اقتصادالعناوين الرئيسية

للمرة الأولى.. الجزائر تفتتح خمسة بنوك خارج البلاد

كشف رئيس الجمعية المهنية للبنوك في الجزائر لزهر لطرش عن قرب افتتاح فروع لمصارف جزائرية خارج البلاد للمرة الأولى، ومن المنتظر أن يتم افتتاح فرع تابع لبنك الجزائر الخارجي في فرنسا ــ سيكون الأول أوروبياً ــ قبل نهاية العام 2022، إلى جانب فرعين آخرين في أفريقيا، الأول في السنغال، والآخر في موريتانيا (عبارة عن تكتل لأربعة بنوك جزائرية).

لطرش قال إن القرار يأتي ضمن إجراءات تسهيل التصدير على المستثمرين الجزائريين، خصوصاً في ظل المنطقة الأفريقية الحرة، إضافة إلى تشجيع التجارة الخارجية تجاه أوروبا.

ويكتسب القرار أهمية اقتصادية كبيرة بالنظر إلى حجم الجالية الجزائرية في فرنسا وحدها، إذ تشير مصادر رسمية إلى وجود 623 ألفاً و 145 جزائرياً لديهم بطاقة إقامة فرنسية في العام 2020، في حين يقدر المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات الاقتصادية عدد أفراد الجالية الجزائرية ككل بما لا يقل عن مليونين و 600 ألف شخص.

الحكومة الجزائرية، اشتكت في وقت سابق من ضعف قيمة تحويلات العملة الصعبة للمغتربين، حيث كشف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن في وقت سابق أن قيمة التحويلات بلغت نحو 1.7 مليار دولار سنوياً، أي ما يمثل 1.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي (السابعة عربياً وفق ترتيب فوربس)، في حين يقدر الخبراء قيمتها الفعلية بـ 8 مليارات دولار سنوياً.

تتزامن هذه الخطوة مع خطة الحكومة لرفع الصادرات خارج المحروقات إلى 15 مليار دولار في آفاق 2025 (7 مليارات دولار نهاية 2022)، ويأتي القرار الجديد في وقت يعاني فيه الاقتصاد الجزائري من توسّع نشاطات السوق الموازية، إذ سبق للرئيس عبد المجيد تبون شخصيّاً الإعلان عن تداول كتلة نقدية خارج القنوات المالية الرسمية تعادل 90 مليار دولار، ما يعني بعملية حسابية أن قرابة 30 مليار دولار تفلت من الخضوع للضريبة.

تسهيل المبادلات وحركة الأموال..

وعن علاقة الإجراء بإصلاح النظام البنكي في الجزائر ومسعى احتواء السوق الموازية، يستبعد الخبير المالي عبد القادر برّيش تأثيره في استقطاب الأموال المتداولة بالسوق غير الرسمية، مؤكداً أن “هذه المشكلة تخص الوضع الاقتصادي الداخلي، وهي مهمة البنوك الجزائرية الناشطة في السوق المحلية لاحتواء تلك الأموال وتحقيق المزيد من الشمول المالي”.

بالمقابل، يرى برّيش في حديث للجزيرة نت أن الهدف الأساسي، تسهيل المبادلات وحركة انتقال رؤوس الأموال بين الجزائر والدول المستهدفة، وفصّل بالقول إن فتح فروع للبنوك الجزائرية في فرنسا يستهدف استقطاب أموال الجالية الجزائرية هناك وقي أوروبا عموماً، وضمان تحويل الأموال بالعملة الصعبة إلى الداخل عبر القنوات الرسمية، “في انتظار إصلاح مشكلات سوق الصرف الأجنبي في بلادنا”، على حد وصفه.

الخبير المالي اعتبر أن الإجراءات الجديدة ستسهّل إجراءات التحويلات المالية للمتعاملين الاقتصاديين، وحركة التجارة والتصدير والاستيراد مع فرنسا وباقي دول الاتحاد الأوروبي، أما بالنسبة لافتتاح فروع لمصارف جزائرية في كل من موريتانيا والسنغال فإنه يأتي “مصاحباً ومعززاً لسياسة الجزائر في تطوير المبادلات التجارية مع الدول الأفريقية، والاستفادة من مزايا اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وزيادة الصادرات خارج المحروقات نحو القارة”.

ويعتقد برّيش، وهو عضو لجنة المالية بالبرلمان، أن هذا الانفتاح على الأسواق الخارجية سيجعل البنوك الجزائرية ترفع تحدي تعزيز قدراتها التنافسية، وتقديم خدمات في مستوى جودة البنوك الأجنبية، وفقا للمعايير العالمية، وستدفع التجربة الجديدة البنوك الجزائرية، ومن خلالها النظام المصرفي الوطني ككل، إلى إصلاح الضعف البنيوي المحلي، والدفع باتجاه التحديث والعصرنة.

وشدد برّيش على أن نجاح المؤسسات المالية لبلاده يتوقف على مدى قدراتها التنافسية في الأسواق الخارجية والبيئات التي ستوجد فيها، ومن خلال حزمة الخدمات التي تقدمها، والأهداف التي تحددها في خطتها التشغيلية، وكشف النائب الجزائري أنّ ذلك هو “الرهان المعوّل عليه من خلال مشروع إصلاح قانون النقد والقرض، والذي سيكون محلّ دراسة ومناقشة على مستوى البرلمان في الأسابيع القادمة”.

إقناع المودعين والمستثمرين..

من جهته، يرى الخبير الاقتصادي رياض حاوي أن الخطوة إيجابية من حيث المبدأ، لأن هذه الفروع البنكية ستواجه تجارب جديدة في بيئة ماليّة شديدة التنافس، “ما يحتم عليها التكيف مع تحديات الأسواق التي تنشط فيها ويدفع بها إلى تحسين خدماتها وتطوير نظمها”، وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن اختيار السنغال وموريتانيا أفريقيّاً، مجرد بداية أولية، ستليها تجارب للتوسع في أسواق أكبر وأكثر أهمية من حيث الكثافة السكانية حتى تسمح لتلك البنوك بالنمو.

وتوقع أن تكون الخطوة مفيدة في مرافقة الأنشطة التجارية والاستثمارية للمؤسسات الجزائرية، وكذلك استقطاب رأس مال عامل ومحرك، والربط بين المستورد المحلي ونظيره الدولي، وكذا الاطلاع على التقارير المالية للشركات العاملة في كثير من الدول.

غير أن الخبير الجزائري، المقيم في ماليزيا، أكد وجود تحديات تعترض استقطاب المودعين المحليين بالدرجة الأولى، وكيفية المساهمة في تمويل الأنشطة التجارية والصناعية في تلك الدول بغرض تحقيق عائد على الاستثمار، كما أشار رياض حاوي إلى مشكلة ازدواجية سعر الصرف البنكي والموازي، إذ يصعب إقناع المودعين والمستثمرين بجلب أموالهم في ظلّ فرق بين السعرين يبلغ 50%.

تحويلات الجالية الجزائرية..

من جهة أخرى، يرى أستاذ الاقتصاد والمالية في فرنسا يوسف بلطرش أن افتتاح فروع بنكية جزائرية هناك قد يساهم في زيادة معتبرة لحجم التحويلات المصرفية للجالية الجزائرية تقارب أو تفوق 10 مليارات دولار، خصوصاً في ظل الأزمات العالمية المختلفة، وضعف القدرة الشرائية في الجزائر، وارتفاع نسبة التضخم جراء وباء كورونا والحرب في أوكرانيا.

لكن ذلك يبقى رهناً بالشروط التي سيتم اعتمادها من طرف الحكومة الجزائرية في التحويلات، وأولها التكلفة التي تعد حالياً الأعلى في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (7%)، حسب الخبير بلطرش.

واشترط في تصريح للجزيرة نت سرعة وآنية التحويلات المصرفية، وإمكانية القيام بها من الفرع البنكي في فرنسا إلى جميع المؤسسات والفروع بفي لجزائر، ما يمكّن جميع المواطنين من تحصيل الأموال في حساباتهم المختلفة، وهو ما يتطلب تدارك التأخر الكبير في تطوير المنظومة البنكية ورقمنتها كإجراء حيوي يسهل الحصول على تمويلات إضافية تدعم الاقتصاد الوطني.

وأضاف بلطرش إلى حزمة الشروط قيمةَ التحويلات المسموح بها، وإمكانية الاختيار بين سحبها بالعملة الصعبة أو تصريفها بالدينار الجزائري، “في ظل الفارق الكبير بين سعر الصرف البنكي والسوق الموازية”، ويتخوف الخبير من عدم الترخيص الحكومي بسحب الأموال المحولة بالعملة الصعبة، لأنه سيشكل دعماً مباشراً لسوق الصرف الموازي، وهو ما تريد الحكومة التخلص أو التقليل منه على الأقل.

ولمواجهة هذا الوضع، يشدد بلطرش على ضرورة تحرير مكاتب الصرف الخاصة وتقنينها كنشاط تجاري مالي، مع ترك هامش لتحديد سعر الصرف عن طريق العرض والطلب، ما يمكنه من الإبقاء على جاذبيته ومكانته، لكن في إطار تنظيمي رسمي واضح المعالم وغير بيروقراطي، على حد تعبيره.

بنوك غير مؤهلة في الخارج..

في المقابل، يعتقد محمد حميدوش، المستشار لدى البنك الدولي، أن البنوك العمومية الجزائرية ليست مؤهلة الآن لتواجدها في الخارج، لأنها “اعتادت العمل ضمن الاحتكار ونظام بنكي لا يحقق الأرباح من نشاطه الأساسي المبني على تقديم المخاطرة في تقديم القرض للمستثمرين والاقتراض من السوق النقدي، وإنما من العمولات الناجمة عن الخدمات البنكية والتعاملات التجارية”، بسبب ضعف في قانون النقد والقرض.

هذا الوضع جعل البنوك الجزائرية تعتمد نظام تسيير كلاسيكي ولا تخشى المنافسة بسبب ضمانها من طرف الدولة، والكلام للخبير حميدوش، بينما هذه الذهنية لا تتماشى إطلاقاً مع الأوضاع في القارتين الأوروبية والأفريقية، حيث المنافسة شرسة وتتطلب التكيف مع الواقع الاقتصادي والثقافي.

وبالنسبة للتبادلات التجارية، حذر المستشار لدى البنك الدولي من المراهنة كثيراً على تلك البلدان في ميدان التصدير لأنه سيكون محكوماً بنوع بنك المتعامِل وضماناته، بل توقّع على المدى المتوسط (5 سنوات) تسجيل المؤسسات الجزائرية خسارة ينبغي أن تتحملها سياسياً ومالياً.

وعليه، يرى حميدوش أن شروط نجاح العملية غير متوافرة، خصوصاً فيما يتعلّق بسوق العملة غير المحرر، ما من شأنه أن يصعّب دور البنوك في جمع الادخار من الجالية الجزائرية بصفة خاصة، والعربية والمسلمة بصفة عامة، كما قال حميدوش إن الحسابات الخاصة للبنوك العمومية الجزائرية غير معروفة “ومدى المخاطرة التي تتحملها ميزانيتها غير معروفة أيضاً ضمن منطق الشفافية، ما سيعقد تعاملاتها مع البنوك العالمية، والتي لا تتم إلا بوسيط بنكي أجنبي كضامن”.

للمزيد من الأخبار تابعوا صفحتنا على الفيسبوك  –تلغرام –تويتر

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك