“البرّ والمزيون” .. مراد دغوم

|| Midline-news || – الوسط …
.
في مرابع دمشق السياحية منتصف ثمانينات القرن الماضي، كانت بداية تعلُّقي بما يغنيه الخليجيون من أغنيات شاعت في سوريا آنذاك، اكتشفت ألحاناً رقيقة كانت مطلوبة بشدة من مطربات غجر الشام والمطربين الشعبيين السوريين.
أيامٌ سبقت الانترنت بعشرين عاماً حيث كان الحصول على شريط كاسيت يتضمن أصول تلك الأغنيات هو من كبريات مكاسب موسيقيين مثلي، لأن المغني/المغنية لا يعرفون سوى اسم الأغنية بدون أي معلومة أخرى عن صاحبها أو ملحنها، وغالباً ما كان اسم الأغنية مستمداً من مطلعها بحيث يمكن لك أن تجد الأغنية على شريط الكاسيت ولا تعرفها لأن اسمها غير وارد في المطلع.
أن تكون أغنيات “محمد عبده” و”طلال مداح” مطلوبة هنا فهذا أمر عادي، فصحيح أنهما مطربين سعوديين لكن شهرتهما الواسعة جعلت منهم فنانين على المستوى العربي. أما ما يلفت الاهتمام حقاً فهو الطلب على أغنيات مطرب إماراتي بشكل يومي ولعدة مرات في الليلة الواحدة، وهكذا تعرَّفت على المطرب (ميحد حمد)، عبر أغنيات لطيفة بالغة الرقة، كانت أولاها تثير إعجابي بسبب أنها على مقام “العجم” وهو نادراً ما يستعمل في الأغنيات الشعبية الخليجية وهي أغنية (أحب البر والمزيون)، أغنية من ثمانية مقاييس موسيقية مؤلفة من أربع علامات موسيقية فقط بلحن لا يختلف عن المألوف لآذاننا الرحبانية سوى بضربه الإيقاعي الخليجي ذو الحركة الراقصة.
الأغنية الثانية التي كانت فرضاً يومياً هي (خمسٍ حواس) من مقام “البيات” وعلى الضرب الإيقاعي ذاته، لكنها تتألف من علامات أكثر من سابقتها، ولكثرة تكرار عزفنا لها صرت أنفِّذ الصولو بأسلوب البلوز جاز بطرق تتعدد بعدد مرات تكرار عزفها، إلى أن أصدر “ميحد حمد” بعد ذلك بعدة سنوات أغنيته الرائعة (لا تذكّرني) لتصبح الرقم واحد بين مثيلاتها في الطلب الجماهيري.
وفي التسعينات برز نجوم إمارتيون تابعوا إصدار الأغنيات الجميلة لتغزو سوق السماع السوري ومن أبرزهم كان الشاب “محمد المازم” الذي قدم أغنيتين رائعتين: (يا بعد عمري فديتك) و (الطلة). ثم تألقت “أحلام الشامسي” بأغنية والدها (أحبك موت) ثم كسَّرت سوق الأغنيات بأغنيتها الرائعة (والله أحتاجك أنا). ثم برز شباب آخرون مثل “عيضة المنهالي” و”حمد العامري” و”سعود أبو سلطان” … وكان آخر العنقود الصوت الجميل “حسين الجسمي” المطرب المثقف وعازف البيانو والمطرب الذي اتبع دورات مكثفة أكاديمية في الصولفيج وأصول الغناء.