التشكيلي عصام درويش يختزل الحرب في نظرات العيون.. وزوار معرضه صُدموا برؤية ملامحهم في لوحاته!

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس
.
ما الذي رأته هذه العيون: المترقبة، القلقة، الخائفة، المذعورة، المصدومة؟ وكل ما سمحت به مساحات اللوحات المتبقية لكشف ملامح الوجوه المكلومة اليائسة؟
ما الذي رأته سوى حرب لعينة جعلتها فاغرة الأفواه، غارقة في صدمة المستحيل الذي صار واقعاً مفترساً؟
الأكثر صدمة بالنسبة للزائر المتلقي، أنه يرى في اللوحات مرآة تعكس نظراته وحاله وحياته! ولا يعود مهماً أن تكون اللوحة لوجه أنثى. فأمام ملامحها، يقف الزائر- الزائرة؛ أمام إنسان الحرب. أمام نفسه.
بتلك النظرات التي نابت عن الفنان المبدع عصام درويش، وبتقنية رائعة تعتمد ورق الذهب، روى فناننا في نصوصه اللونية حكاية الحرب وآثارها على الإنسان، في معرضه الذي انطلق مساء أمس في صالته “عشتار” بحضور كوكبة من كبار الفنانين والجمهور المتذوق للفن التشكيلي ولأعمال درويش.
“إبداع ومهارة وصبر”
الصدمة في ملامح شخوص اللوحات التي تستقبل الزائر بمجرد دخوله الصالة، تنتقل إلى وجهه وروحه! تصدمه.. لأنه سرعان ما ينتقل من عالم الآحزان والآلام والخيبة والضياع في هذا العقد من ألفيتنا الثالثة. إلى عالم الطبيعة والجمال والفرح ما قبل عام 2000- حيث في منتصف السبعينيات بدأ درويش رحلته الفنية التي تبلورت الآن تجربة قيّمة –بحسب وصف النقاد- ليرى الزائر عوالم مختلفة وشخوص لا يشبهون هؤلاء الذين استقبلوه ملتاعين من الحرب وويلاتها. وليشهد كمتلق متذوق أساليب فنية وتقنيات تكشف عن تمتع درويش بالإبداع فالمهارة ثم الصبر، خاصة أمام تقنية “التنقيط” في لوحات كبيرة القياس، تتطلب مع الإبداع؛ عشق الفن.
“خطة ذكية”
المعرض في جزء منه يشكّل “خطة ذكية” اتبعها درويش، ليُعرّف الجيل الحالي من الجمهور المتذوق إلى تجربته الفنية وتطورها وتصاعدها وصولاً إلى ارتقائه مكانة مهمة في عالم التشكيل بوصفه أحد أهم فناني سورية من جيل ما بعد الرواد.
فالمعرض أتاح لكل متلق أن يشهد مراحل زمنية من تجربة الفنان درويش بدأت عام 1976 وصولاً إلى عام 2019. بكل ما طرأ عليها من تحولات وتحديث في التقنيات وخوض أفكار لونية وتقنية وإنسانية وفكرية. والأهم رؤى جديدة رغم تصنيفها ضمن المدرسة الفنية الواقعية، لكنها اتخذت أجنحة تحلّق فيها في فضاء الابتكار.
“تحولات وانقلابات”
“الوسط” كانت في المعرض وجالت مع الفنان في أرجائه، وتوقفت معه حول سبب تسمية المعرض “ما يشبه الاستعادي” فأجاب بقوله: “اخترت هذا العنوان للمعرض لأنه يضم مختارات من أعمالي من مراحل زمنية مختلفة بين أعوام ١٩٧٦ و ٢٠١٩. ولم أتمكن من عرض سوى القليل القليل، لأن لوحاتي مقتناة”.
وحول ما يمكن تسميته “انقلاب كبير” في موضوعات أعماله الفنية ولوحاته الحديثة، قال درويش:
“صحيح، فمنذ عام ٢٠١٣ وبعد مرور أحداث جسام من تاريخ الكارثة السورية، ولجت أعمالي في التساؤلات المحيرة بخصوص ما نحن فيه وما نحن مقبلون عليه! ولا تزال الأسئلة الصعبة والمعقدة تنتاب جيلاً بأكمله من سكان هذه البقعة الجغرافية المليئة بالتناقضات العصية على الحصر, لهذا كان التحول في أعمالي، بل لا يمكن إلاّ أن يكون الفنان الأكثر تأثراً ومن ثم الأكثر رصداً لهذا الواقع الأليم”.