قناة تلاقي .. وداعاً
طارق عدوان ..
|| Midline-news || – الوسط ..
كانت بشرى رائعة افتتاح قناة جديدة طابع مدني وإسم سوري بعيد عن أي حسابات سياسية أو دينية ، في بداية عمر الأزمة السورية ، وكان المبشر أكثر أن أغلب كوادرها من الشباب ، الذين أخذهم الأمل و الحماسة نحو بعيدٍ اتضح لهم اليوم أنه قريبٌ وحاسمٌ ومفاجئ .
كان الأمل معقوداً على إيجاد قناة سورية مدنية اجتماعية ثقافية ، تحاكي المشاهد السوري على امتداد الرقعة الجغرافية السورية ، وتكسر حواجزَ أصبحت أعرافاً على صعيد الصورة والمقولة في آن ، وكان ذلك هدف الحيز الترويجي منها في بدايات انطلاقها ، حيث تجد في فواصلها الترويجية كاميرا موجودة في الشارع تبحث و تلتقط الجميل لتشكيل مشاهد بصرية قصيرة و سريعة تخدم فحوى الاسم ، تلاقي .
انطلقت القناة ، و بُذل من اجل هذه الانطلاقة جهداً كبيراً جداً ، وكان الهدف بدايةً هو الولوج إلى قضايا اجتماعية وثقافية جديدة لم تطرح سابقاً ، من خلال باقة البرامج الأولى .. وبث روح لونية جديدة على الشاشة السورية .. واستمر العمل الدؤوب والجهد الحثيث قائمين حتى اليوم الأخير قبل إغلاق القناة يوم أمس الجمعة 14\10\2016 .
قد يسألُ سائلٌ سؤال العارف .. ماذا قدمت القناة خلال مسيرتها ؟..
هنا يجب القول ــ ليس بمعرض الدفاع وإنما بدافع المهنية ــ بأنه كان من الواضح جداً مقولةً و صورةً أن القناة تخطو على طريقها الصحيح مع وجود ملاحظات لابد منها في المجال الاعلامي المفتوح على الناس كلهم على اختلاف ذائقتهم و توجهاتهم ، لكن القناة كغيرها من المنابر وقعت في فخ الموديل السوري الاعلامي و الانتاجي .
لا يمكن أن نطلب من القناة أن تنفتح و تأتي بالجديد ، وهي مقيدة ضمن النمط ، حتى وان حاولت جاهدة فعل ذلك ، هي تتحرك ضمن المساحة المتوفرة لها ضمن غطار النمط العام الطاغي على إعلامنا بشكل عام ، كما انه ومن المعروف عالمياً ومهنياً ان المحطات الثقافية و الاجتماعية التي يجب أن تُطرَح بفرادة لتأتي بالجديد ، يجب أن تُدعم إبداعيا وانتاجياً من الفعاليات الثقافية و الاجتماعية في البلاد لتكون جامعة للمقولات و الآراء و الرؤى ، وهذا ما لم يحصل مع قناة تلاقي .
أوليسَ العمل على دعم مثل هذا المنبر انتاجيا و ابداعياً و سقفاً معرفياً و ثقافياً و حتى سياسياً أجدى من إلغائه و وأده تحت عنوان ضغط النفقات .. أو أي عنوان آخر ..
قد يقول البعض أن هذه ارادة المشاهد ..
إن المشاهد يقف أصلاً على حافة هوة عظيمة قديمة تفصله عن بعض إعلامه إن لم يكُ كله ، وهو بأمس الحاجة و الحنين لتطوير منبر مثل قناة تلاقي للتعبير عنه و لمشاهدة صورته .. منبر مدني يجب العمل مؤسساتياً على ترشيقه ومنحه خصوصيته وتأمين قربه من الناس بدلاً من إغلاقه ..
لعل من الانفعالية اللامهنية التطرق للمقارنة مع قنوات أخرى .. إن كانت تستحق الإغلاق أم لا ..في الوقت الذي نفتقد فيه للطقس و الثقافة الانتاجية الاعلامية المتكاملة .. وهذا بحثٌ آخر يفرد له طويل الكلام ..
لكن ومن باب التساؤل أو الاستغراب ، إن كان مبرر الإغلاق هو ضغط النفقات على سبيل الافتراض أو على سبيل ما يُحكى ، لماذا لا يتاح المجال أمام القنوات الخاصة لتتواجد وتخلق مع قنوات القطاع العام طقساً إعلامياً وطنيا صحياً في كل مناحي وميادين الحياة السورية .. وماكانت تلاقي تحبو لتصل إليه ؟؟..
لماذا يجب على منبر مثل قناة تلاقي أن يتحمل وزر النمطية الاعلامية ، ويكون قرباناً إجرائياً موسساتياً ، وهي كانت بمثابة درع المدنيَّة الإعلامي الاجتماعي الوحيد ، مع تسليمنا بالملاحظات التي وضعت على أداءها ، مع الأخذ بعين الاعتبار أسباب تلك الملاحظات ، إن كانت مهنية أم متعلقة بالسياق والمزاج الإنتاجي الثقافي والإعلامي بشكل عام ، وبالتالي خارجة عن إرادتها كقناة ..
” لنا مدنيَّةٌ سلَفَت “.. !!
هل التقينا كفايةً لنرتقي ؟؟ .. هل ارتقينا كفايةً لنلتقي ؟؟.. اسئلة مفتوحة على الزمن و المستقبل ..
تحية لأسرة / تلاقي / إدارةً وفنيين و عاملين .. مع فائق الأسف و التعزية .