إضاءاتالعناوين الرئيسية
لعنة الأمّهات المقهورات … رانيا كرباج
يبدو أنّ لعنة الأمّهات المقهورات – المقدّسات ستظلُّ تلاحقنا. إن لم تصدّقني راقب خطاك, ستجدُ أثرهنّ حولَكَ أنّى اتّجهت على هيئةِ تعويذةٍ أو دعاء، أو وجهٍ مُثقلٍ بالحزن والأسئلة, أحياناً يشدّكَ هذا الأثرُ نحو دروبٍ قد لا تشبهك, وأحياناً أخرى يكبّلُ يدَيكَ وقدمَيكَ و عقلَك.
طبعاً ستقولون: هذا كلامٌ يشبهُ الكفر إذ يمسُّ أحدَ مقدّساتِنا. لكنّنا في الحقيقةِ كي نتحرّرَ من إحساسِنا بالذنب تجاهَ الوجهِ المؤنّث الذي أقصَيناه, رسمنا هالةً مقدّسة و قُلنا على الأنثى أن تكونَ أمّاً صالحة و تجلس داخلها, أمّا كل ما هو خارج حدود هذه الهالة فهو مثيرٌ للشكوكِ والشبهات, لا يهم إن كان الوجهُ الأنثوي الذي قدّسناهُ حزيناً أو مقهوراً, المهم أنّنا أخيراً تخلّصنا من “عشتار، وإينانا، والليليت، وهيباتا) وصولاً إلى “مريم المجدلية” ولا وجود بعدَ الآن لأي جانب أنثوي في حياتِنا سوى الأم المقدّسة ” المقهورة” في أغلبِ الأحيان.
.
لكن هذا تشويه لإنسانيتنا ولن يمرّ دون أن يشوّهنا, في الحقيقة إن آثارهُ علينا كمجتمعات لا تُعَد ولا تُحصى, يكفي أنّنا صنيعة أمّهات مقهورات, تخيّلوا أي منتجٍ رديءٍ إذن نحن ! هكذا تقولُ الرياضيات, أمّا في الواقع ولحسنِ الحظ فإنّ بيننا من تحرّروا واستطاعوا أن يكونوا صنيعةَ ثقافتِهم وإرادتِهم, وإذا كان لحرية الإنسان معنى فهي هنا حيث يستطيعُ أن يتخلّص من قيودِ الماضي ويصنع ذاتهُ, بعضهم يطلقُ على هذه العتبة كلمة “وعي” إذ لا بدّ أن تعي أنّك مستعبدٌ مما ليس منك كي تبدأ رحلة التغيير.
طبعاً ستقولون: هذا كلامٌ يشبهُ الكفر إذ يمسُّ أحدَ مقدّساتِنا. لكنّنا في الحقيقةِ كي نتحرّرَ من إحساسِنا بالذنب تجاهَ الوجهِ المؤنّث الذي أقصَيناه, رسمنا هالةً مقدّسة و قُلنا على الأنثى أن تكونَ أمّاً صالحة و تجلس داخلها, أمّا كل ما هو خارج حدود هذه الهالة فهو مثيرٌ للشكوكِ والشبهات, لا يهم إن كان الوجهُ الأنثوي الذي قدّسناهُ حزيناً أو مقهوراً, المهم أنّنا أخيراً تخلّصنا من “عشتار، وإينانا، والليليت، وهيباتا) وصولاً إلى “مريم المجدلية” ولا وجود بعدَ الآن لأي جانب أنثوي في حياتِنا سوى الأم المقدّسة ” المقهورة” في أغلبِ الأحيان.
.
لكن هذا تشويه لإنسانيتنا ولن يمرّ دون أن يشوّهنا, في الحقيقة إن آثارهُ علينا كمجتمعات لا تُعَد ولا تُحصى, يكفي أنّنا صنيعة أمّهات مقهورات, تخيّلوا أي منتجٍ رديءٍ إذن نحن ! هكذا تقولُ الرياضيات, أمّا في الواقع ولحسنِ الحظ فإنّ بيننا من تحرّروا واستطاعوا أن يكونوا صنيعةَ ثقافتِهم وإرادتِهم, وإذا كان لحرية الإنسان معنى فهي هنا حيث يستطيعُ أن يتخلّص من قيودِ الماضي ويصنع ذاتهُ, بعضهم يطلقُ على هذه العتبة كلمة “وعي” إذ لا بدّ أن تعي أنّك مستعبدٌ مما ليس منك كي تبدأ رحلة التغيير.
.
لعنة الأمّهات المقهورات
نحن كشعوب لم نبلغ للأسف هذه العتبة, طالما أنّ المرأة في مجتمعاتِنا ما تزالُ محتجزة في سجنها المقدّس والويل لمن تفكّر في الخروج, إذ ستُرمى في جهنّم من الريبة والشكوك خارج جنّة المثالية والصورة النمطية المقبولة في المجتمع, لا أدري كيف وسوسَ لي الشيطانُ يوماً فوضعتُ قدمي خارج الهالة ومن شدّةِ الخوفِ الذي اعتراني رحتُ أهرول, كنتُ كلّما شعرتُ أنّني على مسافةٍ آمنة قرفصتُ تحتَ شجرةٍ و كتبتُ قصيدة, كنتُ كلّما كتبتُ قصيدةً تناهى إلى مسامعي صياحُ الغاضبين, إنّها حواء التي أخرجتنا من الجنة لن نتركها تهرب بفعلتِها هذه المرّة, قد تكون جدّتها الليلت الأدهى و الأمر, هيّا لا بدّ أن نقبضَ عليها قبلَ أن تفسدَ عقولَ الكثيرات, لكن احذروا أن تكونَ “ميدوسا” وتصطادكم بجمالِها.
.
.
صحيحٌ أن بعض النساء قاهرات صاحبات كيدٍ عظيم, لكن أحياناً يكون الوجه الآخر للكيد هو ضعف و دونية ومحاولة بائسة لترميم ذاتٍ متكسّرة, أتساءل هل سمحنا للمرأة أن تكونَ ذاتها بصدق ودونَ مواربة كي نتّهمها بالكيد والحيلة, في النهاية هي كيان كامل مهما حاولت الشرائع والمعتقدات إنكار هذه الحقيقة, والكيان خُلِقَ ليكون أما كل كبت يُمارَس عليه إنّما سيؤدي إلى تشويهه, وهنا تحديداً بيت اللعنة, الأنثى المشوّهة ستنقل إلى محيطِها مشاعر وأفكار مشوّهة لن نبرأ منها لا كذكور ولا كإناث, إنّها تحوّل كل السلبية والنقص الذي جُبِلَت عليه إلى دوامات تحتجز فيها مجتمعات كاملة من صغيرها إلى كبيرها, إنّها ستنسُجُ أولادها وأحفادها وصولاً إلى أزواجِها على منوال القهرِ والكبتِ والحرمان الذي بداخلِها والذي تخالهُ حقيقة وطريقة حياة وعليكَ أن تكونَ بطلاً كي تجدَ طريقَ النجاة.
.
.
من حسنِ حظّي أنّني وجدتُ في كتابة القصائد خلاصي, إذ أنّها كانت تحرّرني فأهرول في كل مرّةٍ أبعد, كثيراً ما كنتُ أضعف وأشعرُ أنّني وحيدة في رحلَتي لكن أثر خطا الذينَ سبقوني كان يمنحُني القوة فأكتب وأكتب وكلّما خلتُ أنّني تحرّرت حطَطتُ رحالي لبرهةٍ لأكتشفَ بعدها أنّني لازلتُ في بدايةِ الرحلة, قد تجدون أنّ الطريقَ مُضنية لكن صدّقوني لا غايةَ ولا هدف أسمى لرحلةِ الإنسانِ هنا سوى امتلاك الجرأة من أجل المضي قدُماً على درب جلجلةِ حرّيته, في النهاية لا خلاص للجماعة إلّا بخلاصِ الفرد, نحن بحاجةٍ إلى أبطالٍ يغيّرونَ المشهد أمّا الأمواتُ فيُكرّرون الأدوارَ فحسب.
مع أنّني قطعتُ مسافةً طويلةً على الطريق, إلّا أنّني مازلتُ أسمعُ صراخَ الغاضبين “لكن لا تصدّقوها لقد علّمنا التاريخُ أنّ الأنوثةَ لعنة, ما أن نعطيها ولو فرصةً صغيرة حتى تتمدّد وتتفرّع وتخالُ نفسها إلهةً وتسرقُ منّا العرش”.
.
.