د. ميسر كامل يرصد تاريخ الحزن والأسى على جغرافية لوحته “قمر باب توما” ..

|| Midline-news || – الوسط …
روعة يونس
.
أي لوحة تلك التي إذا ما ألقى المتلقي عليها نظرة، استطاع استبيان العصر والسنة واليوم التي أنجزت فيه اللوحة؟.
وتمكّن من رؤية ملامحه ضمن جغرافيتها وقراءة تاريخ حزنه ووجعه؟.
أي لوحة تلك التي لو عُرضت اليوم أدركتَ أنها تخص الأمس البعيد، في زمنٍ وحدثٍ وأناسٍ عاشوا وقتاً عصيباً وألماً كبيراً ؟.
لوحة للفنان التشكيلي د.ميسر كامل، هي النموذج الأمثل , والإجابة الأكمل على سؤالنا.
فهي تستفز الروح قبل المخيلة، طالما المتلقي أمام قمرٍ خلف القضبان؛ أسيرٍ، وضوءه لا يصل لأرواح المعذبين.
أرواحُ النسوة المتشحات بالسواد، الغارقة وجوههن في وجائع الحرب وموت الأحبة وعتمة الفقد.
كأن الأسى هو لونٌ غَـمَـس فناننا ريشته فيه ليلون بشرة وجوه النساء، وولج في الليل يراود لعبة الضوء والظل، تأكيداً على الأحزان والآلام الإنسانية.
خالقاً صور بصرية ووجدانية، لا تخص الملكومات والثكالى فقط، بل تخض كل من يشاهد اللوحة ويقرأ حزنه في ملامحهن.
إن اللوحة أدناه “قمر باب توما”, قمرٌ مثل نسائه, ينوسُ -رغم اكتماله-, يقاوم محاولاً زرع الأمل من جديد، لكن ما يفعل الضوء مع روح مأسورة فجعها الموت!؟.
“تفاصيل الحزن والألم”
أنجز الفنان د. ميسر كامل لوحته “قمر باب توما” عام /1914/ من الإكرليك على قماش بمقاس /100×70/ وعرضت في معرض “تخوم الذاكرة” بمركز ثقافي أبو رمانة شتاء 2019.
اللوحة مقتناة من قِبل الفنان بديع جحجاح.
يروي فناننا لـ “الوسط” قصة لوحته، ويقول : رسمت لوحتي “قمر باب توما” في الفترة التي كانت مدينة دمشق تتعرض لقذائف الهاون، وكان لباب توما نصيب غير قليل منها.
وفي مساء يوم دام ومؤلم -من تلك الفترة- مشيت من باب توما الى القشلة، رأيت حزناً لا حدود له في وجوه النساء وكان القمر شاحباً ومنكسراً كما لم أره من قبل.
حينها رحت أردد مطلع قصيدة للشاعر الكبير محمد الماغوط وكان اسمها “أغنية لباب توما” :
حلوة عيون النساء في باب توما ..
حلوة حلوة .. وهي ترنو حزينة الى الليل والخبز والسكارى ..
عدت إلى البيت ورسمت اللوحة، لأول مرة أرسم بكل ذلك الحجم من الحزن والألم واليأس، رغم أنها كانت ليلة مقمرة.
“كان قمر تلك الليلة لباب توما غير القمر في كل الليالي”.