العناوين الرئيسيةمنوعات

أبناء الضواحي وأحلام المستطيل الأخضر .. نجيب البكوشي ..

 .. الوسط ..  ιι midline-news ιι

 

ولدت كرة القدم بقواعدها الحديثة في إنجلترا في منتصف القرن التاسع عشر، ثم انتشرت في كافة انحاء المعمورة لتصبح اللعبة الأكثر شعبية في العالم.كانت كرة القدم في بدايتها لعبة النخبة الإنجليزية الثرية، ثم انتشرت في صفوف العمال لتصبح لعبة الفقراء، في حين اتخذ الأغنياء لعبة الرڨبي كرمز لهويتهم الطبقية. تطورت قواعد لعبة كرة القدم بشكل سريع مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فتم تحديد عدد اللاعبين للفريق الواحد ب 11 لاعبا سنة 1897 بعد ان كان 28 لاعبا سنة 1863.المرمى كان دون عارضة افقية إلى حدود سنة 1866، ولا يهم  مدى ارتفاع الكرة المسددة تجاهه كي تحتسب هدفا. إلى حدود سنة 1925 كان المرمى دون شباك ولم يكن ارتداء زي موحد للفريق الزاميا.أما الوقت بدل الضائع فقد بدأ العمل به سنة 1891

انتشرت لعبة كرة القدم مع عمال السكك الحديدية والموانئ في اوروبا اولا ثم في المستعمرات،خاصة  البريطانية، وكان من شروط ان تجادل حكم المباراة حول قراراته في المستعمرات ان تتكلم الإنجليزية بطلاقة. المستعمرون اسسوا نوادي كرة قدم خاصة بهم  ولم يسمحوا للسكان المحليين بالإنضمام إليها. لكن بسرعة انتشرت اللعبة في المستعمرات واسس سكانها بدورهم نوادي كرة قدم محلية

اصبحت كرة القدم كغيرها من الرياضات حاملة لمضامين سياسية وإيديولوجية،حيث تحولت الميادين في البداية إلى ساحات للميز العنصري. كان الدوري البرازيلي في بداية القرن العشرين يفرض على الفرق المشاركة عدم وجود لاعبين سود في صفوفها.اللاعبون السود في فريق فاسكو دي ڨاما مثلا كانوا يتنكرون بوضع دقيق الأرز على وجوههم لتبييض بشرتهم كي يتمكنوا من المشاركة في مباريات الدوري

تحولت كرة القدم كذلك إلى احدى اسلحة حركات التحرر الوطني، فبعد مؤتمر الصومام في 20 أب 1956 دعت جبهة التحرير الوطني الجزائري إلى تأسيس فريق وطني لكرة القدم ليمثل الجزائر في المحافل الرياضية.تأسس المنتخب الجزائري سنة 1958 واحتضنته تونس والتحق به سرا عشرة لاعبين جزائريين محترفين في الدوري الفرنسي من أبرزهم مصطفي زيتوني ورشيد مخلوفي ورغم ضغوط فرنسا على الإتحاد الدولي لكرة القدم لحرمان – الفيفا- كل فريق يواجه الفريق الجزائري من المشاركة في تصفيات كأس العالم ، إلا ان تونس أصرت على لعب اول مباراة ودية دولية ضد المنتخب الجزائري في 1 جوان 1957 ورفع فيها لاول مرة العلم الجزائري وانتهت المقابلة بفوز منتخب الجزائر . لعب منتخب جبهة التحرير  قبل استقلال الجزائر سنة 1962 اكثر من تسعين مباراة دولية، في أفريقيا و آسيا و أوروبا الشرقية و الإتحاد السوفياتي وكان سفيرا رياضيا ممتازا للثورة الجزائرية

كرة القدم، رغم بعض مظاهرها السلبية مثل العنف والعنصرية إلا انها تبقى أهم مصعد اجتماعي لأبناء الأحياء الفقيرة واكثر الرياضات ديمقراطية، لا فرق فيها بين الفقير والغني إلا بالموهبة.اللاعب المصري محمد صلاح ابن قرية نجريج المصرية أصبح نجما عالميا لأنه موهوب في حين ان اللاعب الليبي الساعدي القذافي ابن معمر القذافي رغم الأموال الضخمة التي ضخها في الاندية الإيطالية فإنه لم يتمكن من اللعب في الكالشيو سوى 15 دقيقة مع فريق بيروجيا و20 دقيقة مع فريق أودينيزي لأنه ليس لاعبا موهوبا. كرة القدم كذلك لا تستوجب مقاييس جسدية بعينها مثل بعض الرياضات الفردية، فتجد من رموزها  اللاعب الساحر دييغو أرماندو مارادونا بقامة طولها متر وخمسة وستون سنتمتر فقط وكذلك لاعب ممتاز مثل زلاتان إبراهيموفيتش بقامة طولها متر وخمسة وتسعون سنتمترا

. بعض نجوم المستطيل الأخضر أصبحوا سفراء لقيم نبيلة وعناوين لقصص نجاح ملهمة لملايين الأطفال في العالم

Kylian Mbappé  من أبرزهم اليوم اللاعب الفرنسي ” كيليان مبابي ” نجم فريق باريس سان جيرمان

مبابي نشر رسالة معبرة جداً إلى  شباب الضواحي في فرنسا ، وقمت بترجمتها إلى العربية ليطلع عليها القارئ العربي

إليكم ترجمة الرسالة التي نشرت باللغتين الفرنسية و الإنجليزية

إلى أطفال بوندي –  Bondy

إلى أطفال إيل دي فرانس –  Île de France

إلى أطفال الضواحي

أريد ان أقص عليكم قصة

القصة طبعا حول كرة القدم، لن تتفاجؤوا فمعي كل شيء يدور حول كرة القدم، يمكنكم ان تسألوا والدي، عندما كان عمري ثلاث سنوات اهداني بمناسبة عيد ميلادي سيارة صغيرة رباعية الدفع، تلك السيارات التي تعرفونها جميعا ،لها محرك كهربائي صغير و تستطيع الجلوس داخلها وقيادتها، ولها كذلك دواسات وكل ما يلزم. كان والداي يسمحان لي بقيادة السيارة من منزلنا إلى ملعب كرة القدم في الجهة المقابلة من الشارع كأنني لاعب كرة قدم حقيقي يقود سيارته للذهاب إلى التمارين. أخذت هذا الروتين على محمل الجد وكان كل ما ينقصني هو حقيبة أدوات الزينة الخاصة بي

لكن بمجرد وصولي عند أسفل منزلنا، كنت اترك السيارة في ركن و أمضي للعب الكرة. لعب كرة القدم كان بالنسبة لي اكثر أهمية من اللعب بهذه السيارة التي كان أقراني يحلمون بها

بالنسبة لي كرة القدم كانت كل شيء

اذن القصة حول كرة القدم، ولستم في حاجة ان تكونوا مولعين بلعبة كرة القدم كي تستمعوا اليها، لأن هذه القصة تدور في الحقيقة حول الأحلام في مدينة بوندي، في الإقليم 93 بضواحي باريس

صحيح ان هناك لا توجد أموال كثيرة ولكننا لا نكف عن الحلم، أظن اننا ولدنا هكذا، ربما لان الحلم لا يكلف شيئا فهو مجاني

نعيش هناك في مزيج من الثقافات المختلفة؛ فرنسية وإفريقية وآسيوية وعربية. الناس خارج فرنسا يتحدثون دائما عن الضواحي بشكل سلبي، لكن عندما لا تعيش في تلك الأحياء لا تستطيع فهم الحياة داخلها. الذين يتحدثون عن المنحرفين وكأنهم خلقوا فقط هناك، عليهم ان يعلموا ان المنحرفين يوجدون في كافة أنحاء العالم، ويوجد أشخاص يعانون الفقر والخصاصة في كل مكان.عندما كنت طفلا جرت العادة أن ارى شبابا من أخطر شباب حينا يساعدون جدتي على حمل أغراضها ومشترياتها، لن تسمع ابدا عن هذا الجانب من ثقافتنا في نشرات الأخبار، لن تسمع إلا ما هو سلبي ولن تسمع أبدا ما هو إيجابي

هناك قاعدة في التعامل في “بوندي” يعرفها الجميع وعليك ان تتعلمها منذ الصغر. اذا كنت تمشي في الشارع وتلتقي مجموعة من خمسة عشر شخصا ولا تعرف منهم سوى شخص واحد فسوف يكون لك خياران، اما ان تحييهم جميعا باشارة اليد من بعيد وتمضي في طريقك او انك تذهب لرؤيتهم وتصافحهم جميعا، أما اذا ذهبت لرؤيتهم وصافحت فقط الشخص الذي تعرفه فالآخرون لن ينسوا لك ذلك وسوف يشمئزون منك

إنه أمر مضحك، لانني حافظت على هذا الجزء من “بوندي” في داخلي، في السنة الماضية كنت مع والديّ قبل بداية حفل  لتوزيع أفضل الجوائز – الفيافا- ورأيت خوسيه مورينيو وكان في الجانب الآخر من القاعة. كنت قد قابلت خوسيه مورينيو سابقا ولكن هذه المرة كان مع أربعة او خمسة من اصدقائه الذين لا أعرفهم، عدت في ذهني إلي بوندي وفكرت هل أحيي مورينيو بإشارة اليد؟ او اذهب لأراه ؟

في النهاية ذهبت لأحييه وأصافحه وبطبيعة الحال قمت بمصافحة كل اصدقائه

مرحبا ! ثم مصافحة

مرحبا! ثم مصافحة

مرحبا! ثم مصافحة

مرحبا! ثم مصافحة

“كان الأمر ممتعا، وانت ترى الدهشة على وجوههم وكأن لسان حالهم يقول ؛ “لقد قام بتحيتنا كذلك! مرحبا

“بعد تحية مورينيو واصدقائه، قال لي أبي مازحا “هذا من بوندي

إنها ردة فعل طبيعية، انها فلسفة حياة.في “بوندي” تتعلم القيم التي تتجاوز كرة القدم، تتعلم ان تعامل الناس جميعا بنفس الطريقة، لاننا جميعا في نفس المركب ولنا جميعا نفس الحلم

انا وأصدقائي لا نتوقع او ننتظر أو نخطط لأن نكون لاعبين محترفين فقط نحلم بذلك، فالامر يختلف. بعض الاطفال يضعون صور أبطالهم الخارقين على جدران غرفهم اما نحن فجدران غرفنا مغطاة بصور نجوم كرة القدم، زيدان و كرستيانو (لأكون صادقا) حتى عندما كبرت، كان لدي صور لنيمار، امر مضحك ولكن تلك قصة أخرى

أحيانا يسألني البعض ما سر مجيء كل هذه المواهب من الضواحي؟ كأنه يوجد شيء ما في الماء الذي نشربه! او اننا ننتدرب بشكل مختلف ! مثل برشلونة مثلا او شيئ من هذا القبيل

لكن لا شيء من كل هذا، للأسف ، لو زرت يوما الجمعية الرياضية في بوندي ، سوف ترى فقط ناديا عائليا متواضعا، وعمارات سكنية وملاعب أرضيتها بعشب اصطناعي. لكنني اعتقد ان كرة القدم عندنا مختلفة، فهي أساسية في حياتنا اليومية تماما مثل الخبز والماء

مازلت أذكر عندما شاركنا في دورة كرة قدم في معهدنا للأقسام السادسة والخامسة والرابعة والثالثة، وكانت تلك الدورة بمثابة كأس العالم بالنسبة لنا. كنا نلعب للفوز بكأس من البلاستيك بقيمة2 يورو ولكن الدورة كانت لنا قضية حياة او موت. في الإقليم 93، يكون شرفك دائما في الميزان. المضحك ان قانون الدورة يقتضي ان يكون الفريق مختلطا (فتيان و فتيات). للأسف الفتيات كن يرفضن المشاركة في الدورة لذلك علينا ترغيبهن. اذكر انني وعدت صديقة كانت معنا في الفريق اذا بذلت مجهودا وفزنا بالدورة فسوف أشتري لها كتاب تلوين جديد، كنت أتوسل لها ان تلعب معنا

لعلكم تعتقدون انني ابالغ ولكن الرهان كان كل شيء بالنسبة لنا، كما نقول ” نحن ابناء اقليم 93، ليس من حقنا الخسارة”

“كنا نراهن على كأس قيمته 2 يورو كما لو كنا نراهن على كأس “جيل ريميه

أعلم ان الوضع لم يكن سهلا لأساتذتي في المعهد الذين أقدم لهم بالمناسبة اعتذاراتي. مازلت أذكر عودتي يوما ما من المعهد إلى المنزل بخمس انذارات من مدير المعهد

كيليان لم يقم بواجباته المدرسية

كيليان نسي ادواته المدرسية

كيليان يتحدث عن كرة القدم في درس الرياضيات

لقد كنت شارد الذهن،  صحيح انني كنت لاعبا جيدا ولكن نقطة التحول في حياتي كلها كانت المشاركة في كأس سان سانت دينيس Seine-Saint-Denis عندما كان عمري 11 عاما ،  بلغنا الدور النصف النهائي والمباراة كانت في ملعب حقيقي في مدينة “ڨاني” مازلت اذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله كان الأربعاء، لتعلموا إلي أي درجة لازلت تلك الحادثة عالقة في ذاكرتي

لم ألعب قط في حياتي في ملعب كبير بذلك الحجم وأمام ذلك الجمهور الغفير، أصابتني رهبة شديدة ولم أستطع حتى مجرد الركض من شدة الخوف، بالكاد لمست الكرة ،  لن أنسى أبدا بعد نهاية المباراة نزول والدتي إلى الملعب وشدها لي من أذني، ليس لأنني لم ألعب جيدا بل لأنني كنت خائفا وقالت لي

“سوف تتذكر هذه اللحظة طوال حياتك، يجب عليك ان تؤمن بقدراتك، حتى عندما تفشل ، يمكنك ان تفوت فرصة تسجيل 60 هدفا لا أحد سوف يهتم، أما قصة انك لم تلعب بشكل جيد لأنك خائف فسوف تطاردك ما حييت”

تلك الكلمات الثاقبة التي سمعتها من والدتي غيرت مجرى حياتي ولم أشعر أبدا بالخوف على ملعب كرة قدم مرة أخرى

أنا، كيليان مبابي لا قيمة لي دون أمي وأبي وأصدقائي وأهلي

ربما لانك لا تنحدر من حيث انحدرت، يصعب عليك فهم ذلك، على سبيل المثال، عندما كنت في الحادية عشر من عمري ذهبت إلى لندن للتدرب لبضعة أيام مع فريق الأداني بنادي تشيلسي Chelsea. كنت متحمسا جداً لدرجة انني لم أخبر أصدقائي بذلك ، عند عودتي سألني بعضهم؛ اين كنت الأسبوع الماضي ؟

أجبت؛ أنني كنت في لندن مع فريق تشيلسي

قالوا؛ لا.. هذا مستحيل

قلت؛ لا، أقسم لكم ولقد قابلت // دروجبا// اللاعب العظيم

قالوا لي؛ انت تكذب .. كيف لدروجبا ان يقابل أطفال بوندي، هذا لا يعقل

لم أكن أملك هاتفا جوالا وقتئذ لألتقط صوراً ، لذلك طلبت من والدي الذي رافقني أن يعطيني هاتفه لأطلعهم على الصور، حين ذاك صدقوا كلامي … ولكن الاهم من كل هذا هو انهم لم يشعروا بالغيرة على الإطلاق، كانوا فقط مبهورين . مازالت الصورة عالقة في ذهني إلى الآن، كنا في حجرة الملابس بملعب بوندي نستعد لمباراة

قالوا لي؛ كيليان، هل يمكنك ان تأخذنا معك إلى هناك ؟

كأنني سافرت إلى كوكب آخر

أجبتهم؛ آسف، لقد انتهى التربص الآن

كانوا ينظرون إلى الصور في الهاتف قائلين كأننا نعيش هذه اللحظات الممتعة معك كيليان

الذهاب إلى اللعب في تلك الأندية بالنسبة لنا كالسفر إلى كوكب آخر

بعد هذه التجربة في تشيلسي توسلت من والديّ للسماح لي بمغادرة فريق بوندي للإنضمام إلى ناد كبير، لكنهما كانا يريدان ان أبقى في المنزل لتكون لي طفولة عادية . لم أفهم جيدا قرارهما وقتئذ ولكن في ما بعد فهمت انه كان القرار الأفضل بالنسبة لي، فقد تعلمت الكثير من الأشياء بمفردي لن اتعلمها أبدا في مركز التكوين

كان والدي مدربي الخاص طيلة عشر سنوات، وظل يشرف على تدريبي حتى عندما بدات التدريب في مركز التدريب بكلارفونتان Clairefontaine خلال ايام الأسبوع

مركز كلارفونتان للتدريب كان أحد أفضل المراكز في العالم، كنت أعود إلى منزلنا عند نهاية الأسبوع لألعب مع والدي في فريق بوندي النصف المحترف، وكان والدي لا يتسامح مع حركاتي الفنية التي تعلمتها في مركز التكوين

أمر مضحك، انه عندما اعود إلي المنزل، يظل صوت مدربي في كلارفونتان يرن في أذني وهو يصرخ طوال الوقت على ان نعمل على تحسين أداء قدمنا الضعيفة . في مركز التدريب كان كل العمل لتطوير الجانب الفني ولكن في بوندي الاهم هو الصراع من أجل البقاء في البطولة النصف المحترفة، لا خيار لنا سوى الإنتصار

في احدى عطل نهاية الاسبوع، كنت العب مع بوندي وكانت لي الكرة على الجناح في قدمي اليمنى، كنت وحدي في موقع مثالي وفجأة رن في اذني صوت مدربي في كلارفونتان وهو يقول “كيليان، استعمل قدمك اليسرى”، قمت بتمريرة خاطئة بقدمي اليسرى، استعاد على اثرها الفريق المنافس الكرة وعكس الهجوم ، غضب والدي غضبا شديداً ، ومازالت أتذكر  صراخه وهو يقول : “كيليان أنت لست هنا لتقوم بحركاتك البهلوانية التي تعلمتها في كلارفونتان، هنا لدينا دوري صعب، في مركز التدريب يمكنك في فعل ذلك على أرضية ملعبك الجميل أما هنا في بوندي فلنا حياة أخرى”

هذا الدرس في الحياة الذي لقنه لي والدي احمله معي أينما ذهبت ، والدي يعرف جيدا انني حالم وفي كل مرة يحاول ان يثبت قدمي على الأرض

قبل عيد ميلادي الرابع عشر، حصلت لي مفاجأة مذهلة، تلقى والدي مكالمة من مسؤول بفريق ريال مدريد الإسباني ليدعوني إلى حضور دورة تدريبية خلال العطلة المدرسية ، صدمتي كانت كبيرة لان المسؤول قال لوالدي ان زين الدين زيدان يرغب في رؤية ابنك، حين ذاك كان “زيزو” المدير الرياضي لنادي ريال مدريد، كانت فرحتي لا توصف ورغبتي شديدة للذهاب

الأمر لم يكن سهلا بالنسبة لي، الوكلاء الرياضيين بدأوا في التوافد لحضور مبارياتنا وكذلك وسائل الإعلام وأنا في سن الثالثة عشرة ولا اعرف كيف اتعامل مع هذا الضغط الكبير، طبعا أسرتي عملت على حمايتي

ما لم أكن أعلمه، ان عيد ميلادي كان في ذلك الأسبوع، ووالديّ عملا على ان يتم اللقاء في نفس الأسبوع ويا لها من مفاجأة رائعة بالنسبه لي

صدقوني أو لا تصدقوني، لم نخبر احدا باللقاء، حتى اقرب أصدقائي، كنت متوترا للغاية، ولا أرغب في احباطهم عند عودتي إلى النادي لو لم تسر الامور بشكل جيد

لن أنسى أبداً لحظة وصولنا إلى مركز التدريب قادمين من المطار، لقد استقبلنا زيدان بنفسه في موقف السيارات، كان بالقرب من سيارته، وكانت سيارة جميلة للغاية، تبادلنا التحية وطلب مني الصعود في سيارته لمرافقتي إلى الحصة التدريبية

قلت له مازحا هل أخلع حذائي قبل أن أصعد أهاهاها !! ، لا أدري لماذا قلت ذلك، لكنها سيارة زيزو

ضحك زيدان وقال لي؛ بالطبع لا، هيا، اصعد

اتجهنا نحو ميدان التدريب ولسان حالي يقول، أنا كيليان من بوندي في سيارة زيزو !! هذا ضرب من الخيال، أكيد انني لازلت نائماً وأحلم في الطائرة التي نقلتنا إلى هنا

في بعض الاحيان، حتى عندما تعيش أمراً حقيقياً يخيل لك انه حلم

كان لي نفس الشعور في نهائيات كأس العالم بروسيا

هل تعلم، لا تعيش كأس العالم كشخص بل تعيشه كطفل

من كل ذكرياتي، هناك ذكريات لن انساها ابدا وهي لحظة وقوفنا في ممر دخول الملعب قبل مباراتنا ضد أستراليا ، في تلك اللحظة ادركت ما كنت أعيشه ، نظرت في اتجاه صديقي اللاعب “عصمان دمبيلي” مبتسما وقلت له “انظر نحن ابناء “إفرو  وبوندي”  نلعب في نهائيات كأس العالم !! أجابني “أقسم لك، انه أمر مدهش”

دخلنا على أرضية الميدان ، وأحسسنا أن 65 مليون شخص خلفنا، كنت أبكي وأنا استمع إلى المرسياز – النشيد الوطني الفرنسي

هام جدا، ان العديد من اللاعبين الذين فازوا بكأس العالم في روسيا في ذلك الصيف تربوا وكبروا في الضواحي، هناك حيث تسمع في الشوارع عديد اللغات، هناك حيث عليك ان تمد يدك لتصافح خمسة عشر يدا وليس اربعة عشر او عشرة او واحدة فقط

إلى أطفال بوندي

إلى أطفال إيل دي فرانس

إلى أطفال الضواحي

. نحن فرنسا، انتم فرنسا

نحن الحالمون المجانين، ولحسن الحظ ان الحلم لا يكلف كثيرا، انه مجاني

لا تنسوا ذلك، حتى لو قال لكم احدهم عكس ذلك

تحياتي

  كيليان من بوندي-  Kylian Mbappé 

 

على الرابط التالي  “The Players Tribune” الرسالة منشورة على موقع

https://l.facebook.com/l.php?u=https%3A%2F%2Fwww.theplayerstribune.com%2Fen-us%2Farticles%2Fkylian-mbappe-letter-to-young-kylians-french%3Ffbclid%3DIwAR0eKlieC8Y8c3rsIiwl8wQI32qxntItlnzc1sYShiQc8C9lgsauubth7Wo&h=AT0FlggdD5Yq55R8y4qC1xrhPkXbYr38CUpitQJx0GHJCxTd5x5-V7mAsaYNs6Y2szVdPHIJxz28fSh6kO1SBgUHj13Agkq2wPgOFgEw2niUk9OeeMVEmUP26Jgf6piEm_uFF8l9fgbF97lC

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى