قبيل أيلول … أحمد علي هلال

ثمة ما كتبته الروائية إميلي نصر الله في روايتها الباهرة «طيور أيلول» ما يستدعي كثافة الشجن سيما وهي تتحدث عمن هاجروا بحثاً عن «أوطان» أخرى، ليأتي –أيلول– كثيمة دالة يتشبع بها الأدب ويشي بها، وأيلول فصل منتظر، بعد جحيم فصول سالفة تركت حرائقها في الذاكرة واليوميات وجففت ماء الأحلام، هو سيرة مواربة لذوات قلقة تواسي كيمياء شغفها، بعيداً أو قريباً من هواجسها، فهل تكون تلك الأرواح «كطيور الحذر» وذلك عنوان دال آخر للروائي إبراهيم نصر الله، لتنتظر بما يكفي تغيراً ما أو أفقاً ما ليطل الحلم قبل العين، وتطل الرؤيا قبل اللغة، فمن اختبر طعوم أيلول ونكهاته الغير –مهدرجة- سيقف على ما يعنيه ذلك الشجن في مثنويات الغياب والحضور والانتظار، ليجترح ما يعادل ذلك النشيج الخفي الذي يتلبس المفردات كلها، ويكاد يمس نداها بدمعة ولو عابرة، ليكون الندى تلك الدموع الهاربة من مآقي لا نسيان لها.
قبيل أيلول
السؤال الكتابة هنا، ما شكلها ما لونها، وليس خفتها أو هشاشتها، سؤال يحفر في ذاكرة الفصول كلها، لتصبح تماماً كما فصول الأرواح في أعالي الغناء، واقتفاء أثر المسرات الباقية، لكن ثيمة أخرى ستبدو موازية بما يكفي، لعلها الحنين بأطيافه كافة، فثمة شاعر إذن قال بألوان الحنين، جاء وهو على سفر ليبث حنينه وذلك الحنين جدلي بطبيعته وفي تركيبه الوطن المرأة الحبيبة،ـ ليعادل ذلك كله بما تقطره الصورة، والصورة عنده تفكر. د. أنيس رزوق وهو يختبر تجربته الشعرية في رحلة إلى اللغة، صدح ببكورية الجمال البسيط كنسمة، والعميق كآهة لائذة وليست ضيفة على متن المفردات، لتتداعى غنائيته صادحة بالمشتهى وبالمؤلوف وباللامألوف، بالممكن من الجمال على دهشته، كمن يخيط جرحاً في اللغة على مهل غيمة تفرش لأيلول بساطاً من الجمر والأحلام.
قبيل أيلول
في الشعر أن تأتي من الغد، لتقبض على خط أفقك، وأن تأتي مثل حلاوة الانتظار لتشع بالحنين ولأزمان قادمة، لتقرأ وكأنك تولد من جديد، كما كلماتك الآتية من مجمر عتيق، ومن ذاكرة تفجر خصوبة راهنها.
.
*كاتب وناقد فلسطيني- سوريا
.
لمابعتنا على فيسبوك: https://www.facebook.com/alwasatmidlinenews