في اللغة الثرية .. أحمد علي هلال

كيف تُكتشف اللغة، ونمضي في دوالها، بل كيف نذهب في نزهاتها وإن تعددت، لنتفيأ ظل الفكرة… الأفكار أم الكلمات، كما هجس شعراء وشعراء ؟ من يصنع الآخر ومن يسبقه إلى مجد بعيد شهي «كقطف نجمة» عميق كرائحة الأرض، نقي المرايا كما الروح.
في موضعة أدب الحرب، للروح أن تكون شئناً لغوياً وللغة أن تكون شئناً روحياً، بمعنى أن تكتب هو أن تعيد التقاط اللحظة وتطلقها في فضاءات لا تعني الارتداد، بل التوغل تحت جلد الكمات وفوقها وعلى جانبيها، كأنك تبني صرحاً لخيال أثير، ليس من السهل القبض عليه كما لحظته الفارقة والعابرة أزمنة أخرى خارج المكان وخارج عصف البدايات.
أما النهايات فلها شأن آخر، فهي الماكرة بحضورها والمخاتلة لبداياتها، «أدب الحرب» مركب شجي نتوسل الكتابة فيه كأنما نكتب عن أزمنة تلوح كطيف نجمة، أو واقع لم يقع تماماً، فامتزاج الواقع بالخيال أصبح محكية أزمنتنا، ونحن نضارع كل متعالياتها النفسية والثقافية بآن وغير ذلك كثير، لكن لا محل له من الإعراب أمام من يُفترض فيهم أن يكونوا «عرابي الاختلاف»، أي أنهم يمتلكون رؤية زرقاء اليمامة ويخترقون حجباً كثيفة ليصلوا أزهار الضوء ببعضها البعض، فيندلع نهار طالع من تعب الحكايات ومناددة أرواحها العالية فثراء اللغة أن تكون ، أو أن تكون صيرورة وكينونة فحسب .
ماذا يعني أن تكتب الآن وكأنك كتبت منذ قليل، هي معضلة الزمن ما بين الارتداد والتوغل، هي معضلة أن نكون كما الكلمة التي تستوي على قوس الكمان، لتفترع لحناً يليق بالأسماع؟… أن تتذوق نصاً يعني أن ترى فيه روحك وتقيس بأصابع الرؤيا خفقات القلب/ خفقات الذاكرة التي لا تني أن تكون شاهد حكايتك وهي حكاية أولى لكنها تُعاد آلاف المرات، مثل «تجربة في العشق» لا تنته لأنها الحالمة ببدايتها حينما ترفع حجر الضوء لتبني عمارة الروح… أدب الحرب بمراياه المحدبة والمقعرة أبعد من أن يكون محض وثيقة نافلة، إلى أن يصبح ذاكرة لكل الأزمنة القادمة.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا