اقتصاد سورية .. فجوات تتسع بين الواقع والطموحات ومطارح خاملة بلا إنتاجية! .. هني الحمدان

لا جدال، إن الأصوات المطالبة بإيجاد مخارج نجاة، لبلورة أي سياسات تخفّف من وطأة واقع اقتصاد سورية وما سبّبه من أزمات معيشية خانقة، أصواتٌ محقّة ومشروعة، فالركود الاقتصادي والتضخم وما يتبعهما بلغا مستويات خطيرة جداً..!
اليوم وصلت التحديات الاقتصادية وانعكاساتها على الصعيد الاجتماعي إلى درجة تستدعي اتخاذ مسارات جديدة، وربما تنازلات على صعد تخفيف الضرائب والبحث عن قواسم مشتركة لخلق مطارح إنتاجية مشتركة بين القطاعات، تحديات هي العنوان الأكبر أمام كل الإدارات المعنية بالحل والتدخل الإيجابي، عجوزات مالية ضخمة، موارد محدودة للإنفاق، وتراجع الثقة واضطرابات في الأسواق، ونظم الدعم المهترئة، وتدهور في واقع الاستثمارات بشقيها المحلي والأجنبي، هذا بالإضافة إلى معدلات البطالة الآخذة بالارتفاع، وغيرها من التعثرات الحاصلة والمحبطة لدوران عجلة الإنتاج بالصورة المطلوبة ..!
وفي ظل هذا الواقع الاقتصادي السيىء، واتساع الفجوة بين حال الاقتصاد و طموحات المواطن وآماله وأحلامه، ماهي الرؤى إن وجدت، وكيف يفكر صاحب القرار..؟
المشكلات واضحة ومشخّصة، لكن تحتاج إلى أساليب وطرق، ليس لمعالجتها بكل جزئياتها، بل ربما البدء بخطوات عمل بمجالات ومناحٍ أخرى تخفف من شدة آثارها الجاثمة والآثمة.
وهنا مثلاً، لماذا لا تكون هناك خطة عمل في إطار مشترك لكل القطاعات لإعادة إعمار الاقتصاد المثقل بالاضطرابات السياسية والاجتماعية، تشكل خارطة طريق واضحة يتم العمل بموجبها..؟
سورية منهكة اقتصادياً، والحرب والحصار وموجات الغلاء فعلت فعلها، تحتاج لاستثمارات ضخمة في قطاعات التصنيع والإنتاج والزراعة وحتى النقل، وفي حال لم تتوفر تلك الاستثمارات وخاصة الخارجية، لنبحث عن أماكن تطرح للاستثمار المحلي مثلاً، ويعاد النظر ببعض القوانين التي لا تزال بعيدة عن المرونة وتسهيل أي نشاط تجاري أو إنتاجي، هناك آلاف المساحات من الأراضي العائدة والمصنفة أملاك دولة، قسم منها مؤجر بأبخس الأثمان، وقسم غير مستثمر بسبب بعض الإجراءات والبلاغات الناظمة، لماذا لا يعاد النظر بكل تلك النواظم، واستثمار كل المطارح وعقارات الوزارات والمؤسسات وبعقود مع القطاع الخاص وسواه، تشجّع على الإنتاجية ولو كانت ضمن حدود بسيطة أو فردية ..؟!.
اقتصاد سورية .. مطارح خاملة ..
وأيضاً تم أكثر من مرة الحديث من قبل وزارة المالية عن أنها ستعيد النظر بنظام العقود، الذي ينظّم العلاقات التعاقدية مابين إدارات ومؤسسات الدولة والجهات الأخرى، من أجل الوصول إلى قواسم مشجعة للاستثمار ومحفّزة، وأقصد هنا الاستثمار المحلي، هناك مؤسسات ومنشآت تشرف على أماكن وتجهيزات وآلات متروكة عرضة للخراب والهدر بلا أي عائدية، لماذا أيضاً لا يصار إلى وضع أسس مخففة واستثمارها إنتاجياً ..؟!
مثل تلك الخطوات إن تمت تعزّز الفرص المشتركة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتساهم في الاندماج بالاقتصاد المحلي، فتسخير السياسات والبرامج يقوم على تحويل كل المساحات والمجالات المتاحة وتحويلها في قنوات الإنتاج والتنمية بشكل أوسع، فتنويع قاعدة الإنتاج المحلية يؤهلها لزيادة المساهمة في الاقتصاد، وإمكانية خلق فرص عمل أمام الشباب الحالم، إذ إن تشجيع المدخرات نحو المخزنات الخاملة من العقارات والأراضي والمطارح الإنتاجية يؤدي إلى مساهمة ومسعى إنتاجي، وحالياً يبدو خياراً تنموياً مناسباً.
الإسراع بكل ما يشجع على استثمار الأراضي والعقارات والتجهيزات، وآلات القطاع العام وبعض المطارح الخاملة والمخزنة بلا إنتاجية اليوم، وتحويلها إلى رافعة تنموية من خلال ضخّ رؤوس الأموال المدخرة عند أصحاب الملاءات، ضرورة ليتم تسخيرها اقتصادياً ،ولابد أنها ستخلق حيزاً تنموياً مهماً، فاحتياجات ومتطلبات الاقتصاد السوري وحاجات المواطن تقتضي السير في هذا المنحى وفي مناحٍ أخرى، فماذا أنتم فاعلون ..؟!
إقرأ أيضاً .. الحرب الروسية-الأوكرانية أشعلت أسواق العالم وأفرغت جيوب الشعوب ..
إقرأ أيضاً .. نحو مسار شامل .. هل يفعلها السوريون ويغيرون من وقع أزمات الاقتصاد ..؟
*إعلامي – رئيس تحرير صحيفة تشرين السورية سابقاً
المقال يعبر عن رأي الكاتب
صفحاتنا على فيس بوك – قناة التيليغرام – تويتر twitter