الرواية المشتركة- هاجس أم ضرورة؟!.. بقلم أحمد علي هلال

تجربة الكتابة المشتركة لا سيما في حقل الرواية؛ ستستدعي في الذاكرة الثقافية -على الأقل- تجربة الروائيين جبرا ابراهيم جبرا وعبد الرحمن منيف في عملهما المشترك (عالم بلا خرائط)، التي تشكل بزمنها هاجساً جميلاً جمع خبرات كاتبين يمتلكان من الفذاذة الروحية والعبقرية الإبداعية ما يمكنهما من أن يتحاورا كصوتين دالين في الرواية العربية وعلاماتها المتحققة.
على الرغم من محاولة الروائي الراحل آنذاك عبد الرحمن منيف عدم التعويل على هذه التجربة وجعلها مجرد محاولة لاختبار حساسيتين إبداعيتين تتركان للقارئ اكتشاف مساحة الأصوات وقدرة هذه الأصوات على أن تشكل نسيجاً روائياً مختلفاً في ضوء الاحتمالات، ربما يستجيب القارئ بحثاً عن فرادة ما بعينها، وهذا من شأنه أن يغير في ما هو قار من هيمنة المؤلف الفرد، الذي يتعدد في نصه كما أصواته وحوارية أصواته…
هي تجربة فحسب، لكن السؤال ماذا لو تعددت الأسماء/ الأصوات في نسيج رواية واحدة، ولكل اسم خصوصيته وفرادته، هل ستشكل إضافة ستعني قيم الحوار، وبمعنى آخر ستعني جدلية جنس يستجيب لتلك الأصوات بنسب ما وباحتمالات جمالية ما، أقلها الاختلاف لا التماثل، لا سيما في روايات الحرب ومدوناتها، تجربة ستنهض لها أسئلة مغايرة في ضوء التعدد والحوار والتنويع والخصائص الأسلوبية المشتركة، دون تجاوز الخصوصية الفردية، فهل ثمة استجابة جمالية بعيداً عن الجمال العمومي الذي يستقبله القارئ ويعيد بثه في أشكال تلقيه للرواية، ودون أن يكون محض التعاطف هو الدال على استقبال العمل الإبداعي.
فمن شأن التعدد أن يفيض بثقافة المبدعين المشتركين، بحثاً عن مشتركات دالة يمكن حسابها لصالح عمل ما بعينه، لكنها كناية عن مغامرة تعني الاكتشاف وحوافز التأويل في قضية جدلية لم تضع أوزارها بعد، وبما تنفتح له من استجابات واعية تحكمها قدرة الرواية على الاختراق وإقصاء التماثل، والتأسيس لآفاق حوارية عابرة للجنس الإبداعي.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا