متى يواجه السيسي دواعش الداخل ؟!
د. محمد سيد أحمد – القاهرة
|| Midline-news || – الوسط ..
الدواعش هم رمز هذا الزمان ، جماعة معادية للإنسانية لا تعرف إلا الدم والبحث عن الملذات , وعلى الرغم من تدثرهم زورا وبهتانا برداء الدين الإسلامي حيث أطلقوا على أنفسهم مسمي الدولة الإسلامية فى العراق والشام , ومن هنا أشتق المصطلح فهو اختصار للحروف الأولى من ( دولة الإسلام فى العراق والشام ) , والمصطلح أصبح يطلق مجازيا على نطاق واسع داخل مجتمعاتنا بل وحول العالم كرمز للخسة والنذلة وانعدام القيم والأخلاق وانتهاك الحرمات وحقوق الإنسان بل وسفك الدماء والإرهاب وتدمير الحضارات الراسخة فى التاريخ والقضاء على التراث الإنسانى الحضارى والسعى لتدمير الأوطان وتنفيذ مخططات تقسيم وتفتيت مجتمعاتنا العربية لصالح المشروع الأمريكى – الصهيونى الذى يبتكر يوميا آليات جديدة لتدميرنا والإبقاء على تخلفنا وأخيرا تفتق ذهن الجالسون فى واشنطن وتل أبيب عن اختراع آلية جديدة لتدمير مجتمعاتنا من الداخل وهى داعش وهى التطور الطبيعي لقوى الإسلام السياسي التى أخذت أشكال متنوعة بدأت بجماعة الإخوان المسلمين ثم السلفيين ثم الجماعات الجهادية ثم تنظيم القاعدة وأخيرا تنظيم داعش.
إذاً المقصود هنا بدواعش الداخل هم أعداء الوطن الذين يعملون لصالح المشروع الأمريكى – الصهيونى والذين يريدون تمزيق المجتمع المصرى ونشر الكراهية والبغض بين أبنائه والذين يقومون بأفعال ويتبنون سياسات معادية للغالبية العظمى من شعب مصر ويدفعون الفقراء والكادحين الى الكفر بالوطن الذى تجهض أحلامهم البسيطة والمشروعة فوق ترابه , وعلى الرغم من ثورتهم مرتين من أجل تحقيق العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية فى أدنى درجاتها إلا أن نتائج ثوراتهم تأتى بالعكس فتزداد آلامهم ومعاناتهم أكثر فأكثر لدرجة أصبح فيها الموت أحد أحلامهم للتخلص من واقعهم الذى يأسوا من إصلاحه وتغييره.
أعتقد أن الصورة قد أصبحت جلية الآن فدواعش الداخل يمكن حصرهم فى رموز فساد نظام مبارك الذين مازالوا يسيطرون على مقدرات البلاد فعلى الرغم من خروجهم من المشهد السياسي ظاهريا وجلوسهم فوق مقاعدهم الوثيرة بقصورهم التى شيدوها على جثث المواطنين الذين سرقوا ونهبوا ثروات بلادهم إلا أنهم قد نجحوا فى الدفع بصبيانهم من الصفوف الخلفية للحزب الوطنى ولجنة سياساته ليجلسوا مكانهم على مقاعد الحكومة ومجلس النواب وينفذون تعليماتهم باستمرار السرقة والنهب لثروات الشعب والضغط أكثر وأكثر علي الفقراء والكادحين ومعهم الشرائح الطبقية الوسطى التى كانت فيما مضي مستورة لكنها تعاقب الآن على خروجها ومشاركتها فى الثورة ضدهم, لذلك لا عجب عندما تشهد العديد من حالات الانتحار نتيجة للفقر وعدم القدرة على العيش فبعض الأسر تقوم بعمليات انتحار جماعي لدرجة جعلت بعض المفكرين الاجتماعيين يتحدثون اليوم عن ظاهرة الفقر الانتحارى. هذا الى جانب سقوط أبناء الطبقة الوسطى من فوق السلم الاجتماعى ليستقروا فى قاع المجتمع .
والى جانب هؤلاء الدواعش هناك دواعش آخرون يتمثلون فى بعض القوى المتدثرة برداء الدين والذين تمكنوا خلال فترة حكم مبارك من التغلغل داخل كافة مؤسسات الدولة وهم خلايا نائمة تتربص بالوطن وقد ظهروا علانية أثناء حكم محمد مرسي وجماعته الإرهابية وعلى الرغم من الاطاحة برموز الجماعة من المشهد السياسي والدفع بهم خلف قضبان السجون إلا أن هؤلاء الدواعش مازالوا يجلسون فوق مقاعدهم داخل مؤسسات الدولة ويمارسون مبدأ التقية ويسعون الى التخريب بشكل خفي والى إثارة الفتنة وتقليب المواطنين على رأس السلطة السياسية وكذلك على الجيش , والغريب حقا أن الأجهزة الأمنية تعرفهم وبالاسم ورغم ذلك تتركهم يعيثوا فساد فى الأرض وينشرون الفتنة والبغضاء بين جموع الشعب .
وهنا يأتى السؤال ، الى متى يؤجل الرئيس السيسي مواجهته مع دواعش الداخل ؟! فالدواعش الذين يتربصون بالوطن في الخارج يواجههم الجيش وبحسم ، فالمعركة مستمرة معهم منذما يزيد عن الثلاث سنوات فى سيناء وعبر الحدود الشرقية كلها , وكذلك معركتنا معهم عبر الحدود الغربية مع ليبيا معروفة ومعلومة وأن كانت بعيدة عن دائرة الضوء , وأيضا عبر حدودنا الجنوبية مع السودان , نقدر دور جيشنا الوطنى فى معركته مع دواعش الخارج لكن تأجيل المواجهة مع دواعش الداخل يدفع الفقراء والكادحين الى الكفر بالوطن ويعجل بثورة جياع فالفقير الجائع لا يملك ما يخاف عليه , خاصة وأن دواعش الداخل يدفعونه للانتحار مجموعة منهم بإفقاره ومجموعة أخرى بإثارته , لذلك يجب على الرئيس السيسي التحرك فورا لمواجهة دواعش الداخل ، رموز فساد نظام مبارك ، ورموز وأتباع الجماعات المتدثرة برداء الدين القابعين داخل مؤسسات الدولة قبل فوات الأوان , مواجهتهم قبل أن نصل إلى يوم لا ينفع البكاء فوق أطلال الوطن , اللهم بلغت اللهم فاشهد .
*كاتب وباحث مصري