ناهض حتَّر ، كان شامياً على نحو عبقري .. هل هذا سببٌ كافٍ لقتله ؟
قمر الزمان علوش ..
خاص – || Midline-news || – الوسط ..
أغبياء . وفي الحقيقة لاعقول لهم تخولهم الانتساب الى الغباء . اقتلعوا جسد ناهض حتر من العالم . غيبوه عن بيته واسرته واصدقائه وناسه . رحالة انتهت رحلته وصل الى مرفئه الاخير . انتهى كفاحه . توقف عشقه . انطوت صفحات الكتب . تبددت الاوقات السعيدة وتعطلت عقارب الساعة .
ثلاث رصاصات صدئة فعلت كل هذا . يتوهمون ذلك . ناهض حتر لايزال في كتبه وكتاباته والذاكرة . وجهه وابتسامته الساخرة وافكاره ومواقفه ونغمة صوته لاتزال باقية بالصوت والصورة . لاأحد يستطيع محو آثار مروره في هذه الارض .لاأحد يستطيع انتزاعه من ذاكرتنا . الفرق بين موتهم وموتنا هو أننا كلما تذكرنا ناهض حتر سنغسل قاتليه بدمائه . سنلعنهم في الصميم . كل كلمة نقولها ستكون ضد قسوتهم وفظاعاتهم ودائما مصحوبة بأشد مشاعر الاحتقار والكراهية والاشمئزاز .
قتلته كثر . ثقافة عمرها ألف واربعمائة عام هجرية . حكومات ذليلة مجبولة بالعجز والخيانة والدناءات . مؤسسات دينية متحفية لاتتلذذ الا بقتل النور . ارهابيون متسللون الينا من خاصرة الجحيم .. حتى الله لايستطيع ان يصنع وجها بشريا لارهابي . هؤلاء لايقتلون ناهض حتر ليتخلصوا من افكاره لأنه سيكون هناك دائما ناهض حتر آخر . يقتلونه لارضاء غريزة القتل المتأصلة في نفوسهم .
الجزء المعقد في هذه الشبكة القاتلة هو تلك المغارة المسماة بالمؤسسة الاسلامية الشرعية . مغارة عشش فيها العنكبوت وصبغها جنزار القرون . عملت على ترويض الانسان وحكمت عليه بالبقاء في حالة من البدائية لايمكنه الخروج منها . وبالكتب والمساجد حولته الى انسان مستسلم للنص مغلق التفكير مؤمن بالخرافات وذي تعصب اعمى يقتل الآخر من أجل أن هذا الآخر لايشاركه ايمانه .
اليد التي ضغطت على الزناد سياسية ولكن الطلقة القاتلة هي كلاب جهنم هؤلاء . الرصاصات الثلاث التي قتلت ناهض حتر .. واحدة لقتل جسده ، والثانية لقتل فكره ، والثالثة لقتل الله . يقولون له : أنت انزلت الدين من السماء بارادتك ، ونحن ننفذه على الارض بارادتنا . بالطبع اصبح ناهض حتر عبئا على المؤسستين الدينية والسياسية معا . فكان لابد من ازالته من الوجود .
لم يكن مواليا للنظام السياسي السوري .. حتى أنه في مناسبات عديدة كان جارحا في انتقاداته له . كان مواليا وعاشقا ابديا لشيء اسمه سورية . سورية الحضارة والفن والابداع .كان شاميا على نحو عبقري . هل هذا سبب كاف لقتله بالنسبة لقتلته ؟ أجل كاف . ” كان يجب ان تنتصر سورية لكي يبقى للحياة والافكار والنضال معنى . لكي نواصل القدرة على العشق والكتابة . لكي نسمع فيروز في الصباح ونفرق فتافيت الخبز للعصافير ونسقي الفل والياسمين ونقرأ الشعر ونحس لذة اليانسون في العرق ..” . رجل كهذا يحمل في داخله كل هذا الحب والسلام ، كيف يمكن لقتلة العشق والصباح والعصافير والفل والياسمين والشعر ونشوة عناقيد العنب .. احتماله ؟
الابطال يموتون دائما في القصص الخيالية . لكن ناهض حتر قصة واقعية . لم يسترح لم يتردد لم ييأس .. وانتظر اغتياله لكي لايتهم بالتهرب من قدره : ” أخجل انني لست شهيدا . وأخجل لان بندقيتي من الكلمات في خندق دمشق . ولأن حبري يسيل لادمي في صد الحملة البربرية على الشام ” .
العالم ملعون وقاس .. ولاشيء طبيعيا فيه .. لم يكن ملوثا بالطين والجحيم كما هو اليوم . نم مطمئنا ايها الراحل العزيز .. فأنت تستطيع ان تخدم شعبك وانت ميت .