إضاءات

التخلي عن الأدب ! .. أحمد علي هلال

هل بالإمكان التخلي عن الأدب؟، تحت هذا العنوان الإشكالي يكتب الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو كتاباً شائقاً وشاقاً بآن، وما يلبث أن يطرحه كسؤال في مقدمة هذا الكتاب.

وبعيداً عن هذا السؤال المراوغ والذي تُقارب فيه موضوعة (التخلي) سيستدعي هذا العنوان شواغل -كيليطو- الإبداعية والفائضة بالتجاوز والاجتراح والافتراع لتفكير نقدي يحايث الأدب في غير فضاء، ذلك أن موضوعة التخلي ما هي إلا ذريعة لانبعاث تفكير جديد يهز أنساق المحكي الراسخ، ويسعى في إثر جدلية الذات والآخر، والسعي أكثر إلى إيجاد كما يراه كيليطو (المقابل) بين النصوص العربية والنصوص الأوروبية، فهل قصد أن يذهب إلى المعادل: الجمالي أو الرؤيوي بعيداً عن إشكاليات المقابل الموضوعي والتباس استقباله في النقد العربي.

وستأخذنا (أطروحة التخلي) إلى غير أطروحة سادت الفكر الغربي النقدي في أزمان متفاوتة، لعل آخرها (موت المؤلف) للفرنسي رولاند بارت، دون أن تتخفف من أطروحات الموات (موت القارئ، موت القراءة) مستبطنة مفهوم النهايات الذي شكل خط الأفق لما يعني انبعاث ذلك التفكير الجديد في السياقات والأنساق الثقافية، وما بدا على السطح من ثبات.

يذهب النقاد هنا إلى شيء من التندر، ليضبطوا مسافة التأويل لما أُنجز من تراث هائل مازال يشغل التصور الإبداعي، وبالقدر نفسه كيف أنتج الآخر إبداعه، فهل ثمة فجوة هنا أو حلقة مفقودة كما يقال؟.

إقرأ أيضاً .. الأيديولوجيا أم الفن؟! ..

وليس التخلي عن الأدب محض صدمة للعنوان بقدر ما يمكن قوله هنا هي دعوة لتشكيل معرفي مغاير، سيسم خطابات النقاد العرب وسواهم، ذلك أن التأمل في الثقافة العربية بات يستدعي غير مدخل للقراءة ومعه سيغدو –هذا العنوان- استدعاءً مدهشاً لنمط في التفكير قبل التعبير، ويمكن للنقاد في هذا السياق أن يعيدوا تشكيل وعيهم الخاص انحيازاً لوعي القارئ فيهم، لأن القارئ المعاصر ليس محض فرد، بل هو ذاكرة وثقافة ووعي جمعي، وهذا لا يعني على الإطلاق غياب القارئ الفرد بل تغير أدواره.

إذن فالتخلي كموضوعة سيقود إلى نقيضه، أي إلى ماهية القراءة ذاتها، وكيف تشكل هذه القراءة المعادل لوجود الإنسان ووعيه لأثره البعيد الممكن.

 

*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا

 

صفحتنا على فيس بوك  قناة التيليغرام  تويتر twitter

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى