النفوذ الصيني يتمدد في أمريكا اللاتينية عبر الأرجنتين

رغم المحاولات الأمريكية.. تسللت بكين إلى الفناء الخلفي لواشنطن، حيث بدأ النفوذ الصيني يتمدد في أمريكا اللاتينية عبر الأرجنتين.. و يبدو أن هناك القليل الذي يمكن أن تفعله الولايات المتحدة لوقف المشاركة السياسية والاقتصادية والاستراتيجية المتنامية
وتجلى ذلك بتوقيع الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز في بكين الأحد الموافق 6 فبراير 2022، على انضمام بلاده لاتفاقية “لدعم بشكل مشترك بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21″، وهو ما يمثّل دخول الأرجنتين رسميًا في المبادرة، التي تُعد بمثابة مشروع طموح للتجارة والنقل والاتصالات والبنية التحتية تقوم الصين بتطويره بالتعاون مع عدة بلدان منذ عام 2013؛ لتوسيع نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي في مختلف أنحاء العالم.
و تنضم الأرجنتين بتوقيعها على المبادرة، إلى مجموعة دول أمريكا اللاتينية التي انخرطت خلال العقد الأخير مع القوة الآسيوية، (مع أو دون اتفاقات رسمية) في جزء كبير من مشروعاتها التنموية، مثل البرازيل وتشيلي وبيرو، إضافة إلى بوليفيا وفنزويلا اللتين تعتبرهما الصين الشريك التجاري الرئيسي لها.
أسباب انضمام الأرجنتين:
مرت الأرجنتين بأزمة مالية منذ فترة طويلة، وصرح الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز، أن قيام تحالف أوثق مع الصين سيسمح بتعزيز احتياطات الأرجنتين النقدية، وتشجيع مشروعات البنية التحتية الجديدة في البلد.
وفي حين أن زيادة المشاركة تعني المزيد من التنمية للأرجنتين، فإنها تجلب أيضًا شواغل أمنية وتنافس على النفوذ في منطقة أمريكا الجنوبية، وكما أشار وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ريكس تيلرسون، فإن “أمريكا اللاتينية لا تحتاج إلى قوى إمبراطورية جديدة تسعى فقط إلى إفادة شعوبها”.
علاقات بكين وبوينس آيرس
نمت التجارة الصينية – الأرجنتينية نموًا هائلًا في السنوات 20 الماضية، وفي الآونة الأخيرة، تجاوزت الصين البرازيل باعتبارها أكبر شريك تجاري للأرجنتين، وقد توسعت العلاقات الثنائية، مدفوعة في البداية بصادرات الصويا واللحم البقري، حتى أصبحت بكين تشارك في مشروعات إنمائية مشتركة مختلفة في المنطقة.
و ارتفعت صادرات الأرجنتين إلى الصين بمعدل 13.5%، وزادت صادرات الصين إلى الأرجنتين بمعدل 12.3%. وعلى مر السنين، تحولت بكين من الأسواق المحلية التقليدية، ووسعت نطاق وجودها في الأرجنتين من خلال التمويل المكثف لاحتياجات الأرجنتين من الهياكل الأساسية، وتلقت الأرجنتين أموالًا صينية لنحو11 مشروعًا يتراوح بين السكك الحديدية والسدود ومحطات الطاقة الشمسية والطاقة النووية.
استثمارات بكين في أمريكا اللاتينية
تمول بكين مشروع سانتا كروز للطاقة الكهرومائية، وهو مشروع سد تبلغ تكلفته 4.7 مليارات دولار، كما أنها تمول وتوفر الدعم التقني لأحد أكبر مشروعات المزارع الشمسية في أمريكا الجنوبية، وهو مشروع كوشاري، وهذا يعزز موقف الصين في السباق من أجل أن تكون رائدة عالمية في مجال تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وهو اللقب الذي تتسابق عليه الهند أيضًا.
تُعد الأرجنتين جزءًا من “مثلث الليثيوم” وتصبح بالغة الأهمية بالنسبة للصين لتلبية احتياجاتها المحلية، وفي الآونة الأخيرة، أعلنت شركة التعدين الصينية Zijin Group Co Ltd أنها ستستثمر نحو 380 مليون دولار لإنشاء مصنع لكربونات الليثيوم في الأرجنتين لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
وفقاً لمؤسسة Benchmark للاستخبارات المعدنية، فمع تزايد مبيعات السيارات الكهربائية في الصين، زاد الطلب من شركات تصنيع البطاريات، مما دفع سعر كربونات الليثيوم في الصين للارتفاع إلى مستوى قياسي بلغ نحو 41,925 دولار للطن الواحد، وأسفرت هذه الزيادة المفاجئة في الطلب عن اهتمام بكين باحتياطيات الأرجنتين من الليثيوم، وتعمل الصين على تنويع استثماراتها في معادن أخرى مثل الذهب والنحاس، وربما حتى الفضة واليورانيوم، في المستقبل.
منظومات الأسلحة الصينية
إن الموقع الاستراتيجي للأرجنتين باعتباره مدخلاً للصين لتعزيز نفوذها في المنطقة يشكل عاملاً آخر بالنسبة للجهود الثنائية المتزايدة التي تبذلها الصين، وفي السنوات الأخيرة قدمت الصين نفسها باعتبارها لاعبًا بارزًا في تجارة الأسلحة العالمية، وصادف أن أمريكا اللاتينية تشكل سوقًا مهمة للمعدات العسكرية الصينية.
وفي عام 2015، أعلنت رئيسة الأرجنتين آنذاك كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر اعتزام حكومتها شراء منظومات الأسلحة الصينية بما يقرب من مليار دولار، وتتطلع الصين أيضًا إلى تكديس مناقصة بناء سفينة لوجستية قطبية، ترغب الأرجنتين في بنائها لدعم صيانة وإعادة تزويد المحطات الأرجنتينية.
آفاق مستقبلية
انضمت الأرجنتين إلى الصين بالتوقيع على مبادرة طريق الحرير؛ نظرًا لحاجتها إلى التمويل النقدي وتمويل ميزان المدفوعات، فضلاً عن الإصلاحات السياسية اللازمة للحد من عجزها المالي.
الانضمام رسميًا إلى المبادرة يوضح الجهود التي تبذلها إدارة فرنانديز في الأرجنتين للبحث عن التمويل خارج صندوق النقد الدولي، والتي تناشد الصين وربما روسيا.
تابعونا على صفحة الفيس بوك…