العناوين الرئيسيةمرايا

أين ابتسمت الموناليزا   ؟!… (ترجمة حيّان الغربي)

أين ابتسمت الموناليزا   ؟!… حيّان الغربي

أين ابتسمت الموناليزا؟ فلننظر من حولنا، هل من أدلة؟
لقرون خلت ما فتئ سؤالان مشوّقان حول اللوحة الشهيرة “الموناليزا” يترددان، من هي هذه المرأة؟ ومتى رسم دافنشي اللوحة؟
لعلّ الاكتشاف الذي تم في جامعة هايدلبرغ في العام 2005 يقدّم إجابة لكلا السؤالين، فقد أكدت ملاحظة مدونة في إحدى المخطوطات التي تحتفظ بها مكتبة الجامعة المذكورة ما جاء به أول رواة سيرة دافنشي، جورجو فازاري، الذي قال: إن المرأة كانت زوجة أحد التجار، واسمها ليزا غيرارديني. علاوةً على ذلك، أسهمت الملاحظة المذكورة في تحديد تاريخ تلك التحفة الفنية، التي يبدو أنها تعود إلى الفترة ما بين العامين 1503 و1506. بيد أن ثمة معضلةً ثالثةً ما زالت لم تحلّ، أين رسمت اللوحة؟

أين ابتسمت الموناليزا 
في الثالث من يونيو/ حزيران أعلن المهندس الفرنسي، باسكال كوتي، أنه نجح مع أحد المتعاونين في تحديد الخلفية الطبيعية التي تظهر في اللوحة. وقد سيقت الحجج فيما سبق أن اللوحة قد رسمت في منطقة ماركي في الريف الإيطالي الممتد ما بين مدينتي جنوى وميلان. ولكن خلال عرض تقديمي في مدينة فينشي، قرب فلورنسا، ادعى السيد كوتي أنه من الأكثر معقولية أن يحرص الفنان على تصوير جزء من منطقته الأم، توسكانا، التي شغلت جزءاً كبيراً من اهتمامه في تلك الأثناء. وبناءً على وجهة النظر هذه، لم يقدّم دافنشي المنطقة كما كانت عليه تماماً، ولكن كما كان ينوي هو أن يقدمها ضمن خطة لم تتحقق.

كان اللوفر، حيث تعرض الموناليزا في عصرنا الراهن، قد طلب من السيد كوتي إعداد صورة رقمية للوحة، علماً بأن السيد كوتي كان قد اخترع الكاميرا متعددة الأطياف التي لا يمكنها تحري الرسم الكامن تحت الألوان الزيتية فحسب، وإنما الطبقات الوسيطة للعمل -إن وجدت- أيضاً. وبين هذه الطبقات تحت ما يبدو أنه صخرة مستدقة، عثر السيد كوتي على رسمٍ تحضيري يثبت أن دافنشي كان ينوي أن يجعل منه قلعةً برجية. ويظهر في الخلفية الطبيعية للوحة جرفٌ ضخمٌ معلّقٌ، وهو مماثلٌ لجرفٍ قدّمه دافنشي ضمن رسمٍ لحصنٍ تنازعت عليه بيزا وفلورنسا خلال الحرب التي اندلعت بينهما في العام 1503، وهي الفترة التي رسم فيها دافنشي لوحة غيرارديني. ويطلّ الحصن مع الجرف القريب والبرج الذي يعرف بـ: “برج كابرونا” على نهر ارنو وهو يجري من فلورنسا إلى بيزا، وقد صوّر دافنشي الحصن والجرف والبرج في رسوماتٍ أعدها لتوضيح خطةٍ أصبح “مهووساً” بها على حدّ تعبير السيد كوتي.

انطوت الخطة على حرف مسار نهر ارنو لقطع مصدر المياه عن بيزا ومنح فلورنسا منفذاً إلى البحر الأبيض المتوسط. كانت تلك الفكرة موضوعاً للنقاش الجاد مطلع القرن السادس عشر، إبان الحرب المشتعلة بين المدينتين- الدولتين. ويسوق السيد كوتي الحجة بأن قناةً تمتد عبر منطقة ريفيةٍ مهجورةٍ، وهي التي تظهر في الجانب الأيمن من اللوحة، بدت أعرض كثيراً من أن تشكّل مجرّد طريقٍ كما تصوّر البعض، وإنما هي المجرى الجاف لنهر ارنو كما تصوّره دافنشي فور تبنّي خطته. لم تتحقق الخطة بالفعل، ولكن إذا صحّت نظرية السيد كوتي، فلعلها قد تسهم في تفسير سبب ابتسامة تلك المرأة الفلورنسية، غيرارديني، التي تنمّ عن الرضا والغموض في آنٍ واحد.

.

 *ترجمها عن “الاكونومست” حيّان الغربي.. شاعر ومترجم- سوريا

لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى