الضعف ينال من اقتصاد ألمانيا .. مخاوف الركود الشتوي تتزايد

كشف المعهد الوطني للإحصاء “ديستاتيس” في بيان أمس أن ارتفاع الأسعار وأزمة الطاقة أثرا في اقتصاد ألمانيا في نهاية العام 2022 فيما تؤكد الأرقام المعلنة أن ديناميكية الاقتصاد الألماني ضعفت.
في هذه السياق توقع البنك المركزي الألماني أن يكون الناتج الاقتصادي في الربع الأول من 2023 أقل مجدداً مما كان عليه في الربع السابق عليه” وهذا من شأنه أن يدفع اقتصاد ألمانيا إلى الركود الشتوي وإذا انخفض الناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين فإن ذلك معناه من الناحية التقنية حدوث ركود اقتصادي.
سجل إجمالي الناتج المحلي لألمانيا انخفاضاً 0.4 % في الربع الأخير من 2022 نظراً لتأثير أزمة الطاقة والتضخم في الإنتاج الصناعي.
وكان معهد الإحصاء قدر في نهاية يناير (كانون الثاني) بـ0.2% نسبة انخفاض إجمالي الناتج المحلي لأكبر اقتصاد في أوروبا وعلى أساس سنوي ارتفع إجمالي الناتج المحلي الألماني 0.9% في البيانات المعدلة حسب متغيرات السعر والتقويم.
وقال “ديستاتيس”: إن الاستهلاك الخاص والاستثمارات خصوصاً هما اللذان كبحا النشاط.
وأدت أزمة الطاقة التي سببتها الحرب في أوكرانيا إلى زعزعة النموذج الاقتصادي الألماني الذي يعتمد خصوصاً على الاستيراد الهائل للغاز الرخيص من روسيا وأدت الحرب في أوكرانيا إلى توقف عمليات التسليم الروسية ما أفضى إلى ارتفاع الأسعار في أوروبا.
وارتفع معدل التضخم ما أثر في الاستهلاك وتكلفة الإنتاج الصناعي محرك النمو الألماني وتراجع الإنتاج الصناعي بنسبة 3.1% في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وأكثر الصناعات تضرراً هي تلك التي تستهلك أكبر كمية من الطاقة مثل الصناعات الكيميائية والمعادن والورق والزجاج.
وشهدت هذه القطاعات انخفاضاً في إنتاجها 6.1 % حتى إن الخسارة في الصناعة الكيميائية تراجعت 11.2 % على أساس سنوي وفي بعض القطاعات بلغ التراجع 19.6 % والنتيجة هي أن بعض الشركات بدأت تقليص حجمها.
وأعلنت شركة الصناعات الكيميائية العملاقة “بأسف” عن إلغاء /3300/ وظيفة في جميع أنحاء العالم مع إغلاق عديد من وحدات الإنتاج في موقعها التاريخي في لودفيجسهافن في إجراء يشمل /700/ وظيفة.
وتزداد المخاوف حالياً من حدوث ركود تقني مع انخفاض جديد لإجمالي الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من 2023 مع ذلك يبدو الاقتصاد الألماني صامداً بشكل أفضل مما كان يتوقع نظراً لتأثير الحرب في أوكرانيا.
وتتوقع الحكومة الألمانية حالياً نموا 0.2 % خلال 2023 بينما كانت تتوقع انخفاضا الخريف الماضي ونجم ذلك عن جهود برلين للحصول على إمدادات الغاز المسال والمساعدات العامة التي قررتها الحكومة والتحسن النسبي في سلاسل التوريد.
ووفقاً لدراسة أجرتها شركة أبحاث المستهلكين في نورنبيرج “جي إف كيه” حول مناخ المستهلك ما زالت ثقة المستهلك في ألمانيا في مسار التعافي حيث ينظر المستهلكون إلى الاقتصاد وتوقعات الدخل الخاصة بهم بشكل إيجابي أكثر مما كان عليه أخيراً.
وأظهرت الدراسة أن الميل إلى الشراء -أي الرغبة في شراء سلع اقتصادية أكبر- تذبذب خلال الفترة الماضية صعوداً وهبوطاً ولم يرتفع على نحو طفيف إلا أخيراً.
وقال خبير شؤون المستهلكين في الشركة “رولف بوركل”: تشاؤم المستهلك الذي بلغ ذروته المطلقة في خريف العام الماضي يخفت بشكل ملحوظ مضيفا: على الرغم من الأزمات المستمرة مثل الحرب وضعف الاقتصاد العالمي ومعدلات التضخم المرتفعة استمر مناخ المستهلك في التحسن وقال: هو الآن على مسار الانتعاش حتى إن ظل عند مستوى منخفض.
وأرجع بوركل تحسن معنويات المستهلكين في المقام الأول إلى عدم ارتفاع الأسعار على النحو المتوقع مضيفاً : انخفاض أسعار الطاقة أخيراً وكذلك التقارير التي تفيد بأن الخبراء يعتقدون الآن أنه يمكن تجنب الركود في ألمانيا هذا العام يعني أن التفاؤل يعود ببطء.
وعلى الرغم من التوقعات المرتفعة لا يزال مناخ المستهلك في ألمانيا عند مستوى منخفض نسبياً حيث قيم خبراء الشركة ثقة المستهلك لشهر مارس (آذار) المقبل عند سالب 30.5 بزيادة قدرها 3.3 نقطة مقارنة بشباط (فبراير) الجاري وفي فترة ما قبل الأزمة كان مؤشر مناخ المستهلك ثابتا نسبيا عند نحو عشر نقاط.
وأوضح خبراء الشركة أنه من المحتمل ألا يتمكن الاستهلاك الخاص من تقديم مساهمة إيجابية في التنمية الاقتصادية في ألمانيا هذا العام على الرغم من أن التوقعات الخاصة بالاقتصاد ارتفعت بشكل ملحوظ بمقدار 6.6 نقطة وتجاوزت متوسط خط الصفر الذي استمر لأعوام طويلة للمرة الأولى.
وذكر مكتب الإحصاء الاتحادي أن الدولة الألمانية أنفقت أموالاً أكثر مما جنته العام الماضي حيث بلغ إجمالي الدين الحكومي بما في ذلك العجز في الميزانية الاتحادية وميزانيات الولايات والبلديات والضمان الاجتماعي 2.6 % من إجمالي الناتج الاقتصادي مؤكداً بذلك تقديراته الأولية في هذا الشأن وأن العجز في الميزانية الاتحادية يعود إلى إنفاق مساعدات بمليارات اليوروهات بسبب أزمة الطاقة.
وسجلت الولايات الألمانية والسلطات المحلية وصناديق الضمان الاجتماعي فوائض تمويلية وبوجه عام بلغ إجمالي قيمة العجز 101.3 مليار يورو بتراجع قدره 32.9 مليار يورو مقارنة بالعام السابق.
وعلى الرغم من العجز التزمت ألمانيا مجدداً بقواعد الديون الأوروبية المعلقة حالياً التي تسمح بعجز في الميزانية لا يزيد على 3 % وتم تعليق القواعد حالياً حتى 2024 بسبب الضغوط الاقتصادية الناجمة عن جائحة كورونا.