العناوين الرئيسيةحرف و لون

مرآةُ أمّي الصغيرة … بوزينون الحكيم

مرآةُ أمّي الصغيرة … بوزينون الحكيم
/1/
وجهُ مرآتيَ المستطيلُ
ووجهي…
نلتقي وبيننا جفاءٌ وصمتُ
كغريبين في سريرِ الرّوايةِ
الـّتي أرهقتها سرْدية لاتستوي
في قامة أو ختامٍ
صدفة ً…
كنتُ شارداً …
تناسيتُ نفسي قليلاً
كإغفاءةِ المتعبينَ
على قارعاتِ الحقول ِ
والمواويلِ
“كـسيمفونيةِ”زيزِ الحصادِ وقتَ الهجيرِ
…كأول ِ نوم العصافيرِ
في الشّمسِ من بللٍ
ورياحُ الشّمال ِ تنخرُ العظمَ
وتمنحُ العجائزَ خدَرَ الرحيل ِ
وهنيهاتٍ للغوصِ عميقاً
في كتابٍ لم يبقَ منه إلا حطامٌ
ودمعة ٌ صمتٍ.
/2/
ربّما نحوَ خمسين عاماً
وربّما نصفَ مايستغرقُ العناقُ
أو قبلة ٌورَواءٌ
ربّما دهراً من الخمرِ
في صحبة اللهِ واللـّيل ِ
والأشقياءِ السّكارى
ونسيْتُ …!
فلهوُ الطفولةِ خارجَ كلّ المواقيتِ
متـّسعٌ كالبراريْ
جَموحٌ كنسرٍ
يعبّئ في جانحيهِ الفضاءَ
وكالنّهرِ يجري
يفيضُ بدمعِ السّحابِ/
يضحكُ من قلبهِ
إن تحرّقتَ للمواعيدِ
أو تخلـّفتَ عن جرعاتِ الدّواءِ
أو كسرتَ الحلمَ في يقظةٍ
رجّها الرّعدُ/
أذكرُـ مازلتُ ـ كلَّ القيودِ
أذكرُسباقَ الغباءِالعبقريّ
في الملامح والابتساماتِ:
“أرضُكَ الواطئة تشربُ ماءَها
وتسرقُ ماءَ غيرها، فكنْ
…يعزّك الله وتسعدْ”
أذكرُ:كنتُ ريشاً خفيفاً
والفضاءُ…
كم كان يشبهُ العرشَ
الذي توارى وراءَ الكلامِ!
أذكرُ الأبجديّة َفي محاكمِ
الدّلالاتِ
تبحث عن عاشق ِالغرابةِ
المنحلّ…الصفيقِ
“هكذا قال عنه آباءُ القواميسِ”
…ذكرياتٌ تمرُّ
كأضغاثِ وجهِ الغريبِ
يزفّ حياديّة الغرباءِ
العابرين الظلالَ
في وجوهِ المدينةْ
وربما خيّموا كالغجرِ
على الشاطئ المهجورِ
تحت جسر الهواءِ
المتمدّدِ في البحرِ
إلى آخر الموج ِ والشّحوبِ
وقوافي اليأسِ في مدنِ
النـّفيِ والتـّرفِ الغبيّ
والفكرةِ المستباحةِ
كمومساتٍ مللنَ أرصفة َ اللّـّذةِ
فامتهنَّ بيعَ العذارى
…وقيامَ الليل ِ
حتى رجوعِ آخرِ أُملودةٍ
من حفلةٍ نازفة ْ
/3/
ماالـّذي أستعيدُ
أين أرمي ملامحي الهجينةَ
…لياليَ المجونِ الطّويلةِ
وتلالَ الودّ والخبلَ اللاّمتناهي
…مجالسَ الخرافاتِ والمعاركِ
خلفَ الله أو حولـَهُ!
جبالاً من الأحجياتِ
ما قد يكونُ في آخرِ الزمانِ
أولايكونُ
أشلاءَ أصحابي
وأسفارَ العاشقاتٍ اللاّئي
غادرْن
ثمّ هناك تمدّدنَ …
ثم أَرْضعْنَ… والسلامْ!
/4/
وجهُ أمّيَ الوحيدُ
ما أرى بوضوح ٍ/
طالعاً من وردةِ الشمسِ
باسماً
وأراها تـُعدّ ليَ الماءَ المعطرَ
بالغارِ
…فقد أفوزُ “بحمّامِ”
في شمسِ تشرينَ البخيلةِ
وبوجهيَ المنسيّ
في مرآتها الصغيرةِ
التي تخبّئ في صدرها
مرآتِها الصغيرةِ المستديرة…
.

*شاعر وروائي – سوريا
*لوحة الفنان التشكيلي اسماعيل نصرة – سوريا

.
لمتابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى