الطاقة الخضراء.. الوجهة المقبلة للاستثمارات الليبية
صرح المدير العام للمركز الليبي لبحوث ودراسات الطاقة الشمسية في ليبيا يوسف النعاس أن ألمانيا أبدت استعدادها لدعم التوريدات والتطبيقات الخاصة بالطاقة الخضراء في ليبيا.
وأوضح النعاس أن ليبيا ستطلق المشروع الوطني للهيدروجين الأخضر المتمثل في محطة بحثية خاصة بإنتاج تلك المادة شرق مدينة مصراتة تحمل اسم “الهيئة الليبية للبحث العلمي” كأول مشروع بحثي ريادي في إنتاج الهيدروجين الأخضر وتطبيقاته مضيفاً أن هذه الخطوة الخاصة بإنتاج الهيدروجين الأخضر تأتي في إطار التعاون مع ألمانيا باعتبارها من الدول المتقدمة في مجال الطاقات المتجددة وخاصة أن مركز البحوث والطاقة الشمسية دأب منذ تأسيسه عام 1978 على مد جسور التعاون الفني مع كل الدول الرائدة في مجال الطاقة الخضراء.
توطين الطاقة الخضراء
وأشار المدير العام للمركز الليبي لبحوث ودراسات الطاقة الشمسية أن “ليبيا تمثلت في المؤتمر العالمي للمناخ 2023 بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية وهي حريصة كبلد على تطبيق توصيات المؤتمر للحد من نسبة الانبعاثات الكربونية في الغلاف الجوي والمحافظة على البيئة والإسهام في التقليل من ظاهرة الاحتباس الحراري لتكون جزءاً من الخريطة العالمية في مجال الطاقة الخضراء بحيث تكون من الدول السباقة على مستوى القارة الأفريقية في مد جسور تصدير الطاقات المتجددة المتوافرة في ليبيا تجاه القارة العجوز.
الاستثمار في الطاقة
وفي الصدد قال الدبيبة في كلمته على هامش “المنتدى الاقتصادي الليبي- الألماني” الثاني الذي احتضنته العاصمة الليبية طرابلس الثلاثاء: إن حكومة الوحدة فتحت باب الاستثمار في مجال الطاقة.
وأوضح عزم حكومته الدخول في مجال الطاقة الخضراءGreen Green أن ليبيا تمتلك كل الإمكانات في هذا المجال مضيفاً: نحن نريد استثماراً حقيقياً من خلال النفط والغاز وليبيا لن تبقى هكذا دائماً وستكون رائدة في المجالات كافة.
وفتحت تصريحات الدبيبة الباب أمام حرب كلامية بين مؤيد ورافض للاستثمار في مشروع “الهيدروجين الأخضر” المتمثل في محطة للطاقة الشمسية ومحطة للرياح لتغذية أوروبا بالكهرباء فانتقدتها اللجنة الوطنية للطاقة بالبرلمان الليبي بخاصة في ظل عجز ليبيا عن تغطية حاجاتها من الطاقة الكهربائية بينما أكد خبراء في مجال الطاقة أن البلد يتوافر على جميع الموارد الأولية لتحقيق نتائج ملموسة في مجال الطاقة الخضراء.
موافقة البرلمان
وقال عضو لجنة الطاقة والموارد الطبيعية في البرلمان الليبي علي التكبالي: إن مثل هذه المشاريع تحتاج أولاً إلى دراسة من البرلمان الذي لن يمنح بدوره موافقته لحكومة الدبيبة على استغلال الطاقات المتجددة بالبلد لكسب ود الرأي العام الليبي والترويج لصورته في الانتخابات المقبلة”.
وصرح إلى “إندبندنت عربية” بأن اهتمام ألمانيا بالطاقة الشمسية وطاقة الهيدروجين الأخضر في ليبيا ليس حديثاً، بل يعود لفترة التسعينيات.
وأوضح التكبالي أن الألمان بصدد إحياء اهتمامهم بسوق الطاقة الخضراء في ليبيا ولن تكون هناك انطلاقة ملموسة لمشاريع كهذه إلا بعد ذهاب البلد نحو انتخابات وطنية وتوحيد مركز صنع القرار السياسي باعتبارهم يعلمون أن حكومة الدبيبة هي حكومة منتهية الولاية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022.
من جانبه دعم الباحث السياسي عبدالله الكبير، توجه التكبالي وقال: إن لدى ليبيا إمكانية الاستثمار في الطاقة الشمسية بسبب المساحات الصحراوية الشاسعة التي تتوافر بها الطاقة الشمسية لكن المشروع يحتاج إلى تحقيق استقرار سياسي لتأمين بيئة آمنة للشركات للاستثمار في مجال الطاقة الخضراء.
ونوه الكبير بأن الخبراء الألمان أجروا دراسة في ليببا منذ عهد القذافي ووجدوا أنه يمكن الحصول على 95% من الطاقة الكهربائية لمختلف دول العالم من الصحراء الليبية.
وأكد لـ”اندبندنت عربية” أن لدى الألمان مسحاً جغرافياً مكتملاً حول الطاقات المتجددة في ليبيا ولكن تنفيذها يحتاج إلى بيئة آمنة لذلك تصطف جمهورية ألمانيا الاتحادية إلى جانب الدول الداعمة للانتخابات في ليبيا لإنهاء حال الانقسام وما رعايتها لمؤتمر برلين 1 و2 إلا أكبر دليل على رغبتها في إنهاء الأزمة الليبية لتبدأ باستثمار الطاقات المتجددة في البلد.
الموارد متوافرة
في السياق قال المتخصص في مجال الطاقة رمزي الجدي: إن المشروع الذي تحدث عنه الدبيبة المتعلق بالطاقة الخضراء كموارد من ناحية الطاقة الشمسية والرياح والمياه جميعها متوافرة وفي حال نجح المشروع ستكون ليبيا قادرة على تغطية حاجات أوروبا من الطاقة الكهربائية التي اختلت بسبب الحرب في أوكرانيا ولكن حتى الآن ما زال المشروع مجرد فكرة فلم تتبنه المؤسسة الوطنية للنفط أو الشركة العامة للكهرباء أو حتى رئاسة الوزراء التي تضم لجنة للطاقة برعاية رئيس الوزراء.
واستدرك الجدي قائلاً: إن الإمكانات اللوجستية من نقل وتخزين تقف عائقاً أمام اكتمال مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يحتاج بدوره إلى تخزين بدرجة حرارة تصل لـ253 تحت الصفر كما يتطلب مكاناً يتوافر على ضغط عالٍ جداً فالهيدروجين يحتاج إلى ضغط يزيد على ضغط الغاز السائل بحوالى 80 مرة.
وأوضح أن مصطلح الطاقة الخضراء ناتج من عملية تحليل الهيدروجين الذي يعد مصدراً قديماً للطاقة وكان يستعمل في تصنيع القنبلة الهيدروجينية لكن الجديد في الهيدروجين الأخضر هو أنه ينتج من التحليل الكهربائي للماء ويزود الكهرباء في العملية التي يتم من خلالها إنتاج الهيدروجين عبر الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح لذلك يعتبر وقود الهيدروجين وقوداً نظيفاً وكذلك العملية التي يتم من خلالها إنتاج الكهرباء نظيفة”.
حظوظ ليبيا
وأبرز الجدي أن الشراكة الأوروبية- الأفريقية في مجال الطاقة الخضراء قديمة وتعتبر دول شمال أفريقيا الأكثر ملاءمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر فالاستراتيجية الأوروبية تطمح إلى الوصول لحوالى 6 غيغاوات من الكهرباء تنتج من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2024 و40 غيغاوات بحلول عام 2030 الذي سيكون عام الانطلاق بالنسبة إلى ليبيا في مجال الطاقة الخضراء.
وأشار إلى أن المغرب يعتبر سباقاً على مستوى دول شمال أفريقيا في مصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية بسبب بنيته التحتية لكن ليبيا إلى حد الآن لا تتوافر على أي محطة للطاقة الشمسية فحتى محطة الرياح التي أنشئت في منطقة الفتائح في درنة (شرق ليبيا) متوقفة منذ عام 2011 ولم تستكمل لأن إنتاج الهيدروجين الأخضر يتطلب أن تتوافر الدولة على محطة للطاقة الشمسية ومحطة للرياح لتغذي المشروع بالطاقة الكهربائية وليبيا لا يمكنها أن تنطلق نحو هذا المشروع قبل عام 2030.