أفلام الرعب بين السياسة .. والسينما!.. عصام داري ..

تشتهر الولايات المتحدة بالإنتاج السينمائي من التاريخي إلى الأكشن والعاطفي، وخاصة أفلام الرعب التي تجد لها هواة ومعجبين من كل الأعمار والأجناس.
ومع ذلك يحتاج صناع هذا النوع من الأفلام إلى خيال واسع وقصص وروايات غريبة وعجيبة تتناسب مع حجم الرعب الذي يشهده العالم الواقعي.
وأنا أدعو كتاب سيناريوهات هذه الأفلام لزيارة منطقتنا العربية، أو الذهاب إلى أفغانستان والصومال وفيتنام وغيرها من الدول والمناطق التي شهدت رعباً حقيقيا غير مسبوق ولم يصل خيال صناع السينما الأمريكيون بعد إلى ربع مستواه!.
إنه رعب صنعه بحرفية عالية ساسة الولايات المتحدة الأمريكية رائدة الرعب في العالم قبل أن تكون السينما الأمريكية رائدة الرعب على شاشات العالم.
لا نلقي التهم جزافاً، ولسنا بوارد تصفية حسابات مع البيت الأبيض أو البنتاغون أو أي مسؤول أميركي، فنحن في موقع لا يسمح لنا باتهام الآخرين خاصة وأن العرب في معظمهم وضعوا على قائمة الإرهاب الأمريكية وهو يعاقبون على هذا (الإرهاب) بالحصار الاقتصادي والعقوبات المشددة التي جعلت تسعين في المئة من السوريين تحت خط الفقر، وربما ما تحت خط الفقر بدرجات.
ويا سادة .. دعونا نستعيد القصة من أولها، من (المجاهدين الأفغان) الذين كانوا مشروعاً أمريكيا بتعاون “البترو دولار” وذلك لمواجهة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ولن نسترسل فالقصة معروفة.
هؤلاء”المجاهدون”: فرّخوا مجاهدين أصغر وتنظيمات إرهابية كان تنظيم القاعدة هو الرحم الذي حمل هذه البذرة الخبيثة التي راحت تنتشر في كل مكان من الجزائر والعراق وسورية وليبيا وحتى نيجيريا، فعرفنا داعش وجبهة النصرة وأحفاد الرسول وعشرات التنظيمات الإرهابية المجرمة، كما عرفنا الزرقاوي وأبو بكر البغدادي والجولاني وسلسلة ليس لها آخر من الأسماء سواء لأشخاص أو تنظيمات.
طيب .. ما علاقة السياسة الأمريكية البريئة من كل ذلك براءة الذئب من دم يوسف؟ بل هي الذئب نفسه والإرهاب بعينه.
أفلام الرعب التي نفذتها تلك التنظيمات المجرمة، وخاصة تنظيم داعش، فاقت حتى خيال صناع الأفلام في هوليوود بمراحل، ولن استعرض بعضاً من تلك الجرائم كي لا أصاب بالرعب والغثيان المرة بعد المرة.
وأظن أن العالم بات يعلم أن تنظيم داعش هو صناعة أمريكية خالصة، ومن عنده شك في ذلك نعيده مجدداً إلى كتاب ((خيارات صعبة)) تأليف هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في عهد الرئيس باراك أوباما والمرشحة لمنصب الرئاسة الأمريكية ضد الرئيس السابق دونالد تراامب.
في إحدى فقرات الكتاب تعترف السيدة كلينتون، حرم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، أن الولايات المتحدة هي التي أسست تنظيم “داعش”، فهي تعترف صراحة بأن الإدراة الأميركية أسّست داعش بهدف تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد وتقسيم المنطقة على أساس مذهبي وعرقي.
الكتاب موجود لمن يريد معرفة المزيد، وهذا يعني أن التنظيم الإرهابي كان يعمل بقوة دفع أمريكية وبتمويل من دول عندها النفط والغاز والدولار.
وبناء على ما تقدم فإن الولايات المتحدة وظفت داعش وبقية التنظيمات الإرهابية للقتل والتدمير والاغتيال والتفجيرات التي لم يسلم منه البشر والحجر والشجر وكل الإرث الحضاري لمنطقتنا الذي يغوص في أعماق التاريخ.
ارتكبت داعش جرائم وحشية نيابة عن الولايات المتحدة.
لحظة! .. هل قلنا جرائم وحشية … نعم، ولكن لا يوجد شيء اسمه جرائم وحشية، فالوحوش تقتل بغريزة البقاء، تصطاد ما يسد جوعها، لكن أميركا ومن ينفذ سياساتها تقتل للقتل، وتدمر فقط من أجل التدمير والخراب.
الوحوش لا تمتلك قنابل ذرية لتلقيها على مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين، ولا صواريخ توماهوك ترسلها إلى أفغانستان والعراق وملجأ العامرية والأمثلة أكثر من ان تعدد.
الموضع طويل، ولن تكفينا المساحة المتاحة لسرد المزيد من الأمثلة.
أرأيتم أن رعب السياسة الأمريكية أكثر” براعة” من رعب الأفلام الأمريكية؟..
*كاتب سياسي – سوريا
المقال يعبر عن رأي الكاتب ..