الجاسوس البريطاني الذي اخترق الجماعات المنشقة في إيرلندا الشمالية.. من هو؟

كشفت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، عن قصة حياة عميل في الاستخبارات البريطانية، تسلل إلى داخل تنظيم الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد، ونقل أسراره إلى المخابرات البريطانية لأكثر من عقد.
وأشارت الصحيفة وفقاً لجلسات الاستماع بأحد المحاكم في أيرلندا الشمالية إلى أن دينيس ماكفادين، تمكن لأكثر من عقد من التنصت والتجسس على اجتماعات الجيش الجمهوري الجديد، وجمع المعلومات من الإرهابيين المشتبه بهم، ونقلها إلى المخابرات البريطانية.
عاش دينيس ماكفادين، البالغ من العمر 54 عاماً، مع زوجته كريستين، البالغة من العمر 38 عاماً، وابنهما الصغير في منزل هادئ في بمنطقة جلينجورملي، إحدى ضواحي شمال بلفاست، ووصفه السكان أنه جار طيب، حيث قال أحدهم: “بصراحة، كان لطيفاً للغاية، وودوداً جداً.. كان يطلب منك دائماً تناول مشروب”.
وأبلغ ماكفادين السكان المحليين أنه يعمل مفتشاً في أحد الفنادق، ويتعين عليه السفر كثيراً لإجراء فحوصات السلامة في أماكن الإقامة السياحية، لكن لأكثر من 15 عاماً كان يتسلل إلى الجماعات المنشقة التي وقفت معارضة اتفاقية الجمعة العظيمة في عام 1998، وبينما يعتقد السكان المحليون أنه كان بعيداً يتفقد الفنادق، كان في الواقع يعمل مع المخابرات البريطانية.
ارتقى مكفادين في الرتب لينضم إلى السلطة التنفيذية الوطنية في سوراد، الجناح السياسي للجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد، الذي يشغل منصب مسؤول الموارد ويشترك في الشؤون المالية للحزب، ويعتقد رؤساء المخابرات أن عمل مكفادين قد ألحق أضراراً جسيمة بالمنظمة، التي يُزعم أنها مسؤولة عن هجمات بالقنابل وإطلاق نار عقابي وقتل الصحفية ليرا ماكي في عام 2019.
جاء نجاح مكفادين على الرغم من البداية غير الواعدة على ما يبدو لجهاز المخابرات البريطانية، مع بدء مشاركته السياسية باجتماعات مع أعضاء الجيش الأيرلندي الجمهوري الجديد، وسرعان ما بدأ مكفادين في التودد إلى الجماعات الجمهورية المنشقة مثل الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد، الذي تم تحديده على أنه أكثر الجماعات الجمهورية المنشقة عنفاً ونشاطاً والتي تعمل في أيرلندا الشمالية.
وفي محاولة لجذب أعضاء تلك الجماعة والتقرب منهم، منح مكفادين بعضهم تذاكر لمباريات كرة القدم في اسكتلندا، وغطى تكاليف السفر وتقديم الإقامة مع عائلتهم هناك، كما رتب السفر والإقامة لأعضاء المنظمة لحضور المؤتمرات السياسية بالخارج، بما في ذلك بروكسل وبيروت.
ما هو غير واضح أيضاً هو ما إذا كان مكفادين قد زرع من قبل الأجهزة الأمنية أم أنه تم تحويله إلى مخبر، ربما بسبب الضغط أو نتيجة نبذه للجمهورية العنيفة.. كانت وسيلته الأساسية في جمع الأدلة هي التنصت على غرف الاجتماعات حيث كان القادة المزعومون للجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد يتجمعون، وعندما تبدأ المناقشات، كان يغادر لإجراء مكالمة هاتفية للعمل، أو للحصول على أكياس الشاي ليكسب لقب “فتى الشاي”.
ويقول ممثلو الادعاء إن التسجيلات كشفت أيضاً عن رغبة الجيش الجمهوري الأيرلندي الجديد في إقامة روابط دولية لمصدر إمدادات الأسلحة والمتفجرات، كما تضمنت المباحثات محاولة الحصول على أموال من «الروس» وإقامة تحالفات مع الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
قدم أحد المدعى عليهم في عام 2020 طلباً للإفراج عنه بكفالة، لكن القاضي ماكاليندن رفضه وقال: “كانت هناك أمور جنونية تماماً تتم مناقشتها في هذه الاجتماعات”، وفي عام 2020، اختفى مكفادين مع عائلته، ولم يتمكن رفاقه السابقون من الوصول إليه عبر الهاتف، وقال أحد الجيران: “اعتقدت أنه كان في إحدى رحلاته الفندقية.. ثم ذات ليلة جاءت سيارة أجرة وذهبت المرأة والصبي بحقيبة أو اثنتين.. بعد ثلاثة أو أربعة أيام، وصلت سيارة دفع رباعي سوداء ذات نوافذ قاتمة ودخل رجلان إلى المنزل، وأزالا الكثير من الأشياء.. حاولت التحدث معهم لكنهم لم ينظروا إليّ”.
وتزامن اختفاء الأسرة مع اعتقال سبعة رجال وامرأتين في إيرلندا الشمالية وناشط سياسي فلسطيني في مطار هيثرو، وينفي المعتقلون جميع التهم الموجهة إليهم بما في ذلك الإرهاب المباشر والتحضير لأعمال إرهابية والانتماء إلى منظمة محظورة، بينما يعتقد أنه يعيش تحت هوية جديدة في حماية المخابرات البريطانية.