إعلام - نيوميديا

إسرائيل – إثيوبيا.. شركاء الأزمة!

 

كتب محمد راغب في صحيفة الوفد المصرية تحت عنوان ؛إسرائيل -أثيوبيا ..شركاء :

عندما تكلم الدكتور مصطفى الفقى، رئيس مكتبة الإسكندرية، عن إمكان مصر أن تستعين بإسرائيل للضغط على إثيوبيا، فى مفاوضات سد النهضة، تعرض الرجل لانتقادات، وصلت -ربما- لحد الاتهام بترويجه، لفكرة توصيل مياه النيل لإسرائيل، وهو قطعا ما لا يقصده ولا يلمح له، فعندما تكلم عن هذا الموضوع، للإعلامي شريف عامر، على فضائية mbc، قبل يوم من جلسة مجلس الأمن الأخيرة، إنما كان يستهدف الكشف عن دور تل أبيب، فى إشعال أزمة السد مع مصر بالذات، كونه دبلوماسيا محترفا ومفكرا سياسيا، عنده من المعلومات، ما لا يدركها الذين تشنجوا على كلامه.

<< والحقيقة التاريخية أن دور إسرائيل الخفي، فى أزمات مياه النيل، بدأ -مطلع القرن الماضي- بفكرة للصحفي اليهودي، تيودور هرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، عندما تقدم للحكومة البريطانية، فى العام 1903، بمشروع توطين اليهود فى سيناء، ومدها بمياه النيل، وقد وافقت بريطانيا على أن ينفذ فى سرية تامة، ومع تغيرات الظروف السياسية والاقتصادية، تراجعت الحكومة البريطانية، بعد رفض الحكومة المصرية وقتها، ثم -مجددا- حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيغين، طرح نفس المشروع، ضمن مباحثات السلام، فى كامب ديفيد، العام 1978، وهو ما رفضه، الرئيس أنور السادات.

<< وتأكيدا لحقيقة دور تل أبيب المشبوه، نعود إلى تفاصيل بيان للدكتور محمود أبوزيد، وزير الموارد المائية الأسبق، عن أزمة المياه فى الوطن العربي، ألقاه فى 11 مارس/ آذار  العام 2009، أمام لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب، حذر فيه من تزايد النفوذ الأمريكي والإسرائيلي فى منطقة حوض النيل، عبر تقديم المساعدات المالية والفنية الضخمة، للسيطرة على اقتصاديات دول الحوض، ضمن مخطط للوقيعة بين هذه الدول وبين مصر، انطلق بطرح فكرة تدويل المياه، من خلال هيئة مشتركة، من الدول المتشاطئة لأنهار أفريقيا، بهدف تكثيف الضغط على مصر، حتى توافق على إمداد إسرائيل بمياه النيل.

<< إسرائيل هي نفسها دولة الاحتلال، التى جففت بحيرة الحولة، واستولت على بحيرة طبرية فى فلسطين، وأيضاً على جزء من مياه لبنان، وعطلت الاستفادة من مياه اليرموك، كما نهبت المياه الجوفية فى الضفة الغربية، وارتكبت جريمة تحويل مجرى نهر الأردن.. كل هذا لم يشبع رغبتها، فى نهب المياه من العرب، لكنها راحت تحارب مصر فى منابع النيل، ونجحت -إلى حد ما- فى تحريض بعض دول الحوض، على اتفاقية مياه النيل القديمة، الموقعة فى العام 1929، وبدأت موجات من الخلافات، حول حصة مصر، ما زالت تتصدرها أديس أبابا حتى الآن.

<< أظن أن تعامل مصر مع إثيوبيا، من منظور تورط إسرائيل فى أزمة سد النهضة، ربما يختلف عما يذهب إليه الرأي العام، من أفكار تقدمية، على أنها القرار الأنسب حيال تعنت أديس أبابا، وأقصد هنا الكلام عن ضرب السد، وبالتالي فإن منهج النفس الطويل، الذى تبنته مصر فى التفاوض، قد يكون ضروريا، لتجنيب المنطقة حربا، يتربص بنا فيها الأعداء، على أمل أن ينتج هذا المنهج فى النهاية اتفاقا يرضى كل الأطراف من موقع القوة وقدرة مصر على فرض الحماية، على حقوقنا فى مياه النيل، إذا ما اضطرت إلى ذلك، وفق مقتضيات أمنها القومي.. وهو ما لا نتمناه.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى