اعتراف أين الله .. حسين شعبان

مكسيم غوركي، أحد أهم الكُتّاب الروس، صاحب الأعمال الأدبية “الأُم” و”طفولتي” و”الساقطون” و”مسرحية الحضيض” و”الأشرار” و”اعتراف أين الله”…
لكن على الرغم من أن رواية “الأُم” تُعدّ الأشهر، إنما لعل الرواية الأكثر أهمية هي “اعتراف أين الله”. إذ تحاكي مرحلة محورية في تاريخ روسيا، مرحلة معقدة وخطيرة- اي بعد فشل ثورة (1905) والنظام الديكتاتوري للنظام القيصري وخنق الحراك الثقافي والاجتماعي والسياسي.
كان غوركي حينها ضمن الجبهة الثورية اليسارية المتشددة ؛ التي عرفت تصدعات فكرية تمخّضَ عنها ظهور تيارات أسمت نفسها (الباحثون عن الله) أو (بناة الله). والسبب في ذلك أن الديانة الأرثوذكسية الرصينة و (القويمة) تعرّضت للخضّات بسبب القهر الاجتماعي! وكذلك فإن القِوى الفكرية اليسارية والعلمانية لم تقدِّم الحلول أو كانت تغرق في التناقض، والملاحقة بطبيعة الحال.
ظهرت بعدها محاولات لإيجاد ديانة فلسفية أو إيمان غير طقسي. ثم ظهرت القوى (البروليتارية) وسخط الفقراء والكادحين مع انتشار أفكار ماركس وهيجل.
المهم، وفيما يخص روايتنا، تدور أحداثها حول لقيط -طفل غير شرعي- يدعى “ماتفي” تولى رعايته شماس الكنيسة، ثم بقي يخدم الكنيسة وعمل على تنظيفها وخدمة المؤمنين.. وكانت تدور بينهما الكثير من الحوارات الروحانية التي جعلت ماتفي يشعر بالأمان. إلا أن الرجل العطوف “لاريون” يتعرض للغرق ويموت فتنتقل الرعاية إلى “تيتوف” صاحب السلطة في “مزرعة سولوكيه”، زاد ماتفي تعلقاً بالكنيسة وبحب الله، ومكنّه قربة من تيتوف أن يطّلع على سجلات المزرعة!
بدأت بعدها نظرته إلى الحياة تتغير؛ حين اكتشف الفساد والكذب والنهب الذي كان يقوم به تيتوف حيال لمزارعين باسم الكنيسة! وبدأ يعيش صراعاً حاداً.. وعندما توفيت زوجته وابنته، بدأ رحلته المجنونة في البحث عن الله ليتخلص من عذاباته الداخلية وانتقل من دير إلى آخر….
على الرغم من أنه عاش بين الرهبان والمؤمنين، إلا أنه عاش وحيداً، غريبا.. وأحس أنه في المكان الخطأ! ليلتحق على غثرها بالقوى الثورية ” العلمانية”.
إن غاية الرواية والحوارات فيها هي تحرير الإنسان من العبودية الداخلية والخارجية، و الانتقال من الفردية والروحانية والغيبية إلى فهم الكون فهما ماديا وعقليا وفهم العالم فهماً جماعياً.. وهو أهم ما فيها.
نلقاكم على خير.
.
*كاتب من سوريا
.
-لمتابعتنا على فيسبوك : https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews