رأي

الزراعة السورية .. تحديات تواجه مساعي التعافي وفجوة غذائية آخذة بالتوسع! .. هني الحمدان 

في عالم اليوم أصبح الغذاء سلاحاً في يد الدول المتمكّنة من إنتاجه وتوجيهه، وتخضع الدول التي تعاني من النقص والندرة، ومن فجوة في منظومة غذاء شعبها ، لمضايقات وأعباء،  وربما لارتهانات لم تكن في حساباتها مطلقاً ، لكن في عالم يشهد تغيّرات متسارعة صارت المصالح المشتركة هي  ديدن أي سياسة ، وحروب الغذاء آخذة بالتمدّد بين الدول والتكتلات الاقتصادية لاستغلال المصالح والتوجهات والفلسفات السياسية أبشع استغلال، تحت ضغط حاجة الشعوب للغذاء ..!

فالفجوة الغذائية تعدّت عن كونها مشكلة إنتاجية اقتصادية ، لتكون مسألة سياسية واستراتيجية ، لها حسابات وتوازن معادلات دولية ترتبط بالأمن القومي ، وربما تصل لدرجة الاستراتيجي .

ومهما كانت مقومات أي دولة غنية ،ولديها  الإمكانات المتوافرة ، لا تستطيع توفير كل ما تحتاج أو تحقّق الاكتفاء الذاتي لتعزيز منظومتها بالأمن الغذائي مهما عظمت مواردها. إلا أن دولاً تنبهت لخطورة ذلك وسلكت مسلكاً أكثر أمناً ،عندما استطاعت تحفيز إنتاج الغذاء بتنمية قطاع الزراعة ودعمت هذا المورد بكل أشكال الدعم ، وسخّرت كل المقومات ليبقى قطاعاً متمكّناً ورافداً رئيسياً للإنتاج ولكي يسد الاحتياج ، وهذا لن يتم إذا لم تكن  التوجهات نحو استدامة الطاقة والغذاء والمياه والدعم أساسيات متوافرة ومسخّرة لخدمة الإنتاج .

خلال السنتين الأخيرتين ارتفعت قيم توريد سلاسل الإمداد للمنطقة العربية ولشعوبها ، وسورية من ضمن نطاقها،  ووصلت إلى مستويات عالية ، حيث كلّفت فاتورة تأمين الغذاء أعباء ضخمة لميزانيات الحكومات العربية ، في ظل تراجع ومحدودية إنتاجيتها وتأمين الغذاء لمواطنيها ذاتياً، وتتحدث نسب الفاو عن تحقيق زيادة تجاوزت الـ٣٠% عما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي ينذر بتوابع ليست مطمئنة ، وعلى الحكومات أن تشمّر عن سواعدها وتغدق في رصد اعتمادات إضافية دعماً للإنتاجية الزراعية ، وأن تدخل في اتفاقات فيما بينها ، لعلّ ذلك يترك مساحة لتبادل وتعزيز التعاون والتشارك الزراعي فيما بينها ، وأقصد هنا الحكومات العربية من باب ضرورة تعزيز الأمن الغذائي العربي .

واقع الزراعة السورية ..

في ظل المتغيّرات ما هو واقع الزراعة السورية اليوم،  وخاصة أن الجفاف ضرب ولا يزال مسيطراً منذ سنوات، وسبّب آثاراً أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي ، إضافة لمسببات تداعيات الحرب والحصار والغلاء؟  أسباب أدت إلى خلخلة ميزان الأمن الغذائي في سورية ، بعد أن حققت مكانة متقدمة في الامن الغذائي وتصدير فوائض عديدة في سنوات البحبوحة الإنتاجية التي سبقت الحرب .

خلال العام الأخير تراجعت إنتاجية بعض المحاصيل وتم تأمين البدائل عنها من السوق الخارجية، وكان ذلك بمثابة ناقوس خطر،  تزداد تبعاته والمخاوف من آثاره يوماً بعد آخر ، ما حدا بالقائمين على وزارة الزراعة إلى رسم سيناريوهات مواجهة للتحديات ولمآلات التخفيف مما يحصل لتعزيز منظومة الإنتاج والمحافظة على الكميات المتحققة ، ووضعوا خططاً ورؤى تتلاءم مع المتغيرات الحاصلة على صعيد متطلبات مستلزمات الإنتاج ، وعلى صعيد متغيرات الظروف البيئية التي عطّلت الخطط ، وعثّرت من مسير عملها كثيراً ، ولكن تبقى كل الخطوات خجولة، إذا لم تفرد الحكومة في حساباتها حجم ما يتطلبه القطاع الزراعي من إمكانيات مادية ضخمة، وتنفيذ أعمال تسهّل من الإنتاجية العالية ، عبر تأهيل السدود وإعادة تنفيذ شبكات ري حديثة وتخفيف أعباء مبيع مستلزمات الإنتاج تشجيعاً للفلاح ليبقى في دائرة الإنتاج ، وتسهيل توطين التقنيات الزراعية الجديدة بأساليب سهلة وممكنة مناسبة لجيب الفلاح ، ومن ثم تطوير الصناعات الغذائية بالشراكة مع القطاع الخاص ، لمساهمة ذلك في تحسين الميزان التجاري ، حيث إن سورية قادرة حسب معلومات وأرقام وزارة الزراعة على إضافة مساحات جديدة للزراعة ، في حال تم الدعم وتوافر المياه وتحقيق ميزان الموارد المائية.

كثيرة هي سيناريوهات العمل لمجابهة التحديات الضاغطة،  ومنها الظروف المناخية وتضخم أعباء مستلزمات الإنتاج ، لكن لن تخرج تلك السيناريوهات إلى حيّز التطبيق مادام البخل أو الشحّ الحكومي قائماً .

الزراعة اليوم أو غداً ليست بوضع مطمئن، وهذا يجب أن يكون دافعاً حقيقياً،  على الحكومة أن تعي ذلك وتضعه في سلّم أولوياتها ، ليس خططاً ومناهج عمل ، بل دعم حقيقي وتنفيذ مباشر . الزراعة إذا لم تتضاعف ميزانيات دعمها ويتم دعم منظومة الموارد المائية فإن خللاً قد بدأت شقوقه تتوضّح ، وإذا تراجعت إنتاجية بعض المحاصيل ربما تزداد وتطال محاصيل أخرى،  كنا بالأمس نتغنّى ببحبوحتها ،وهنا مكمن الخطورة .!

يستطيع القطاع الزراعي السوري رفع معدلات النمو إذا تمت معالجة ما يواجهه من تحديات كبيرة ،من كلف الطاقة واستخدام مصادر مياه متنوعة، ومن الأولوية على راسم السياسات المالية تحسين القيمة الغذائية المضافة للقطاع ، بتطوير البنية التحتية لسلسلة التوريد ، وفرص تحسين الصناعات الغذائية، والاهتمام بالصادرات مع تقليل الفاقد الزراعي والغذائي ، من خلال التحوّل الرقمي لاستدامة الأمن الغذائي .

والسؤال الأخير: هل بمقدور الحكومة إعادة البريق للقطاع الزراعي؟ صحيح أن بياناتها وأقوالها تشير في كل مناسبة إلى أهمية الشقّ الزراعي والصناعي ، وتعزيز مقومات صمودهما، إلا أن الأقوال لا تأتي بفائدة إذا  ما اقترنت بجملة إجراءات وخطوات داعمة ، في وقت صارت مستلزمات الإنتاج أغلى وأكثر كلفة من إنتاجها ، والفلاح إذا لم تساعده الحكومة  سيترك زراعته شيئاً فشيئاً ، ونرتهن عندها لسياسات دول ودفع فاتورة غذاء عالية ومكلفة جداً .

ماعليكم سوى إنقاذ القطاع الزراعي ودعمه بسخاء ،واليوم قبل الغد ، لتأكلوا مّما تزرعون ، ذلك خيرٌ من اتفاقات انتظار وصول المنتجات من الخارج ..!

في عالم اليوم أصبح الغذاء سلاحاً في يد الدول المتمكّنة من إنتاجه وتوجيهه، وتخضع الدول التي تعاني من النقص والندرة ، ومن فجوة في منظومة غذاء شعبها ، لمضايقات وأعباء،  وربما لارتهانات لم تكن في حساباتها مطلقاً ، لكن في عالم يشهد تغيّرات متسارعة صارت المصالح المشتركة هي  ديدن أي سياسة ، وحروب الغذاء آخذة بالتمدّد بين الدول والتكتلات الاقتصادية لاستغلال المصالح والتوجهات والفلسفات السياسية أبشع استغلال، تحت ضغط حاجة الشعوب للغذاء ..!

فالفجوة الغذائية تعدّت عن كونها مشكلة إنتاجية اقتصادية ، لتكون مسألة سياسية واستراتيجية ، لها حسابات وتوازن معادلات دولية ترتبط بالأمن القومي ، وربما تصل لدرجة الاستراتيجي .

ومهما كانت مقومات أي دولة غنية ،ولديها  الإمكانات المتوافرة ، لا تستطيع توفير كل ما تحتاج أو تحقّق الاكتفاء الذاتي لتعزيز منظومتها بالأمن الغذائي مهما عظمت مواردها. إلا أن دولاً تنبهت لخطورة ذلك وسلكت مسلكاً أكثر أمناً ،عندما استطاعت تحفيز إنتاج الغذاء بتنمية قطاع الزراعة ودعمت هذا المورد بكل أشكال الدعم ، وسخّرت كل المقومات ليبقى قطاعاً متمكّناً ورافداً رئيسياً للإنتاج ولكي يسد الاحتياج ، وهذا لن يتم إذا لم تكن  التوجهات نحو استدامة الطاقة والغذاء والمياه والدعم أساسيات متوافرة ومسخّرة لخدمة الإنتاج .

خلال السنتين الأخيرتين ارتفعت قيم توريد سلاسل الإمداد للمنطقة العربية ولشعوبها ، وسورية من ضمن نطاقها،  ووصلت إلى مستويات عالية ، حيث كلّفت فاتورة تأمين الغذاء أعباء ضخمة لميزانيات الحكومات العربية ، في ظل تراجع ومحدودية إنتاجيتها وتأمين الغذاء لمواطنيها ذاتياً، وتتحدث نسب الفاو عن تحقيق زيادة تجاوزت الـ٣٠% عما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي ينذر بتوابع ليست مطمئنة ، وعلى الحكومات أن تشمّر عن سواعدها وتغدق في رصد اعتمادات إضافية دعماً للإنتاجية الزراعية ، وأن تدخل في اتفاقات فيما بينها ، لعلّ ذلك يترك مساحة لتبادل وتعزيز التعاون والتشارك الزراعي فيما بينها ، وأقصد هنا الحكومات العربية من باب ضرورة تعزيز الأمن الغذائي العربي .

في ظل المتغيّرات ما هو واقع الزراعة السورية اليوم،  وخاصة أن الجفاف ضرب ولا يزال مسيطراً منذ سنوات، وسبّب آثاراً أدت إلى تراجع الإنتاج الزراعي ، إضافة لمسببات تداعيات الحرب والحصار والغلاء؟  أسباب أدت إلى خلخلة ميزان الأمن الغذائي في سورية ، بعد أن حققت مكانة متقدمة في الامن الغذائي وتصدير فوائض عديدة في سنوات البحبوحة الإنتاجية التي سبقت الحرب .

خلال العام الأخير تراجعت إنتاجية بعض المحاصيل وتم تأمين البدائل عنها من السوق الخارجية، وكان ذلك بمثابة ناقوس خطر،  تزداد تبعاته والمخاوف من آثاره يوماً بعد آخر ، ما حدا بالقائمين على وزارة الزراعة إلى رسم سيناريوهات مواجهة للتحديات ولمآلات التخفيف مما يحصل لتعزيز منظومة الإنتاج والمحافظة على الكميات المتحققة ، ووضعوا خططاً ورؤى تتلاءم مع المتغيرات الحاصلة على صعيد متطلبات مستلزمات الإنتاج ، وعلى صعيد متغيرات الظروف البيئية التي عطّلت الخطط ، وعثّرت من مسير عملها كثيراً ، ولكن تبقى كل الخطوات خجولة، إذا لم تفرد الحكومة في حساباتها حجم ما يتطلبه القطاع الزراعي من إمكانيات مادية ضخمة، وتنفيذ أعمال تسهّل من الإنتاجية العالية ، عبر تأهيل السدود وإعادة تنفيذ شبكات ري حديثة وتخفيف أعباء مبيع مستلزمات الإنتاج تشجيعاً للفلاح ليبقى في دائرة الإنتاج ، وتسهيل توطين التقنيات الزراعية الجديدة بأساليب سهلة وممكنة مناسبة لجيب الفلاح ، ومن ثم تطوير الصناعات الغذائية بالشراكة مع القطاع الخاص ، لمساهمة ذلك في تحسين الميزان التجاري ، حيث إن سورية قادرة حسب معلومات وأرقام وزارة الزراعة على إضافة مساحات جديدة للزراعة ، في حال تم الدعم وتوافر المياه وتحقيق ميزان الموارد المائية.

كثيرة هي سيناريوهات العمل لمجابهة التحديات الضاغطة،  ومنها الظروف المناخية وتضخم أعباء مستلزمات الإنتاج ، لكن لن تخرج تلك السيناريوهات إلى حيّز التطبيق مادام البخل أو الشحّ الحكومي قائماً .

الزراعة اليوم أو غداً ليست بوضع مطمئن، وهذا يجب أن يكون دافعاً حقيقياً،  على الحكومة أن تعي ذلك وتضعه في سلّم أولوياتها ، ليس خططاً ومناهج عمل ، بل دعم حقيقي وتنفيذ مباشر . الزراعة إذا لم تتضاعف ميزانيات دعمها ويتم دعم منظومة الموارد المائية فإن خللاً قد بدأت شقوقه تتوضّح ، وإذا تراجعت إنتاجية بعض المحاصيل ربما تزداد وتطال محاصيل أخرى،  كنا بالأمس نتغنّى ببحبوحتها ،وهنا مكمن الخطورة .!

يستطيع القطاع الزراعي السوري رفع معدلات النمو إذا تمت معالجة ما يواجهه من تحديات كبيرة ،من كلف الطاقة واستخدام مصادر مياه متنوعة، ومن الأولوية على راسم السياسات المالية تحسين القيمة الغذائية المضافة للقطاع ، بتطوير البنية التحتية لسلسلة التوريد ، وفرص تحسين الصناعات الغذائية، والاهتمام بالصادرات مع تقليل الفاقد الزراعي والغذائي ، من خلال التحوّل الرقمي لاستدامة الأمن الغذائي .

والسؤال الأخير: هل بمقدور الحكومة إعادة البريق للقطاع الزراعي والزراعة السورية؟ صحيح أن بياناتها وأقوالها تشير في كل مناسبة إلى أهمية الشقّ الزراعي والصناعي ، وتعزيز مقومات صمودهما، إلا أن الأقوال لا تأتي بفائدة إذا  ما اقترنت بجملة إجراءات وخطوات داعمة ، في وقت صارت مستلزمات الإنتاج أغلى وأكثر كلفة من إنتاجها ، والفلاح إذا لم تساعده الحكومة  سيترك زراعته شيئاً فشيئاً ، ونرتهن عندها لسياسات دول ودفع فاتورة غذاء عالية ومكلفة جداً .

ماعليكم سوى إنقاذ القطاع الزراعي ودعمه بسخاء ،واليوم قبل الغد ، لتأكلوا مّما تزرعون ، ذلك خيرٌ من اتفاقات انتظار وصول المنتجات من الخارج ..!

 

إقرأ أيضاً .. هل نحتاجُ  إلى معجزات كبرى !؟ ..

إقرأ أيضاً .. “الحالة السورية” .. استشراف للواقع والمستقبل ..

 

*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب

 

صفحاتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى