إضاءاتالعناوين الرئيسية

الموسيقا الصرفة-2- بدايات عربية… بقلم: مراد داغوم

بعد استعراض أنماط الموسيقا الغربية في المقال الماضي، يمكننا أن نتناول مثيلتها العربية في حدود الإمكانات المتاحة في كل فترة. يحلو للسلف الموسيقي العربي ذِكْرُ أنماط ثلاثة من التأليف الآلي على أنها عربية، ويفتخرون بما يحتويه التراث من أرشيف يضم مؤلفات كثيرة. هذه الأنماط هي:
1- السماعي، 2- البشرف، 3- اللونغا؛ ويُدرجون ذلك تحت تبويب الأصالة.

لكن العودة إلى كتب التأريخ الموسيقي العربي لا تؤدي إلى إيجاد ذكر هذه الأنماط بتاتاً، فالسماعي والبشرف هما من أنواع التأليف الآلي التركي، وقد انتشرا في بلادنا أيام العثمانيين.ومن يقرأ أسماء مؤلفي تلك الأعمال يدرك مباشرة أن 80% منهم أتراك ! يضاف إليها ما لحنه بعض الموسيقيين العرب باعتماد هذه الأنماط، وهو ليس بالكثير.

وبأي حال، السماعي هو تأليف ذو قيد صارم، يُجبر المؤلف على اعتماد إيقاع واحد: “السماعي الثقيل”، وهو ضرب إيقاعي من عشرة أزمنة وزنه 10/8؛ اعتاد المؤلفون صياغة جمل موسيقية تكون صياغتها زمنياً مطابقة لضربات ذلك الإيقاع مما يجعل هذه المؤلفات تتشابه كثيراً في الوزن، مختلفة في “صفصفة العلامات الموسيقية إلا ما ندر، أي عندما يعمد المؤلف إلى صياغة زمنية تطفو فوق الضربات الإيقاعية وتتجاوز أماكن ضغطها، وهذا ما لم أره إلا في عدد محددود جداً من المؤلفات. يتألف السماعي من ثلاث خانات يلي كل خانة مقطع ثابت باسم “التسليم”، أما الخانة الرابعة فتكون غالباً ذات وزن ثلاثي أو سداسي، يليها أيضاً التسليم ذاته.

البشرف أيضاً نمط تركي، ويتألف بدوره من خانات أربعة يلي كل منها مقطع يتكرر باسم “تسليم”، يُصاغ على ضروب إيقاعية ثقيلة وبطيئة.

أما اللونغا فهي بدورها نمط تركي، سريع وذو وزن ثنائي، مستمد غالباً من نمط الـ”بولكا” وهو تأليف منتشر في دول أوروبا الشرقية المحيطة بتركيا غرباً.

يلي ذلك في قائمة الأنماط “العربية” ما يُعرف بـ”الدولاب”، وهو جملة صغيرة تعاد باستمرار على مقام محدد، لا تستحق اعتبارهاً قالباً للتأليف بسبب حجمها المتناهي في الصغر، خصوصاً بعد أن عرفنا أن الأنماط الثلاثة ليست عربية فلن يبقى لدينا سوى هذا النمط الهزيل ومن المخجل اعتباره قالباً موسيقياً عربياً.

أما النمط الخامس والأخير فيسمى “التحميلة”، وهو نمط مستدرك تم استحداثه في القرن العشرين يتألف من جملة بسيطة تتكرر بعد مداخلات “ارتجالية” من عدة آلات محددة. في ثلاثينات القرن الماضي، بدأ ما يسمى “مقطوعة موسيقية” عربية بالظهور.

وفي تلك البواكير، وحده “محمد عبد الوهاب” وثَّق مقطوعاته الموسيقية بتسجيلها على أسطوانات، فوصلت إلينا بينما ضاعت مؤلفات الآخرين.
وفي بداية الأربعينات تتالى صدور المقطوعات الموسيقية الصرفة للعديد من المؤلفين منهم رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش ومحمد فوزي وعطية شرارة وبليغ حمدي وأحمد فؤاد حسن وعلي اسماعيل وغيرهم في مصر، ووليد غلمية والأخوين رحباني والياس رحباني في لبنان، مع إصدارات نادرة لربيع غنام وسهيل عرفة في سوريا.

امتازت غالبية القطع الموسيقية بكونها تناسب الرقص الشرقي، لكن عبدالوهاب والسنباطي قدما أعمالاً تعبيرية، فيما اعتمدت معزوفات فريد الأطرش على إظهار سرعة الجمل وتقنيات العزف أكثر من الجملة اللحنية، وكانت أعمال علي اسماعيل ووليد غلمية والياس رحباني مدعومة بالتوزيع الأوركسترالي الكامل إلى جانب الجملة اللحنية المميزة. أما من حيث الكم وغزارة الإنتاج فيتربع محمد عبد الوهاب على رأس القائمة برقم كبير، يليه أحمد فؤاد حسن الذي اجتهد أن تبدو أعماله تعبيرية لكنه أسر أكثرها ضمن جمل فولكلورية، علماً أنه مع علي اسماعيل هما الآكاديميان الوحيدان بين أقرانهما المصريين ممن كتبوا موسيقا صرفة آنذاك.

*مؤلف وموزع وناقد موسيقي – سوريا.
بشرف راست تاطيوس https://www.youtube.com/watch?v=yNUQ2G7gYO0
جميل بيك الطنبوري سماعي شد عربان https://www.youtube.com/watch?v=OXcBnYcBHG0سماعي بياتي . إبراهيم العريان https://www.youtube.com/watch?v=5s1KylUC9_Q
سماعي حجاز كاركرد كرد. تاطيوس https://www.youtube.com/watch?v=3z0FCf__Zg0

-تابعونا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى