العناوين الرئيسيةحرف و لون

أنا وصغيري .. هيا صارم

لوحة: رغد نصيف

 

|| Midline-news || – الوسط
.

كنت أجلس بمفردي أدخن سيجارتي وأتأمل كل ما يجري، أحاديث الجيران، ضجيج عائلتي… والشمس تلوح بخيوطها حين الغروب على تجاعيدي ترسم ظلالاً مضحكةً، وديان وشقوق، كانت عيناي غائرة بين جبلين منتفخين؛ لسنين عمري الطوال، التي شارفت على الثمانين، مملوءة بحزن ودمع يفيض ويغلي ويتوه على وجهي، أتأمل تلك البيوت المدمرة..
كنت كلما لاح بي حزن أو شوق أو فرح؛ أجلس أمام داري، وأتأمل تلك الفسحة المفرغة من كل شي إلا من الذكريات، كيف تصبح خريطتك العمرية بقعة جغرافية؟! وكيف يمكن أن تلملم فرح وألماً بآنٍ واحد.
ذاك التعب يعانيه فقط اللاجئون، الراحلون عن أوطانهم مجبرين، مكرهين. فجأة رأيت جاراً قديماً كنا تنازعنا كثيراً وبقينا سنيناً لا نتحدث! كان يقفز ويغني ويتحدث مع نفسه ويجري خلف دجاجاته وقد فقد عقله، لم يستطع جبروته وقوته أن يبقيانه في داره.. لقد تكلم السلاح معه فتنازل، قتلوا آناه وبقي هو جثة مجنونة تتجول في القرية..
كان المشهد قاسياً أن يستقبل المرء الموت عار، حاف، وذليل. ذلك الصراع الذي يدور بنفوسنا نحن العجائز مرير جداً..
برهة من الوقت يمر حفيدي، بدأ يجري خلف جاري يقلده ويضحك هو وابني وزوجته وجميع من رآه كان يضحك، إلاّ أنا!  لأن مآسي الناس لا تضحكني.
.

 

*كاتبة من سوريا
*(اللوحة للفنانة والروائية رغد نصيف- العراق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى