الأيديولوجيا أم الفن؟! .. أحمد علي هلال

هل كان فوز الروائية الفرنسية آني إرنو ضرباً من المصادفة، أم نتيجة ناجزة لما تحمله رواياتها من ثيمات تخص المرأة والمكان والكينونة، فضلاً عن اعتبارات أخرى خفية؟، في مقابل مضاعفة الرهانات على الروائيين والمبدعين العرب، لا سيما الرهان على الشاعر أدونيس الذي يتجدد بشكل أو بآخر إثر كل دورة للجائزة.
إذ إن –إرنو- ستمثل لدى القارئ العربي الذي تعرّفها من خلال الترجمات العربية لثماني روايات لها، ذروة الإثارة، وسيقف على ما تعنيه الروائية في حيازتها السيرة الذاتية والتنويع عليها، بل أكثر من ذلك حينما تذهب إلى إثارة قضايا تخص المرأة في علاقتها بالعالم، دون أن تتخفف من المكان والحدث كتقنية قبل أن تكون هذه التقانات عناوين لرواياتها، ولعل المرشحة الدائمة لجائزة نوبل التي تقارب (الاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية)، ستكون أكثر وضوحاً في ما تسفر عنه هواجسها الروائية، منذ عملها الأول خزائن فارغة عام 1974، فهي الطموحة إلى أن تتخطى ميثاق السيرة الذاتية، إلى استثمار الخيال يعضد غير عمل روائي لها، وستبدو أسلوبيتها في مجمل مشاريعها الروائية، محمولة على الكثير من الشجاعة لتروي أحداث حياتها، وتغيراتها العاصفة ووعيها النسوي، الذي يجهر بتفكيك الأنساق المجتمعية، إذ وصفتها لجنة نوبل (بالشجاعة والدقة)، وهذا التوصيف الذي يستبطن حكماً نقدياً، سيعني جدلية العلاقة بين الفن والحياة…
إقرأ أيضاً .. وقائع موت معلن
لكن ذلك ليس كل شيء، فآني إرنو ليست محض روائية، تكتب روايات بدافع (نسوي) محض، بل بما تمثله هذه الكاتبة بين أبناء جيلها من مواقف ذات طابع إنساني وأخلاقي، يجعل من الفن اختباراً لحساسية المواقف أكثر منه مغامرة نص لغوي.، والسؤال الذي يتلامح هنا هل يعرفها القارئ العربي من خلال بضع ترجمات لأعمالها؟.
ومع تباين هذه الترجمات ومستوياتها، يمكننا أن نقول إن ما يؤلف نسيج العالم الروائي للروائية الفرنسية آني إرنو هو الشغف، فسلطة المحكي عندها هي جدلية ما بين الذاتي والجمعي، وما بين حضور القضايا لا التنظير لها فحسب، فهل انتصرت الأيديولوجيا أم انتصر الفن؟.
إقرأ أيضاً .. كلمات غير متقاطعة
ثمة قراءات تذهب في إثر الحوامل الأيديولوجية لها، لكن القارئ العربي اليوم أمام مهب أسئلة ستتعدى القراءة إلى سلطة تأويل لا يبقى فيها سوى الفن.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا