معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ 41 يحتفي بالثقافة العربية والعالمية

في احتفاء متجدد بالثقافة العربية والعالمية بدأت أول أمس فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب، والتي تستمر حتى 13 نوفمبر الجاري، تحت شعار «كلمة للعالم» في مركز إكسبو الشارقة.
وتشهد الدورة ال41 من المعرض مشاركة 2،213 ناشرًا من 95 دولة منهم 1298 دار نشر عربية و915 أجنبية، إضافة إلى الكثير من الفعاليات الثقافية، وورش العمل وعروض التجارب الإبداعية.
الأجواء الاحتفالية التي تشهدها أروقة المعرض تزامنت مع الاحتفال بيوم العلم، حيث تزينت قاعات وممرات المعرض بأعلام دولة الإمارات العربية المتحدة، وإذاعة النشيد الوطني والأغاني المعبرة عن الموروث الشعبي الإماراتي.
ويحتفي المعرض هذا العام بإيطاليا كضيف شرف، وخصص لها جناحا كبيرا يتيح لزواره التعرف إلى الثقافة الإيطالية، إضافة إلى استضافة 16 كاتبا إيطاليا للتعرف عن قرب، في جلسات حوارية مع جمهور المعرض، إلى تجاربهم الإبداعية ومنهم الشاعر والروائي والمترجم جوزيبي كونتي، وعالم الآثار المصرية ومدير المتحف المصري في تورينو كريستيان جريكو، وأستاذة اللغة العربية وآدابها في قسم العلوم السياسية بجامعة لويس في روما فرانشيسكا ماريا كوراو، والأستاذة المساعدة في اللغة العربية وآدابها بجامعة تورينو كلوديا ماريا تريسو، التي ترجمت العديد من الأعمال العربية منها رواية «In the Dead of the Algerian Night»، والكاتبة وعازفة التشيلو أليس كابالي صاحبة رواية «تذكّر باخ»، وفيلسوف العلوم والمتخصص في نظرية التطور والمحاور وكاتب المقالات تيلمو بيفاني، ،وأيضًا أليسيا جازولان، الطبيبة التي تحولت إلى كاتبة لقصص التشويق.
استعراض الثقافة الإيطالية في معرض الشارقة للكتاب لم يتوقف على الإنتاج الأدبي لإيطاليا فحسب لكن أيضا يشهد المعرض إقامة عروض حية يشارك فيها 4 طهاة إيطاليين لاستعراض مهاراتهم في طهي الأطباق الإيطالية المميزة ومنهم كريستينا باورمان، الحاصلة على نجمة ميشلان في روما، وأليساندرو بورجيزي وداميانو كارارا، ولوكا مونتيرسينو.
وسط أجنحة المعرض التي شهدت تنوعا في موضوعات الكتب المعروضة والتي وصل عددها إلى 1.5 مليون كتاب بمختلف لغات العالم وحول كل المعارف والعلوم والفنون، حظيت المخطوطات والكتب النادرة التي توثق وتروي تاريخ الشرق الأوسط الذي يتزايد الاهتمام به لدى المكتبات والمتاحف الإقليمية الرئيسية بالاهتمام الكبير؛ وعرضت دار بيتر هارينجتون الإنجليزية مجموعة تضم أكثر من 100 كتاب ومخطوطة تغطي الفترة من عام 100هـ وحتى القرن الحالي، وتشمل إنجيلاً بيزنطياً قديماً باللغة العربية وصفحة من مصحف نادر من القرن التاسع، إضافة إلى الدراسة الأولى التي جُمع فيها أقدم صور لمكة المكرمة والمدينة المنورة.
المجموعة التي تم إعدادها لهواة جمع الكتب النادرة المكتوبة عن الخليج العربي، كما يقول بوم هارينجتون مالك دار بيتر هارينجتون للنشر، تتتبع وتسجل فصولاً متميزة عن تاريخ المنطقة، ابتداءً من مؤلفات مبكرة عن الثقافة العربية من جانب الرحالة والمفكرين الغربيين، إلى ولادة الدول الحديثة ونهوضها في المنطقة.
الكتب المعروضة ضمت عناوين شديدة التميز والخصوصية منها النسخة الوحيدة المتوافرة في السوق والخاصة بالفصل الأول المختصر والمثير للجدل من كتاب بتي إي لورنس الشهير ب «لورانس العرب» «أركان الحكمة السبعة»، والذي يعرض فيه أفكاره حول ما رآه خيانة من جانبه للشعب العربي، وسعره 65000 جنيه إسترليني.
أيضا أرشيف من الصور الأصلية والوقائع التي تعود إلى عشرينات القرن الماضي والتي جمعها جندي في أثناء خدمته ومرافقته للورانس في الهجمات الشهيرة التي تم القيام بها على السكة الحديدية في الحجاز، مصحوبةً بنسخة من الطبعة المشتركة الخاصة بـ «الأركان السبعة»، التي قدمها لورانس إلى الجندي نفسه، صموئيل هـ. برودي ويصل سعرها إلى 175000 جنيه إسترليني.
تضم المجموعة المعروضة أيضا واحدة من أقدم مخطوطات ابن سينا وتعود إلى عام 1493 ميلادي، وكتاب wealth of nations الذي يعود إلى عام 1776 للكاتب آدم سميث مؤسس علم الاقتصاد الكلاسيكي ويصل سعره إلى 275 ألف جنيه إسترليني.
وإضافة إلى صالات العرض التي ضمت اتجاهات مختلفة من الكتب بلغات متعددة تعكس التنوع الثقافي الذي تشهده دولة الإمارات، تميزت المعارض التي أقيمت بشكل حصري داخل البهو الرئيسي للمعرض؛ فبالتعاون مع «جامعة القلب المقدس الكاثوليكية» و«مكتبة أمبروزيانا» الإيطالية عرضت بشكل خاص مجموعة من المخطوطات العربية والإسلامية النادرة والتي يعود بعضها إلى القرن السابع الهجري، وبعضها يعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط.
وتتضمن مجموعة المخطوطات النادرة المعروضة بعض المقتطفات من القرآن الكريم التي نُسخت خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد، ومخطوطة «روضة الألباب، وتحفة الأحباب، ونخبة الأحساب لمعرفة الأنساب» لابن مقيد ((للمؤيدي))، وتتضمن شجرة عائلة النبي ويعود تاريخها إلى عام 1675، و”الدر المنضود في عجائب الوجود”، وهي مخطوطة في علم الكونيات، نُسِخت في القرن الثاني عشر الهجري، وأيضا جزء من كتاب فيروز آبادي”القاموس المحيط”، وهو من أشهر قواميس اللغة العربية التي نُسِخت عام 828 هـ، و«كشف الوجوه- السبع قراءات» لمكي بن أبي طالب القيسي، وهي مخطوطة في علوم القرآن يعود تاريخها إلى عام 1279 م، إلى جانب مخطوطة موجزة بعنوان «مصباح المتهجّد» لمحمد بن الحسن الطوسي، المكتوبة في عام 1051 هـ.
ويضم المعرض كتاب «المآثر التاريخية للإغريق وللبرابرة عبر حياة هوميروس» للمؤرخ الشهير هيرودوت، يعود لعام 1733، ويشمل 10 خرائط منقوشة، وتحتوي إحدى صفائح المنقوشات على خريطة لمصر القديمة يظهر فيها ترميز واضح لأهرامات الجيزة، إلى جانب بعض الألواح السومرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين، وكذلك بعض البرديات من مكتبة الإسكندرية القديمة.
كما يتيح المعرض الفرصة أمام الزوار للاطلاع على كتاب «تاريخ العرب تحت حكم الخلفاء» الذي يعود تاريخ نشره إلى العام 1753 للمؤلف فرانسوا آوجيير دو ماريني، وكتاب «الكتاب العالمي الجديد في الصيدلة» لأنطونيو دي سجوبيس، المنشور في البندقية عام 1667، والذي يضم وصفات تحضير الأدوية الصيدلانية، وأفكار من التراث الطبي العربي المتأثر بالطبيب الإغريقي جالينوس.
ضم البهو الرئيسي أيضا معرض «آيات مباركة وأقلام مبدعة» والذي عرض مجموعة من المخطوطات القرآنية المتميزة من مجموعة حميد جعفر التي جمعها على مدار أربعين عاما؛ لتشهد على تطور مراحل الخط العربي في كتابة مخطوطات القرآن الكريم.
محتويات المعرض كانت صوراً للمجموعة الأصلية والتي يصل عددها إلى 52 قطعة وتعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية.
رغم رحيله عن عالمنا في 2008 إلا أن الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش ترك أثراً لا يزول، وفي جناح المؤسسة التي تحمل اسمه عرضت دواوينه وكتبه النثرية، وتوثق المؤسسة أعمال درويش الشعرية، بدءاً بديوانه الأول «أوراق الزيتون» الصادر عام 1964، وصولاً إلى ديوانه الأخير «لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي» الذي صدر بعد رحيله، إضافة إلى أعماله النثرية الشهيرة ومنها كتابه «يوميات الحزن العادي».
كما يعرض جناح مؤسسة محمود درويش تعريفاً بالمتحف الذي يحمل اسمه في رام الله، ويشتمل المنشور التعريفي على صور للحديقة التي تضم ضريح الشاعر وجانباً من مقتنيات المتحف من الصور وشهادات التكريم وقاعة الأنشطة الثقافية.
مع تزايد الاتجاه العالمي نحو أدب التشويق والجريمة ينظم مهرجان الشارقة للكتاب سلسلة من اللقاءات بين زواره ومجموعة من الكتاب المتخصصين في أدب الجريمة والتشويق مثل ليزا جاردنر، صاحبة الروايات الأكثر مبيعاً وفقاً لنيويورك تايمز، وجريج هورويتز، صاحب سلسلة «ORPHAN X»، الذي ألّف أكثر من 23 من كتب الإثارة والتشويق ويعد الأكثر مبيعاً أيضا بحسب نيويورك تايمز، إلى جانب دانيال بالمر، مؤلف روايتي «الزوج الجديد» و«الابنة المثالية»، وكاثلين أنتريم، الكاتبة الحائزة جوائز عن روايتها السياسية التشويقية Capital Offense.