معلم الأمير -وهو رجل كبير في السن- مبتهجاً.. بينما ينهمك غالبية الضيوف المجتمعين في مشاهدة الرقص. يقوم المعلم كبير السن خلسة بالاحتفال بالعام الجديد من عمر الأمير، ويحتسي كمية كبيرة من الخمور.
بينما هم كذلك، مستمتعون بالاحتفال تطل أم الأمير بصحبة وصيفاتها الأربع، مما يعكر صفو الحفل ويتوقف المرح، هنا يتوجه الأمير الشاب إلى أمه ويصطحبها إلى الحديقة، تبدي غضبها من هؤلاء الأصدقاء حوله، ويحاول من جانب آخر إخفاء زجاجات الخمر. ولكن الأم تشير إلى ابنها موضحة أن المرحلة المقبلة من حياته يجب أن تختلف عن هذا العبث، وأن عليه أن يختار عروسا له من الآن. وتقترح عليه في صيغة أمر؛ أن الاحتفال الرسمي لعيد ميلاده سيكون ليلة الغد في حفل راقص ببلاط القصر، ويتعين عليه اختبار زوجة المستقبل من بين أجمل الفتيات الراقيات الموجودات.
هنا يلزم الأمير سيجفريد الصمت ويكتفي بالسكوت جوابًا، فتغادر أمه الحفل، ويطلب من أصدقائه أن يتركوه وحيدًا، كي يخلد لنفسه؛ فقد باغته شيء من الحزن، وبينما هو محدق في نفسه شاهد سربًا من الاوز الجميل، مما دفعه لِأن يأخذ القوس والنشاب ويسير خلفهن ملاحقًا إياهن.
.
.
أما في (اللوحة الثانية) الفصل الأول من العرض؛ فتدور أحداثه عند شاطئ البحيرة، يمشي الأمير في الغابة ليلًا.. ويشاهد -مصادفة- فيدرك بينو بأنه يجب إبعاد الأمير سيجفرايد من هذه الأمسية التي تعدها الأميرة الأم، ويسمع صوت أجنحة ترفرف فوق رأسه، فيرفع ناظريه ليرى سرباً كاملاً من البجع البري الجميل في السماء، مع صوت آلة الهارب، وينطلق الصوت بنعومة. يدخل فريق الصيد بقيادة بينو، وهم يحملون النبال، وينظر الرجال إلى أعلى من خلال الأشجار بحثا عن البجع، بينما هم كذلك؛ يصابون بالدهشة فور أن يروا البجع قد استقر على البحيرة الموجودة على بعد عدة أقدام قليلة، ومن بين هذه الطيور يوجد هناك طائر أبيض جميل يقود مجموعة البجع، وتبدو البحيرة كما لو كانت مملكته.
يقوم الأمير بتوجيه الرجال إلى الإسراع نحو جانب البحيرة أمام البجع، وبينما هو على وشك أن يتبعهم يرى شيئاً عن بعد يجعله يتوقف على مقربة من جانب البحيرة، ثم يتراجع مسرعاً ليختبّئ! فقد رأى شيئا شديد الغرابة لدرجة أنه ظل يراقبه عن كثب سراً. لقد شاهد بجعة بيضاء جميلة قد تحولت إلى فتاة، هذه الفتاة البجعة كانت الأميرة أوديت! لم تتوان أن أباحت له -بعد محاولات للتعرف إليها وما هي حكايتها- بأن هناك ساحر يدعى راتبات كان قد حولها لبجعة بيضاء نكاية برفضها له وصارت ملكة للبجع، ولا يمكنها أنّ تعود لأصلها البشري أو لما كانت عليه سابقًا -أي فتاة- إلا في الليل.
يستشيط سيجفريد غضبًا، ما يجعله يقرر قتل الساحر راتبارت، بينما لم يكن هذا الخيار ممكنًا، وغير منج لها، وليس بإمكانه أن ينقذها؛ فالأميرة ليس من الممكن أن تعود بشرًا مرة أخرى حتى يحبها رجل ويتزوجها. تومئ إلى البحيرة محدثة إياه، أن هذه البحيرة صارت من دموع أمها إزاء فقدها لابنتها التي حولها الى بجعة -أي الأميرة أوديت.
أحبّها الأمير حبًا صادقًا مخلصًا، حبّه هو المنقذ الوحيد الذي يستطيع أن يزيل السحر والشر عنها. يضم الأمير يديه الى صدره، فيقسم على أنّ يمنحها الإخلاص و الولاء الأبديين. و بغتة يظهر الساحر على جانب من البحيرة؛ ليفرق بينهما، مرتدياً قناع البومة، ويمد مخالبه آمراً أوديت بالعودة إليه، ويأخذ في تهديد ووعيد الأمير العاشق، فتتحرك أوديت بينهما، وترجو من الساحر الرحمة.. لم يخف الأمير فقد كان واثقًا من قوة حبّه وعمقه، ومدى صدقه، مما جعله يفكر بطريقة جادة، وذكية يحرر فيها الأميرة البجعة من سلطة الساحر.
.
.
العمل الثاني: في (اللوحة الأولى) تدور الأحداث في ساحة الاحتفالات في القصر. وصل الى الحفل أميرات جميلات من مختلف البلدان، ويجب على سيجفريد أن يختار واحدة منهن عروسًا له، لكن الأمير لم تعجبه أي واحدة منهن؛ فهو مازال يتذكر الجميلة أوديت.. وأثناء ما كان عليه الأمير وضيوفه، يظهر ضيف غريب، لم يكن مألوفًا لهم من قبل، كان ذلك الضيف هو الساحر راتبارت، فقد جاء إلى القصر برفقة ابنته أوديله التي تشبه بشكلٍّ عجيب -ربما لا يصفه الوصف- الأميرة أوديت. حاولت أوديله أنّ تسحر الأمير، ونجحت بعض الشيء، مما جعله يريد أن يتزوجها، فقد انتصر الساحر. ذلك يعني أنّ الأمير قد حنث في قسمه، وأنّ أوديت ستموت!.. فهم سيجفريد أن الساحر قد خدعه؛ فركض نادمًا نحو بحيرة البجع.
تدور أحداث (اللوحة الثانية) من الفصل الثاني من العرض على شاطئ البحيرة، في ليلة كئيبة قاتمة، يبدو جليًا أن أوديت قد صُدمت، فهي تعرف انّها فقدت الأمل في أن يفرج عنها أو تُحرر مما هي فيه. يظهر فجأة سيجفريد، فهو لم يكن قد حنث في يمينه، لأنه في القصر حين رأى أوديله كان خُيّل له أنها أوديت، وحدثها بأنه يعترف بحبه لاوديت. يغضب الساحر غضبًا شديدًا، لدرجة أنّ تحل عاصفة رعدية شديدة، و وميض برق مرعب، لكن شيء لن يستطيع أن يهدم الحبّ الصادق الشاب ويفرق بينه وأوديت..
لم يستقر راتبارت ولن يهدأ فيبدأ بقتال الأمير، وذلك ما أودى به إلى الموت أخيرًا، فيبطل سحره و تعويذته. تعود أوديت فتاة من جديد، يغمر الفرح أوديت وسيجفريد، فتلتقي بأشعة الشمس لأول مرة بعد أن زال عنها السحر.. ويفوز الأمير أخيرًا بقلب معشوقته الجميلة أوديت ليُقهر السحر وينتصر الحب.
.
.