المخرجة التونسية كوثر بن هنية تقدم “بنات ألفة” في مهرجان كان

كان جمهور مهرجان كان ينتظر بشوق كبير عرض فيلم “بنات ألفة” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، ولا يبدو أن هذا العمل السينمائي المثير للجدل الذي عرض الجمعة، قد خيب آماله وانتظارات محبي السينما التونسية عموماً.
وظهرت بن هنية وفريقها على السجاد الأحمر بفساتين زاهية متعددة الألوان، بحضور الشخصية الحقيقية لقصتها ومرآتها الممثلة هند صبري، التي جسدت دورها، ولعب الاثنان في الفيلم نفس الشخصية بإخراج لم تعتاده العين السينمائية، وضع قصة واقعية لمعاناة أم وأسرتها مع التطرف في قالب فني مثير.
كوثر بن هنية تقدم عملاً مثيراً للجدل..
كان مثيراً على المستويين: شكلاً ومضموناً، وفتح نقاش واسع وسط النقاد والمهتمين بالشأن السينمائي حول الأسلوب الذي اعتمدته المخرجة في سرد قصة فيلمها، بمزج ذكي بين الخيال والواقع، اختلطت فيه دموع الشخصيات بابتساماتهم وضحكاتهم.
ونجحت المخرجة التونسية إلى حد كبير في توصيل فكرة خطر التطرف، وما قد يصنعه بأطفالنا في عمل سينمائي ثقيل وخفيف على النفس في الوقت نفسه، لم تغب عن العديد من مشاهده خرجات كوميدية للممثلات الستة، فتمكن في عدة مناسبات من انتزاع ضحكات الجمهور رغم قتامة الموضوع.
يروي الفيلم قصة حقيقية لأم لها أربع بنات، التهم الإرهاب اثنتان منهن. وتدعى ألفة اشتهر اسمها قبل سنوات عبر وسائل الإعلام في مرحلة توسع فيها غول التطرف. وكانت صرخاتها في بلاتوهات التلفزيونات بمثابة ناقوس خطر للآباء حول التهديدات التي تحيق بفلذاتهم أكبادهم.
وكانت الفتيات الأربع يعشن حياة عادية فيها الكثير من الفرح رغم قلة ذات اليد والفقر. لكن وقوع ابنتيها رحمة وغفران بين أنياب التشدد، أزم الأجواء في هذه الأسرة، وصار هم الأم هو استعادة ابنتيها، وحماية الاثنتين المتبقيتين معها من فيروس التطرف.
الربيع العربي..
ومن واقع مرير لهذه الأم، كيف استفاد التطرف والمتطرفين من التحول الجذري الذي وقع في النظام السياسي التونسي، علما أن البلد كان السباق في تجسيد ما سمي بـ”الربيع العربي” منهيا سنوات من الحكم البوليسي للرئيس الراحل زين الدين بن علي.
لكن رغم قمع النظام السابق، لم يكن بإمكان المتطرفين أن يصولوا ويجولوا في تونس، فيما فسح لهم المجال في الحقبة الجديدة بنشر أفكارهم المتشددة دون رقيب، حسب ما تظهر مشاهد من الفيلم، وتحول الشباب، كابنتي ألفة، للقمة صائغة في أفواههم.
ولم تنف ألفة ابتهاجها في بادئ الأمر بارتداء ابنتيها النقاب، السير في هذا الطريق، كان بالنسبة لها، تصحيح ما يمكن تصحيحه من ممارسات غير مقبولة مجتمعيا وأخلاقيا لدى رحمة وغفران، لكن ستكتشف فيما بعد أن ابنتيها سرقتا منها، وطار بهما الإرهاب إلى ليبيا، ويقضيان اليوم عقوبة سجنية في هذا البلد عقب اعتقالهما.
المصدر: فرانس برس