العناوين الرئيسيةفضاء الوسط

ياسين الغماري .. شاعرية النص في رواية بنات النفس

شاعرية النص .. بنات النفس

 

أنتِ الكُلُّ في كُلِّي، وأنتِ الغارقة في قلبي، أرتئي فيكِ درب اللحظة الماضية والآنية والآتية.

أنتِ أقصى من أن أعشقكِ عشقًا مألوفًا، يقتضيكِ حُبًّا بقلب الكون أسره.

أجمل ما في حُبّنا أنّ ليس فيه أضداد، فيه فائضُ تمام.

مُصابٌ بكِ أنا حد يقيني الرّاسخ أنّي سأجدكِ يومًا، حتماً دوماً.

يومٌ يليه غد، إنّي أهوي في أعمق ما في أغواركِ وكم هو جميل أن تقع في هاوية الحُب.

فاض منسوب الشَّوق وباتَ يُرغي ويَزبدُ.

منّي لا أجِدُ مهرباً، إليكِ ينمحي يُتمي.

رمقتُ فيكِ زُرقة البَحر ووعيتُ فيكِ رماديّة السَّماء، هذا التجانس لا تشُوبه شائبة.

أنتِ ما يكون سامقاً لا علياء حُوكمتِ به، وعُمق لا قِياس حُدّدتِ عليه، أنتِ ما أنتِ عليه أعلاه.

يا حُبّي الّذي بدون مقاييس وبدون أبعاد وبدون أيّ شيئ له أن يُحدّد من أنتِ، باستثناء الحُب فيَّ مكنَته أن يأخُذَ لكِ مقاييس عشقيّة.

أنتِ مُرادي، أنتِ شَأني، أنتِ عَالمي، أنتِ بَحثِي وتَفتيشي، أنتِ مَصيري وأرضي وسَمائي، أنتِ فنائي وأبديّتي.

رغبتي بالإنفراد وإيّاكِ جامحة وبلا قُيود، أنا أزهدُ في البشريّة جمعاء وأرغب فيكِ.

صدقاً، خراب الحياة ومُرّها سيهون كوني عطوفاً ناحيّتكِ وقابضاً بيدكِ أمدُّكِ بالقُوّة.

كل ما أشعُرُ به تُجاهكِ وكل ما ألتمسه فيكِ من دفء وحنان، الجنّة بعينها، وعناقكِ، عناق الحياة الحقّة.

أنتِ كفايتي وميلادي وعزائي في مرارة غُربتي.

يا أمارتي الّتي أهتدى بها لكِ قلبي، تعشّقتكِ نفسي، تُبقيني في حالة صحو وتُوقظيني مُستحيلًا من صحوي بملء اللهفة.

يُوميء قدري مائلًا إلى قدركِ، قد اخترقني منكِ ما يُعزّي دُنياي وأبديّتي، صببتِ في سكينتي صبّا، وكل ما يُصيبُكِ يُصيبُني.

بكِ وُلدتُ وبدوتُ في فاتحة تفتُّحي، الّذين جزموا، وحده الحُب أعمى قد كذبوا، فبالحُب أبصرتُ وأدركتُ نفسي.

ورُغم خًسراني الجسيم، تكونين أنتِ مَفازي العظيم، الجانب الآخر من ظِلال الأشياء، عطائي وعطيّتي، مُفرَدي ومُفرداتي.

نصبتِ لي نصيباً يُصيب. تُخامريني في أبعادي .. تعتملين في دواخلي كلهب يصعق.

أسمعكِ كما لو أنّ أحدًا لا يسمعكِ، أُحبّكِ كما لو أنّ أحدًا لم يُحبّكِ، أؤمنُ بكِ، أنعتق من عقيدتي وأعتنق قلبكِ.

عُمّيني بعنايتكِ، لا أقتدر منكِ نأياً، إنّي مُنضوٍ تحتَ لوائكِ، أرتكنُ إليكِ في مأمونيّة.

كُوني طيّعة في رأفتكِ، كُوني سائرة باتّجاهي، ثبّتيني تحت جناحكِ، إنّ الفؤاد يتجمّر، ورجوتُ ربّاه دون رَهْبَةٍ وبملء ما أوتيتُ من مقدرة أن يُناولني مُناي، أي إيّاكِ، أن يُخلّدنا سويًّا دُون وَداع، كما أحببتُكِ دُون وَداع.

دُونكِ كُنتُ في غُربةٍ، كئيباً ومُنهاراً، سادراً في ضجيجه.

يا قدير أنَرْنَا معًا، لا أشاء من دُنياناَ إلّاها، فليذهب العالم خَلف الجَحيم حتّئذٍ ولن أستجلي ما وراء السُؤال كونكِ قُربي.

أستضيئ بمرآكِ، أحتضنكِ ساعة أشاء.

في ضوءٍ جديدٍ تلاقيْنَا بلا فِراق، ندور في فلك الحياة وسرمديّة الأبديّة، المرء دون حُب مَنزوع الرُوح.

مررتِ بقلبي طائراً كقذيفة، وتلمّستِ نياطَ قلبي، انطبعتِ في مُخيّلتي إذّ ذاك، أخذتِ أعماقي برقاً عنيفاً في درب السّعادة.

لا شفاء من الحُب باستثناء أن تُحبّ أعظم، أحبُّكِ حُبّاً كاملاً وتاهت فيكِ نفسي تيهاً تامّاً.

أختزنكِ في دواخلي بملء الذكرى، لم أكن بادئ الأشياء في سلسلة الحُب الخاصّة بكِ، بل بالأحرى خاتمة الأشياء، كُنتُ بِكْر العشق في حياتكِ وإنّني الأخير، أنا الأخير في كل الأشياء. أنا أنسبُ الأشياء برِمّتها في مواقيتها.

أتيتُكِ مُتأخّراً، أحسبُ أنّ تيهي كان سبباً، غير أنّي جئتُكِ أخيراً، وأنتِ حيواتي المُؤجّلة الّتي أبداً لم أحسبها.

وللمقادير مُنحدرات تدحر بالظنون عرض الإنتظار، تُنيلُ سببًا للتفكير إلى مكيال عصياني عن طبيعة الكون.

وأنا عن نفسي المُغرم بوجودكِ اليوم، أنا مُمتنٌّ أيّما إمتنان لكلمة لا، فـ”لا” القاطعة قادتني إليكِ، زيديني قُرباً، يا طُمأنينتي الدَّافئة والدَفينة، دعيني أختزنكِ، دعيني أضمّكِ، دعيني أراكِ، دعيني أُعمّر أبديًّا في دواخلكِ، دُلّيني على المَسير، ناوليني جناحكِ للاحتماء به من ألم مصيري ومن فواجع أقداري.

خُذيني من ضلالتي إلى هدايتكِ، اقتلعيني من بعثرتي إلى ثباتكِ، استقطبيني من رَيْبي إلى يقينكِ، اجذبيني من خوفي إلى سكينتكِ، وأحبّيني حُبًّا يربو فوق الحُبّ حُبّاً.

انتميتُ فجأة إليكِ وكأنّكِ كل انتماءاتي، كما لو كُنتِ كل مُمتلكاتي، ودحضًا لواقع ما عاد يروقني، تكونين أنتِ رابطي الوحيد الّذي يشدّني.، فلا شيء يهمّني إلا نقطة تقاطعت فيها طرقنا، وها أنا ذا أهتمّ وأعنى وأُبالي وأرغب وأريد.

عزائي الوحيد قُبالة ما جابهته أن تكوني بسهولة تحت وطأة حبْستي، أتشوّف بمُرادفاتي وأضدادي أن يُضيّعكَ الطريق أمامي، أنا العميق في بواطنكِ والعاشق لجمالكِ ودائم التفكير في لقياكِ.

أعشقكَ مرّتين، عشق النُجوم للقمر ومُكوثها أبدًا ناحيّته.

أنا الشخص الّذي لا يحب أي شخص، ها أنتِ ذا الآن كلّ الأشياء، كل ما سبق.

كمّ أجهل كيف يُحبّ الآخرون، عن نفسي أحُبّكِ، أرومُ أنّي سأبقيكِ في قلبي.

 

*ياسين الغماري : كاتب تونسي 

 

صفحتنا على فيس بوك

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
أهم الأخبار ..
بعد 3 سنوات من اختطافه.. جائزة فولتير تذهب لكاتب عراقي موسكو: الرئيسان الروسي والصيني قررا تحديد الخطوط الاستراتيجية لتعزيز التعاون الجمهوري رون ديسانتيس يعلن ترشحه للرئاسة الأميركية للعام 2024 الأربعاء البيت الأبيض يستبعد اللجوء إلى الدستور لتجاوز أزمة سقف الدين قصف متفرق مع تراجع حدة المعارك في السودان بعد سريان الهدنة محكمة تونسية تسقط دعوى ضدّ طالبين انتقدا الشرطة في أغنية ساخرة موسكو تعترض طائرتين حربيتين أميركيتين فوق البلطيق قرار فرنسي مطلع تموز بشأن قانونية حجز أملاك حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بطولة إسبانيا.. ريال سوسييداد يقترب من العودة إلى دوري الأبطال بعد 10 سنوات نحو مئة نائب أوروبي ومشرع أميركي يدعون لسحب تعيين رئيس كوب28 بولندا تشرع في تدريب الطيارين الأوكرانيين على مقاتلات إف-16 ألمانيا تصدر مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الانتخابات الرئاسية التركية.. سنان أوغان يعلن تأييد أردوغان في الدورة الثانية أوكرانيا: زيلينسكي يؤكد خسارة باخموت ويقول "لم يتبق شيء" الرئيس الأميركي جو بايدن يعلن من اليابان عن حزمة أسلحة أميركية جديدة وذخائر إلى كييف طرفا الصراع في السودان يتفقان على هدنة لأسبوع قابلة للتمديد قائد فاغنر يعلن السيطرة على باخموت وأوكرانيا تؤكد استمرار المعارك اختتام أعمال القمة العربية باعتماد بيان جدة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الجامعة العربية لتمارس دورها التاريخي في مختلف القضايا العربية رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله: نرحب بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي معتبرين ذلك خطوة هامة نحو تعزيز التعاون العربي المشترك، ونثمن الجهود العربية التي بذلت بهذا الخصوص الرئيس الأسد: أشكر خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد على الدور الكبير الذي قامت به السعودية وجهودها المكثفة التي بذلتها لتعزيز المصالحة في منطقتنا ولنجاح هذه القمة الرئيس الأسد: أتوجه بالشكر العميق لرؤساء الوفود الذين رحبوا بوجودنا في القمة وعودة سورية إلى الجامعة العربية الرئيس الأسد: العناوين كثيرة لا تتسع لها كلمات ولا تكفيها قمم، لا تبدأ عند جرائم الكيان الصهيوني المنبوذ عربياً ضد الشعب الفلسطيني المقاوم ولا تنتهي عند الخطر العثماني ولا تنفصل عن تحدي التنمية كأولوية قصوى لمجتمعاتنا النامية، هنا يأتي دور الجامعة العربية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها الرئيس الأسد: علينا أن نبحث عن العناوين الكبرى التي تهدد مستقبلنا وتنتج أزماتنا كي لا نغرق ونغرق الأجيال القادمة بمعالجة النتائج لا الأسباب الرئيس الأسد: من أين يبدأ المرء حديثه والأخطار لم تعد محدقة بل محققة، يبدأ من الأمل الدافع للإنجاز والعمل السيد الرئيس بشار الأسد يلقي كلمة سورية في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الرئيس سعيد: نحمد الله على عودة الجمهورية العربية السورية إلى جامعة الدول العربية بعد أن تم إحباط المؤامرات التي تهدف إلى تقسيمها وتفتيتها الرئيس التونسي قيس سعيد: أشقاؤنا في فلسطين يقدمون كل يوم جحافل الشهداء والجرحى للتحرر من نير الاحتلال الصهيوني البغيض، فضلاً عن آلاف اللاجئين الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، وآن للإنسانية جمعاء أن تضع حداً لهذه المظلمة الرئيس الغزواني: أشيد بعودة سورية الشقيقة إلى الحضن العربي آملاً لها أن تستعيد دورها المحوري والتاريخي في تعزيز العمل العربي المشترك، كما أرحب بأخي صاحب الفخامة الرئيس بشار الأسد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني: ما يشهده العالم من أزمات ومتغيرات يؤكد الحاجة الماسة إلى رص الصفوف وتجاوز الخلافات وتقوية العمل العربي المشترك