السوريون في الأعياد يشربون ويأكلون الورود !..

|| Midline-news || – الوسط …
هل تغنّى الشعراء بكائن حي أكثر من المرأة !؟.
نعم .. فقد فاح شذا الوردة في قصائدهم على مرّ العصور. وملأت ألوانها البهية كتابات الأدباء، ورسم التشكيليون هيئتها الجميلة.
بينما نحن الناس، الذين نحب الوردة كذلك، لم يعد يقتصر وجودها في حياتنا على التمتع برونقها الأخاذ وعطرها النفّاذ. تحديداً زهرة ”الورد البلدي” التي عُرفت منذ فجر التاريخ بأنها مفيدة للجسد والروح معاً، تنعشهما وتبهجهما بلونها الوردي وشذاها العطري الأصيل.
إذ بعد أن احتلت صدارة الأعشاب الطبية لما لها من فوائد مختلفة علاجية وتجميلية. تمّ منذ عقود تطوير استخداماتها، وصرنا نشربها ونأكلها!
“ضيافة الأعياد المحببة” ..
بعد أن شاع تحويل “الورد البلدي” إلى حلوى للأكل. باتت النسوة تحديداً في الريف السوري الذي تزدهر فيه زراعة الورد البلدي، تقوم بطهي ثمراتها وإعدادها بأياديهن (عبر عدة مراحل) إلى شراب وعصير ومربى شهي المذاق.
إنما –بحسب مختصات في الطهي- يعتبر التعامل مع الورد البلدي لطهيه ليس أمراً سهلاً كما قد يبدو للوهلة الأولى! بل هو عمل صعب بعض الشيء، يحتاج إلى خبرة ودقة في مقادير المواد المستخدمة، فأي خلل في المقادير المضافة، سواء السكر أو الماء أو الليمون، قد يُفسد عشرات الكيلوغرامات من الورد البلدي التي تتحول إلى كيلو غرام واحد بعد تجفيفه، ويذهب التعب سدى، وينقضي العيد دون حلوى الورد ودون ضيافة يترقبها الصغار والكبار. فصعوبتها تتجلى في كونها زهرة نادرة يتم قطافها في شهر أيار ويتم تجفيفها جيداً، وتركها إلى فترة العيد لطهي ثمراتها. فإذا فسدت عملية الطهو لن يمكن لربة المنزل جلب المزيد من الورد البلدي لأن موسمه يكون قد فات. وعلى المتضرر انتظار الضيافة إلى العيد المقبل.
“تحضير الشراب والمربى” ..
تقوم النساء قبل حلول العيد باسبوع، بتحضير الشراب والعصير والمربى. حيث يتم جلب الكمية المخزنة في كيس قطني “شوال” ويُفرغ من محتواها ويُمدّ على مساحات واسعة نظيفة، ويُترك للنسيم الحفيف كي يعبث بشوائبه ويطيّرها.
بعد ذلك تُعاد تنقيته من بذوره وتنظيفه وغربلته، ومن ثم بلّ أوراقه بالماء الفاتر كي يلين. تليها مرحلة عجن أوراقه مع السكر وبعض الليمون. ثم إضافته إلى الماء المغلي، ومتابعة مراحل غليانه وتكثيفه لعدة أيام. إلى أن يصبح لدينا مربى الورد.
بينما الماء المحلى المكثف الذي يتبقى من المزيج، يصير شراباً يوضع داخل قوارير زجاجية يُضاف إليه الماء البارد وقطع الثلج في الأعياد التي يصادف حلولها في فصل الصيف، أما باقي الورد المجفف فيُغلى ويُشرب منقوعه في الأعياد التي يصادف حلولها في فصل الشتاء.
ودرجت العادة أن يكون شراب الورد ضيافة العيد مع قطع الكعك. أما مربى الورد فيؤكل مع قطع الخبز بين أفراد العائلة كفطور ليوم العيد. أو يُقدم في صحون هدية للجيران الذين فاتهم إعداده في العيد.
ويظل مشهد نزهة الورد البلدي بين أصابع الأمهات ربات المنازل، مشهداً مذهلاً وحلواً كحلاوة مربى الورد الشهي.