إضاءات

قطرات .. أحمد علي هلال

حينما يتسع فضاء الصورة بمشهديتها الأثيرة، لكن داخل الذوات أو داخل وخارج الحيوات بمجاز ذي شعرية فادحة، يمكن مقاربة الفيلم القصير (قطرات)، الذي أنتجته المؤسسة العامة للسينما وكتب القصة والسيناريو والإخراج المخرج الشاب المتميز أيهم عرسان.

المخرج عرسان الذي حمل كاميراته سابراً تلك الأغوار السحيقة في ذوات مثلومة بفعل القهر الاجتماعي ومتعاليات الواقع، أي تلك التعبيرات السيكولوجية التي حملتها شخوص الفيلم، أي النسوة بأنموذجين دالّين وبعلامة فارقة هي الزمن كيف يكون أقرب للحبكة المتقنة في تسيير المصائر «زواج غير متكامل، وامرأة تفقد ابنها»، حالة الالتياع هذه في مقاربة سينمائية مزدوجة في رحلتها خارج النص السينمائي وداخله تعيد لنا تعبير الصور في السينما بعيداً عن خلطات الإبهار الفائضة التي تعوض فجوات النص.

فعين الكاميرا الذكية وهي تنقلنا بمفارقات الزمن استرجاعاً أو استئنافاً، كانت تؤلف المشهدية الكبرى الضارية، أي في مواجهة القدر، وما يمكن للقدر أن يفعله وعلى لسان شخوص رواية ما: لقد فعلها القدر، ما يعني في هذا السياق قدرة سينمائيينا الشباب على أن يشتقوا ويولدوا من محكيات الحاضر وجدل العقل والعاطفة، وضراوة التوق إلى الحياة تعبير صورهم الأكثر وضوحاً حينما لا يماثل الواقع بقدر ما يتجاوزه برؤيا.

ليست تلك محض وظيفة جمالية عمادها الصورة والتشكيل والتناغم الأدائي، بل أكثر من ذلك أيضاً حينما نلتقط الجوهري في حياتنا بسؤاله العابر للصورة إلى المشهد إلى الموقف، وما يعني أخيراً أن «قطرات» ذلك العنوان الأثير، سيذهب إلى انفتاحه الدلالي، في كثافة إيحائه واتساق إشارته وتضمينه أنساقاً جمالية ووجودية وفكرية وتعبيرية، محاكاة للجملة الناقصة التي تتوق لها الأرواح.

فيلم قصير لكنه كثيف بمراميه واقتصاده، إذ لا تفصيل إضافي لأن المرأة بوصفها الأنموذج هي حاكمة سردية الصورة، ليس بمستوى استجابتها لتلك المتعاليات، بل بدفاعها عن كينوتها وذلك شرط إنساني سيعني بلاغة الفيلم دون أن يذهب إلى الرطانة التعبيرية، بل إلى بؤرة حياتية لعلها تشكل غير قاسم مشترك مع حيواتنا، حينما تنتظر الحياة منا موقفاً بعينه، يعني خلاصاً أو سرداً لتوق أثير تفصح عنه الجملة البصرية النهائية في الفيلم، حينما تُفتتح الحياة من جديد على الرغم من كثافة آلامها.

 

إقرأ أيضاً .. أنت تكتب كتاباً واحداً! ..

 

*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا

 

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى