فضاءات

“مولوية” المناسبات الدينية .. دوران النفس حول ذاتها .. والدراويش كواكب تدور في فضاءات الروح ..

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس 

 

لماذا تدور وتدور وتدور؟
هل لأن الكواكب تدور حول الشمس! وللدوران مفعولاً قوياً على النفس؟
أم لأن الدوران ينقلك في تدرجاته من واقعك إلى عالم علوي روحي؟

وضعتُ أسئلتي في صيغة إجابات وألقيتها أمام فرقة “المولوية الشامية” خلال استعدادهم لمجالس ذكر متوقعة بمناسبة “رأس السنة الهجرية” فتلقف كل منهم سؤالاً.

منهم من قال : طبعاً لأن فكرة الرقصة الصوفية “المولوية” هي ذات فكرة دوران الكواكب حول الشمس. وقال آخر : للدوران مفعولاً سحرياً على نفس المتصوف، فنحن من متتبعي الطريقة الصوفية، وخلال أداء “المولوية” ننتقل إلى عالم ما وراء الطبيعة! وقال أخيرهم : ننتقل روحياً وفكرياً وليس جسدياً، لأن الجسد من ماديات الطبيعة لا يزول إلاّ بالموت”.

وتابعوا دورانهم دورة إثر دورة إثر دورة حتى بدا لي أن كل ما حولي يدور.

مولانا والدراويش ..

في احتفالات السنة الهجرية. تكون “المولوية” مصحوبة بالأناشيد الدينية. ورقصات روحية تعتمد على الدوران حول النفس وكبح رغباتها والتأمل بغية الوصول إلى الكمال المنشود ارتقاءً إلى رؤية من يرانا ولا نراه سبحانه وتعالى!

أسَّس “المولوية” جلال الدين الرومي،  في القرن الثالث عشر الميلادي في مدينة قونية، وهو رجل دين متصوف له مؤلفات في التصوف والشعر ويلقب “مولانا”، وأتباع هذه الطريقة الصوفية يُُطلق عليهم تسمية “الدراويش”. وقد ذاع صيتها في عهد الدولة العثمانية، ومنها انتقلت إلى سورية ومصر ومنطقة البلقان وآسيا.

يقول الدرويش المولوي محمد : “رقصة المولوية” هي إرث روحي اجتماعي يتدرج فيه الدراويش المشاركون وفق ترتيب تقره صفات الصوفي والتزامه وعمره.  فالحركات الراقصة التي يؤديها الدراويش؛ ما هي إلا تعبير عن الحالة المعنوية والوجدانية لأرواحنا، وغالباً تكون مرافقة لتدرجات حالات انفعالية لا إرادية نتيجة التفاعل الصوفي وشدة الانسلاخ”.

ويضيف الدرويش المولوي : “علّم الرومي أتباع الطريقة الصوفية “الدراويش” كيفية تأدية حركات “المولوية”. لذا نرتدي بداية تنانير واسعة فضفاضة، وقلنسوة طويلة ترتفع 25 سنتيمترا فوق الرأس. ونقوم بحركات دائرية لفترات طويلة، وتشتد الحركة مع ارتفاع صوت الموسيقى والأناشيد لأن في دوراننا تجسيد للفصول الأربعة، وبالتالي الحياة؛ التي هي صلة الوصل بين العابد والمعبود”.

حركات كونية ..

ثمة إشكالية والتباس حول قيام جلال الدين الرومي ومن ثم أتباع طريقته الصوفية بتوظيف الرقص والموسيقى في “المولوية” ، وهنالك من يقول أن الإسلام قد حرّم ذلك ! حول ذلك يوضح الدرويش المولوي محمد فيقول : “المولوية أهم الرقصات الصوفية وأكثرها انتشاراً وتميزت بفنون الرقص والموسيقى بسبب ارتباط هذه الرقصة باتساق الدوران فيها مع حركة الكون! أي أن الدرويش بوصفه كوكباً يدور في فضاءات الروح، تصبح “المولوية” بشكلها الرمزي تعبير وجداني عن حالات معنوية روحية يمرّ بها الدرويش العاشق لربه. فيقوم بحركات تعبر عن الشوق. فحين يرفع الدرويش يده اليمنى إلى الأعلى ويخفض يده اليسرى إلى الأسفل، دليل مناجاة للخالق. وحين يرفعهما معاً خلال الدوران فذاك دليل شكر وحمد”.

وحول سؤالنا له عن تدرجات الحركات الدورانية التي سبق أن أشار إليها أجاب : “الدرويش الصوفي يدور مع بداية الموسيقى والأناشيد، وحين يصل مع تواتر الموسيقى إلى “السماع” يكون قد وصل إلى “الوجد” الذي هو انفعال القلب المطلق. يليه “الانسلاخ” عن عالم الأرض، والإحساس بنِعم وبركة الله سبحانه تعالى”.
ويجيب على سؤال أخير يتصل بالدراويش وراقصي “التنورة” مبيناً  الفارق بينهما : “نحن متصوفون نصون إرثنا الروحي، ونرتدي الزي الأبيض بالكامل، كما أن عروضنا جلسات ذكر لمناسبات دينية. فيما يقدم حرفيون رقصة “التنورة” في سورية ومصر بأزياء ملونة أو مضاءة بالكهرباء كمهنة يعتاشون منها خلال عروض ترفيهية ومهرجانات فنية”.

لاءات دراويش الصوفية ..

مفيدٌ أن تعلم بعض لاءات دراويش الصوفية -فوجئنا بها خلال الحوار- الذين يختلفون كلياً عن مؤدي رقصة “التنورة” في سورية ومصر وبعض البلدان.

  • لا يقوم بالضحك أو الغضب خلال تدريبات الجلسة، يكتفي بالحزن إن لم يرتق إلى الحالة الروحية المنشودة.
  • لا يجوز ترديد ذات الأناشيد الخاصة بالأعياد الدينية ومجالس الذكر؛ خلال الاحتفالات الاجتماعية والوطنية. ويتم الاكتفاء بالأشعار الصوفية.
  • لا يصافح النساء بوضوء أو دونه، ولا يسأل عن أسمائهن وعائلاتهن.
  • لا يحادث الصحافة إلاّ (مع الفرقة) ويمنع التقاط صور له بغير لباس المولوية.
  • لا يمكن الاتصال به إلاّ من خلال موظف استعلامات- ليس من فئة الدراويش.
  • لا يسمح بوجود “درويشات” يرقصن المولوية كما في تركيا ودول البلقان.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى