رأي

لم ينجح أحد ! بقلم روعة يونس

 



الوسط -midline-news

روعة يونس

خلال قيامي ببحث خاص عن الشعراء السوريين. اطلعت على مجلّد قسم الشعراء في وزارة الثقافة السورية، فوجدت أنه يضمّ نحو 500 شاعر. ويقلّ العدد إلى النصف في قائمة اتحاد الكتّاب العرب. بينما في ويكيبيديا بلغ العدد 180 شاعراً. وفي كل تلك القوائم، يمكن للمهتم والمعني بالحركة الشعرية، أن يتعرف كأقصى حد إلى عشرة منهم، أبرزهم: نزار قباني وأدونيس ومحمد الماغوط وشوقي بغدادي ونزيه أبو عفش وممدوح عدوان (مع غياب شبه تام لأسماء الشاعرات) أما في قوائم الفيسبوك فهناك ما لا يقل عن مليون شاعر وشاعرة!
إنما كيف حقق نجوم القرن الماضي؛ انتشارهم وشهرتهم في ظل غياب وفرة وسائل الإعلام والفضائيات والتواصل الاجتماعي؟ وكيف يمكن للمنطق أن يفسّر
عدم حصول أي شاعر أو شاعرة في ألفيتنا الجديدة على النجاح والشهرة والنجومية، رغم تعدد وسائل الإعلام والفضائيات وظهور وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على ثقافات الشعوب؟
كان ظهور شعراء الأمس في سماء الشعر أشبه بالقمر. كل منهم كان قمراً أضاءت تجربته أمامنا وشكّلت مع تواصل نجاحاتها واستمرارية تألقها وانتشارها حركة شعرية متكاملة. كانوا قلة وتركوا لنا الكثير. بينما شعراء اليوم، نجوم تومض في سماء الشعر وتنطفئ دون أن تنير شيئاً. إنهم كثرة ولا يتركون أثراً.
كل تساؤل، يحمل على متنه الإجابة! فهناك العديد من المراكز الثقافية والبرامج التلفزيونية والمطبوعات والصفحات الأدبية التي تضخ وتنشر نصوصاً للشعراء وتقيم أمسيات وتوقيع إصدارات، فلمَ لا يلمع منهم أحد ويستقطبه الإعلام والمحافل الدولية؟ لأنه كما أسلفت “الإجابة في متن السؤال” هم كثر ومتشابهون، والمؤسسات الثقافية تعبئ بهم فقراتها وتبتلع واحدهم بانتظار الوجبة الثانية فالثالثة. والجمهور المتلقي شبع ونفر من شعراء الفيسبوك وغيرهم، رغم تفوق الشعر وتوفر إبداعات حقيقية رائعة، لا تجد في هذا الزحام باباً تلج منه إلى الناس.
لذا لا بد من إقامة مؤتمر خاص بالشعر، لغربلة الشعراء وتصنيفهم، ومعالجة هذا الواقع وتغييره، وإعادة الشعر السوري إلى الواجهة وإلى الإعلام العربي والغربي.
التطرق للغرب؛ يذكّرني بأسماء تعدّ على أصابع اليد الواحدة، ممن لجأت في الحرب إلى دول الغرب. وشكّلت تجمعات شللية، فساهم إعلام الغرب في ذيوعها وانتشار أمسياتها، وترجمة بعض القصائد الشعرية لها، لا إيماناً بأصحابها! بل لأن محتواها يتطابق مع سياسات تلك الدول المعادية لسوريا. وهي قصائد أو عصائد هجاء لبلدانهم وشعوبها! كما كان أجدادهم قبل مئات الأعوام يهجون القبائل والديار التي يفشلون في غزوها ونهبها! ويهجون معها أفراد قبيلتهم الذين رفضوا الغزو والقتل والنهب والسبي.
إنما، سواء كان الشعر داخل سوريا أو خارجها، ثمة معادلة غريبة عجيبة: نحن في زمن تفوق الشعر، لكن الشعراء لم ينجح منهم أحد!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى