الرئيس التونسي يقيل وزير الخارجية

قرر الرئيس التونسي قيس سعيد إقالة وزير الخارجية عثمان الجرندي من منصبه وسط أزمة سياسية عميقة في البلاد. وأصدر سعيد مرسوماً بتعيين نبيل عمار وزيراً للخارجية خلفا لعثمان الجرندي.
ويشغل عمار حالياً منصب سفير تونس في بروكسل وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة.
ولم تذكر الرئاسة التونسية أسباب إقالة الجرندي.
وتعيش تونس أزمة سياسية حيث أصدر الاتحاد العام التونسي للشغل بياناً جدد فيه تمسكه بالحوار سبيلاً وحيداً للخروج من الأزمة في البلاد.
وأكد الأمين العام المساعد للاتحاد، سامي الطاهري، أن ما يجري في تونس منذ أشهر يعد انحرافاً عن المسار التصحيحي.
الغلاء يبعد التونسيين عن صناديق الاقتراع
ذكرت “إندبندنت عربية” في تقرير لها أن نتائج الانتخابات البرلمانية في تونس عكست حقيقة ثابتة مفادها أن التونسيين لم يعد يعني لهم الشأنان العام والسياسي في البلاد شيئاً كثيراً وأن تركيز البرلمان الجديد من عدمه لا يمثل أولوية قصوى بقدر ما أضحى وضعهم المعيشي والاقتصادي المتردي يتصدر اهتماماتهم بشكل كبير.
ويجمع جل التونسيين على أن المسألة الاقتصادية والمالية صارت في مقدم أولوياتهم بسبب تردي مقدرتهم الشرائية واستفحال الغلاء لارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية 10.1% في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي الأمر الذي أثر في المشاركة في الحياة العامة والحياة السياسية بحسب الصحيفة الإلكترونية.
وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة التصويت في الانتخابات العامة في تونس عرفت مستوى ضعيفاً بلغ معدل 11% لأول مرة منذ سنة 2011 في انتخابات البرلمان في حلته الجديدة في دورتيه الأولى والثانية في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022 و29 يناير (كانون الثاني) 2023.
وتعقيباً على نتائج الانتخابات البرلمانية أكد الرئيس التونسي قيس سعيد على ضرورة قراءة نتائج الانتخابات التشريعية بشكل مختلف وذلك إثر الإعلان عن تلك النتائج من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وقال الرئيس التونسي الذي أجرى مساء الإثنين الماضي تعديلاً جزئياً على الحكومة في حقيبتي الفلاحة (الزراعة) والتربية والتعليم إثر زيارة له إلى القصر الحكومي بساحة القصبة في العاصمة التونسية ولقاء رئيس الوزراء نجلاء بودن في قصر الحكومة بالقصبة: إن 90% من المعنيين بالانتخابات لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان بالنسبة إليهم لم يعد يمثل لهم شيئاً داعياً إلى “قراءة الأرقام بنسبة التصويت لا بنسبة العزوف”.
ولاحظ الرئيس سعيد أن رد فعل الناخبين في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية والدورة الثانية كانت حيال السنوات العشر الماضية التي جعلت البرلمان مؤسسة داخل الدولة ومؤسسة عابثة بالدولة حسب وصفه.
وشدد على أن نسبة الإقبال على الانتخابات التي حددتها الهيئة بـ11.4% تؤكد على أن التونسيين لم يعودوا يثقون بهذه المؤسسات” وقال رئيس الدولة أيضاً: توجد حاجة اليوم لقراءة الأرقام بشكل أفضل وقراءة الأوضاع كذلك.
وأدلى نحو /859/ ألفاً وناخبين اثنين بأصواتهم في صناديق الاقتراع في /131/ دائرة انتخابية من إجمالي سبعة ملايين و/853/ الفاً و/447/ ناخباً مسجلين في السجلات ومعنيين بالدور الثاني من الانتخابات التشريعية.
في غضون ذلك علق المتخصصون في الشأن السياسي والاقتصادي على أن مشاركة التونسيين في الانتخابات البرلمانية في شكلها الجديد تعد فاترة طغى عليها الوضع الاقتصادي الصعب للتونسيين.
وقال رئيس الجمعية التونسية لنزاهة ومراقبة الانتخابات (مستقلة) بسام معطير: إن جل المواطنين المستجوبين إثر خروجهم من مراكز الاقتراع أو أثناء الحملة الانتخابية في دورتيها الأولى والثانية برهنوا على أن الانتخابات لم تعد تعني لهم شيئاً كثيراً طالما أن وضعيتهم الاقتصادية لم تتحسن بل زادت سوءاً وتعكرت أكثر بدليل الصعوبات الجمة في الحصول على أبسط المواد الغذائية كالزيت النباتي المدعم والحليب.
وأوضح أن المشاركة الضعيفة دليل على أن الشعب غير معني بهذه العملية السياسية ولا يرى في تغيير الدستور والانتخابات الجديدة أملاً في إصلاح حال البلاد مضيفاً أن ضعف المشاركة في الانتخابات تلخص مشاعر التونسيين إذ يشعر كثيرون بالإحباط بسبب الانحدار في مستوى المعيشة منذ عام 2011 ونقص في المواد الغذائية الأساسية.
وأوضح معطر أن الناخبين غير مهتمين بالمسار الانتخابي ويأتي ذلك في خضم أزمة اقتصادية واجتماعية أثقلت كاهل التونسيين بسبب ارتفاع الأسعار وفقدان المواد الاستهلاكية الأساسية باستمرار كما شهدت مشاركة الشباب تراجعاً كبيراً بنسبة لم تتجاوز 4%.
ويعتقد جانب كبير من التونسيين وفق استطلاعات رأي أن مسار 25 يوليو (تموز) 2021 جاء من أجل إصلاح الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية المتردية نتيجة سياسات وخيارات العشرية السوداء وأهمها الدفاع عن مكتسبات الشعب وحقه في حياة كريمة غير أنهم أحبطوا من أداء الحكومة لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بارتفاع مشط للأسعار وسط فقدان لعديد من المواد الغذائية الأساسية ما تسبب بأزمة حقيقية في البلاد.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة، فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.