يا يسارييّ العالم .. اتحدوا !! بشار جرار – واشنطن ..

|| Midline-news || – الوسط …
تفويتاً الفرصة على “ما غيرهم”، أسارع فأنوّه أن موضوع المقالة هو الاحتفاء باليوم العالمي لمستخدمي اليد اليُسرى الذي يصادف الثالث عشر من كل آب، سنوياً منذ زهاء نصف قرن.
لا أحب كلمة “الأعسر”، فأنا من المؤمنين بالدعوة القرآنية الكريمة إلى التفاؤل “إن بعد العُسر يُسرا”. ولست مغرما بكلمة “الأشول” فنحن في ذي الحجة وقد انقضى قرابة الشهرين على زوال شوّال!
ورغم غبطتي بهذه النعمة بعد أن أنصفها العلم، ما زال بعض نقمةٍ على كل من خلقه الله يسارياً، يساريّ اليد والقدم فما بالك إن صار يساري اللسان والقلم؟!
قبل دخولي المدرسة – وأفخر بأنني ابن سورية كردية قضت نصف قرن من عمرها السعيد المديد في تعليم “بني عدنان” اللغة العربية – صُـدِمَـت بمسكي القلم بيدي اليسرى رغم تسامحها مع استخدامها في تناول الشراب والطعام، خلافاً للموروث الديني والثقافي الطاغي حتى يومنا هذا في عالم الجيل الخامس من الاتصالات اللاسلكية الذي أنصفنا بتساوي الحاجة إلى اليدين في التراسل النصي أو حتى الاستغناء عنهما بالكامل عبر تطبيق الكتابة الصوتية.
لم تشفع يسارية أخوالي، وجميعهم كانوا رحمهم الله من الشيوعيين – محبةً لخالد بكداش السوري الكردي في المقام الأول – لم تشفع لي بأن أكتب باليد اليسرى، فذلك نادرُ الحدوثِ، مجهولُ الأسباب، والإنسان يخاف ما يجهل.
ولعله البرّ المبكر، ما جعلني أنصاع لأمر والدتي بلف يدي اليسرى خلف ظهري على سبيل الانضباط الذاتي في استخدام يدي اليمنى فقط كلما حظيت بقلم، رسماً أو كتابة.
مرت السنوات، فعرفت منذ نعومة أظفاري الفارق بين الانغلاق والانفتاح، التطرف والاعتدال، الإقصاء وقبول الآخر، فكلما رآني أحد من الجيران والأصدقاء والأهل استخدم اليسرى في كل شيء باستثناء الكتابة ثارت ثائرة “ما غيرهم”.
بلغ الأمر حَـدَّ التخويف المبكر من الاحتراق في الدنيا والآخرة “خالداً مخلداً” ؟! .. يا للهول .. ماذا تركوا لأبي لهب ؟!
صدق من قال : رب ضارةٍ نافعة، فالنعمة-النقمة هذه كانت الدرس الأول الذي لقنتني إياه مدرسة الحياة.
عرفت أن الجاهل عدو نفسه حقاً .
وفهمت أن الإنسان عدو ما يجهل .
وأن التنوع سنّة الخلق والاختلاف رحمة الخالق بنا نحن عيال الله .
وأن الخلاف لا يُفسِدُ للود قضية فقط إن كان المتحاورون بشر، وباللهجة العامية الأكثر دلالة “أوادم”..
ولمن أثارت هذه السطور حفيظته أقول : حقك عليّ يا أخي، وسامحيني يا أُخيّة .
دعونا من اليوم العالمي للـ”يساريين”، ودعونا نحتفل بعيد سبقه بعشرة أيام، اليوم العالمي للبطيخ .. البطيخ “المسمر”!.